العضو المنتدب لـ"الويلر فريد": تكلفة نسف خط بارليف 200 مليون دولار في 1973 وبعمق 12كم (حوار)

من الفخر أن تجد الصناعة المصرية العظيمة التي شاركت فى أكبر إنجاز قومى على مر تاريخ المحروسة وهو قهر تحطيم خط بارليف الذى إدعى العدو الصهيوني، أنه لا يقهر حيث أكد المهندس حسام فريد العضو المنتدب لشركة "الويلر فريد" التى شاركت فى توريد المعدات اللازمة فى ضخ المياه، أنها حطمت الخط المنيع والمعجزة التى كانت يخشاها جميع القيادات السياسية على كيفية الاستفادة من هذه الطلمبات فى الثورة الصناعية التى أحدثتها مصر بعد حرب73.

كيف شاركتم فى حرب أكتوبر المجيدة ؟

لقد لجأت القوات المسلحة إلى استخدام المياه فى تدمير خط بارليف خاصة أن قبل حرب أكتوبر كثر الحديث عن قوة خط بارليف خاصة بعد عام 1967 أقام العدو الإسرئيلى، ساترا ترابيا عاليا على الضفة الشرقية لقناة السويس وأقام عليه نقاط حصينة وتم إطلاق مسمى خط بارليف على هذا الخط الدفاعى ويرجع ذلك للقائد الإسرئيلى حاييم بارليف، رئيس الأركان الإسرئيلى فى هذا التوقيت، ووفقا لما تم ذكره من معلومات فخط بارليف، بلغت تكاليفه 200 مليون دولار فى هذا التوقيت ويبدأ من قناة السويس وحتى عمق 12 كم داخل شبه جزيرة سيناء ويتكون الخط الرئيسى على إمتداد الضفة الشرقية لقناة السويس وبعده على مسافة 3-5 كم والخط الثانى يتكون من تجهيزات هندسية ومرابض للدبابات والمدفعية ثم على مسافة من 10 -12 كم الخط الثالث الموازى للخطين الأول والثانى وكان به تجهيزات هندسية أخرى وتحته إحتياطات من المدرعات ووحدات مدفعية ميكانيكية وكل هذه الخطوط بطول 170 كم على طول قناة السويس.

لهذه الدرجة كانت صعوبة اختراق خط بارليف ؟

لقد ضم خط بارليف 22 موقعا دفاعيا و26 نقطة حصينة بنيت في جسم الساتر الترابي وتميزت عن غيرها من جهة مواد البناء الداخلة في تكوينها من خرسانة أسمنتية وحديد مسلح من ذلك النوع الذي يستخدم في صناعة قضبان السكك الحديدية للوقاية ضد كل أعمال القصف وكذلك فإن أنظمة التسلح فى تلك النقاط الحصينة كانت فوق العادة من مدافع الهاوتزر عيار185 مم ومرابط للدبابات وقاذفات للقنابل كما كانت تضم مفاتيح مصممة بحيث تحول القناة إلي جحيم وذلك بسكب كميات هائلة من المواد المشتعلة فوق سطح القناة.

كيف كانت فكرة اختراق خط بارليف لديكم؟

لقد اعتمدت الفكرة على استخدام تيار مائي قوي بواسطة طلمبات ميكانيكية لتجريف الرمال وفتح الثغرات في الحائط الترابي، وتلك الفكرة كان المهندسون المصريون قد استخدموها من قبل في بناء السد العالي والقوات المسلحة وفى هذا الوقت لم يكن هناك صناعة مضخات فى مصر، ولقد ظهرت صناعة المضخات ظهرت بعد حرب أكتوبر بسنتين أو أكثر ولقد قامت محافظة القاهرة استوردت مضخات من ألمانيا قبل حرب أكتوبر بدعوى استخدامها فى مكافحة الحرائق، وسافر فريق من سلاح المهندسين العسكريين إلى ألمانيا بصفة مدنية للتدريب على استخدام "الطلمبات".

فيما كان موقف الشركة فى توريد المضخات خلال الحرب؟

لقد قمنا بالتعاون مع آخرين لتوفير احتياجات القوات المسلحة من قطع غيار المضخات، وساعدنا فى تأهيل مضخات متهالكة كانت تمتلكها القوات المسلحة، وجهزنا قطع غيار 16 مضخة فى 48 ساعة فقط، ولم نعلم أن مضخات المياه ستستخدم فى تسييل الساتر الترابى لخط بارليف، ولقد استخدمت القوات المسلحة، مضخات متعددة المراحل في تدمير خط بارليف، ولقد قامت الزوارق البحرية نقلت وحدات المضخات إلى الشاطئ الشرقى للقناة، موضحًا أن وحدات المضخات كانت تتميز بسهولة حركتها، وأن محطات تدمير خط برليف اعتمدت على محركات "ديزل" عملاقة للوصول إلى معدلات ضغط عالية كما أن جنود القوات المسلحة تدربوا على استخدام مضخات المياه لتدمير خط بارليف، حيث قام سلاح المهندسين العسكريين بتدريب الجنود على استخدام "الطلمبات".

