في تصاعد ملحوظ للأزمة المصرية الفلسطينية، منع أمن المطار دخول المسؤول الفلسطيني جبريل الرجوب، المقرب من الرئيس الفلسطيني محمود عباس والعضو البارز في اللجنة التنفيذية لحركة فتح التي يتزعمها عباس، الأراضي المصرية، وأمرت بترحيله، وأبلغ مسؤلو المطار "الرجوب" أن اسمه مدرج على قائمة الممنوعين من الدخول.
الرجوب كان مدعواً بشكل رسمي لزيارة مصر للمشاركة في المؤتمر الوزاري العربي حول الإرهاب والتنمية الاجتماعية، الذي يعقد في مدينة شرم الشيخ، ولكن فور وصوله مطار القاهرة الدولي وجلوسه في صالة كبار الزوار، انتظر ساعات حتى أُبلغ بأنه غير مسموح له بالدخول، وعليه المغادرة فوراً، وعلى الرغم من سلسلة اتصالات أجراها برفقة دبلوماسيين فلسطينيين، فإن الرد كان من جهاز المخابرات برفض الدخول والمغادرة فوراً، فعاد إلى عمان على نفس الطائرة التي جاء بها.
وأشارت تقارير صحفية، إلى أن العلاقات المصرية الفلسطينية، تمر بأزمة حقيقية، خاصة بعد سحب مصر مشروع إدانة الاستيطان الإسرائيلي، مرورا بالتقراب المصري مع "دحلان"، وحتى التقارب الفلسطينيى مع إيران لدعم قضيتها، حسبما وصفت الصحف الفلسطينية، إلا أن التستر على الخلافات بين البلدين بات زائفا، تمحيه القرارات الأخيرة بينهما، الأمر الذي قاد الرئيس السيسي لاعتماد قائمة سوداء تضم مسؤوليين فلسطينيين أغلبهم أعضاء حركة فتح والمقربين من الرئيس الفلسطينيى محمود عباس.
وحل التقارب المصري مع "دحلان" محل تقاربها مع السلطة الفلسطينية، وعليه استضافت القاهرة، مؤتمرا إعلاميا وورشة عمل للقيادى المفصول من حركة «فتح»، محمد دحلان وأنصاره، ومن بينهم القادة سمير المشهراوى، وماجد أبوشمالة، وخالد سلام، وسفيان أبوزيدة، وأسامة الفرا، وعبدالحكيم عوض، والذى كان من المقرر انعقاده، لبحث آلية ترتيب البيت الفتحاوى الداخلى، ومناقشة عمل ما يسمى "التيار الإصلاحى" لـ"فتح"، خلال الفترة المقبلة والتعاون مع حركة "حماس"، لإجراء الانتخابات المحلية، وبحث عمل المجلس الشبابى.
"طلاق سياسي ودبلوماسي".. هكذا وصف خبراء ومحللين سياسيين ماتمر به العلاقات المصرية الفلسطينية، مؤكدين أن الأزمة وصلت لحد يعصب التعامل معه بين البلدين، خاصة بعد تقارب مصر ودحلان، والذي يرتبط بعلاقة وثيقة مع المخابرات المصرية، في إشارة أن وجود عباس في الحكم يزيد من توتر العلاقات.
وفي سياق متصل، يقول الدكتور رفعت سيد أحمد المحلل السياسي، ورئيس مركز يافا للدراسات، إن الإدارة الفلسطينية وقرارتها الأخيرة، أثرت بشكل سلبي على العلاقات بين البلدين، مشيرا إلى أن مصر حرصت خلال السنوات الماضية على إعادة الوحدة للأراضي الفلسطينية، ورسم خارطة جديدة للحركات الفلسطينية لتعمل على هدف واحد وهو إنصاف القضية واستقلال فلسطين.
وتابع سيد أحمد في تصريحات خاصة لـ"أهل مصر"، أن الأوضاع بين البلدين تأزمت، بشكل كبير بعد رفض فلسطيين وصاية مصر على الشؤون الداخلية لها، خاصة عند التفكك الذي أصاب حركة فتح، وخلافتها المستمرة مع حماس، مؤكدا على أن التقارب الإيراني مع السلطة الفلسطينية، كان هو آخر مسمار في نعش العلاقات بين البلدين.
من جانبه يرى أحمد عجاج الخبير فى العلاقات الدولية، أن الأزمة بين السلطة الفلسطينية ومصر، لن تؤثر على موقفها تجاه القضية الفلسطينية، إلا أن السياسة التي يتبعها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أدت إلى زعزعة وتوتر العلاقات بين البلدين، واصفا منع دخول المسؤول الفلسطيني جبريل الرجوب، للأراضي المصرية، بالصفعة التي وجهتها مصر للسلطة الفلسطينية بعد رفضها تدخلها في المصالحة بين حركة فتح ودحلان.
وتابع عجاج، أن المستقبل سيشهد تطورات كبيرة في الأزمة بين البلدين، وربما يلعب التقارب المصري الأمريكي دورا في تفاقم الأزمة، مشيرًا إلى أن مصر كانت ومازلت الورقة الرابحة لفلسطين في قضيتها ضد الاحتلال الإسرائيلي، وفي حالة ابتعاد مصر عن المشهد، ستكون الخسارة كبيرة للغاية للسلطة الفلسطينية.
وفي تصريحات تليفزيونية، نفى محمود الهباش مستشار الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وجود خلافات حول الثوابت بين مصر وفلسطين، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، حيث أكد "الهباش"، أن العلاقة بين مصر وفلسطين استراتيجية، لا تخضع لتكتيكات العمل السياسي، وأن موقف القيادتين لم ولن يتغير، لافتا إلى أن هناك نوع من سوء الفهم، يمكن تسميتها سحابة صيف وستزول عاجلا أم آجلا، لكنها لا ثؤثر أبدا في الاستراتيجيات التي تربط البلدين.
وتابع "الهباش" خلال تصريحات صحفية، أن العلاقات