كيف كانت فكرة صناعة الطلمبات لديكم؟

لقد بدأت الفكرة بورشة فى حى بولاق الشعبى وتعمل لصيانة المعدات الهندسية وتحديدًا محركات الديزل والطلمبات، وبدأ أواخر الستينيات دخول الهندسة العسكية، وقبل حرب أكتوبر بـ٣ سنوات بدأت طلمبات ألمانية متعددة المراحل وتعطى ضغطًا عاليًا تدخل البلاد، وكانت هناك مشاكل دولية لاستيراد هذه الطلبمات، وبدأت القوات المسلحة تتحرك على أنها جهاز الحماية المدنية، ويسافر أفرادها بالملابس الملكية على أنهم من الدفاع المدنى للتدريب على هذه الطلمبات، وكان منها نوعان، والمطلوب منا أن نقوم بعمل هندسة عكسية لبعض الأجزاء، أى صناعتها بنفس دقتها، وكان سلاح المياه هو المسؤول عن ذلك، وبالتالى لكى تقوم بهذه المهمة عليك استيراد هذه القطع، ما يستغرق مدة طويلة.

بدأنا العمل مع سلاح المياه على هذه الهندسة العكسية، وصنعناها بدقة ومنها ما هو موجود فى المتحف العسكرى، ثم بدأنا الحديث بعد الحرب على وكالة تجارية تستورد هذه الطلمبات الألمانية، واتفق جدى فريد حسانين على أن يكون وكيلًا لشركة "آل وايلر" التى تعد أكبر شركة ألمانية، وحتى عام ١٩٨٢ اقترح والدى إقامة مصنع مشترك، وبالفعل أقمنا هذه الشركة وبدأنا أول تصنيع بحجم عمالة ٩ عمال، وكان العنبر ٣ آلاف متر، ثم أقمنا مسبك حلوان عام ١٩٨٥ ودرَّبنا العمالة فى ألمانيا، وتم تأسيس مكتب فنى، وفى اتفاقية الشراكة مع الألمان كان لدينا بند معين وهو الاهتمام بالبحث العلمى وتدريب سنوى للعمال فى ألمانيا وحضور خبراء لمصر، ثم حصلنا على توكيل طلمبات الصرف، ومن هنا بدأ الابتكار بأيادٍ مصرية، لأن الريشة فى الطلمبة المستوردة تسمح بمرور مخلفات حجمها ٨٠ ملليمترًا، بينما فى مصر يحتاج الصرف إلى طلمبات ذات ريش تسمح بمرور ١١٠ ملليمترات، فبدأنا بتطوير الفكرة وتم تصنيعها بطريقة بلدى، ثم قمنا بتحويل هذا الفكر إلى سوفت وير، وتم تأسيس مركز للبحث العلمى فى الشركة، وتصنيع ماركة باسم الشركة المصرية.

كيف تم استخدام فكرة الطلمبات وتطويرها فى مصر؟

لقد قمنا بتدريب أحد القائمين على مركز البحث العلمى وذلك عن طريق إرساله إلى ألمانيا للحصول على الدكتوراه فى السوفت وير، وخلال عامين عاد ليقود الشركة إلى تصنيع جميع أنواع الطلمبات والمضخات التى تخرج كميات كبيرة من المياه، وتم استخدامها مع شركة المقاولون العرب، كما أصبح البحث العلمى فى الشركة نقطة انطلاقة لإنتاج ١٨٥ نوعًا من الطلمبات والماكينات ليصبح حجم العمال الآن ٣٠٠ عامل، وبالتالى أسسنا مركز تدريب لاستخدامه فى التدريب سنويًا، ليمر العامل على هذا المركز الذى يديره أقدم العاملين بالمصنع، وهو المشرف عليه، وعملنا دون تأثر وبحثنا عن احتياجات السوق.

كيف كان تعاملكم مع الهيئة العربية للتصنيع؟

تعاملنا مع الهيئة العربية للتصنيع من أفضل ما يكون فهي أفضل منظومة صناعية فى مصر، وتضم كوادر من أفضل ما يكون، ويساعدوننا عند الأعطال التي نعجز عن حلها أو التعامل معها، لأنها تسبق الكثير بسبب كثرة إنفاقها على البحث العلمى، وسفرهم فى جميع المنح وعلى رأسها اليابانية التى يتميز فيها مندوبو الهيئة بالاستجابة للتدريب، وهم وحوش فى التعامل مع البرامج التدريبية بالخارج، ونلجأ للهيئة فى الإصلاح والأعطال.

ماذا يمثل البحث العلمى لكم فى مجال الصناعة؟

إذا مر عليك كرجل أعمال سنة كاملة دون تطوير المنتج أو الاستعانة بالبحث العلمى تكون قد تأخرت سنة عن السوق واحتياجاتها، ما يساعد فى تدهور صناعتك، والقطاع العام لم يعمل بهذه النظرية، إذ إنه لم يطور من ماكيناته، وهو ما نظر إليه أبى نبيل فريد حسانين رحمه الله، وبدأ فى إقامة مسبك يخرج إنتاجه وسط رعب الجميع ومعارضته، لأن هذه الصناعة مجهدة للغاية، لكن كانت نظرته صائبة، لأن المسبك يدخل فى ٨٠% من عدد من الصناعات، منها القطارات وأغطية البالوعات والطلمبات جميعها تحتاج إلى المسبوكة، وبالتالى أصبح بالبحث العلمى هناك تكامل داخلى فى الصناعة، وأقوم حاليًا بالتصدير لـ ٤٠ دولة منها ٥ دول فى الاتحاد الأوروبى، ومنها ألمانيا، التى كانت الدولة المصدرة لهذه الطلمبات للسوق المصرية، وهو ما يعد إنجازًا فى الجودة المحلي.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً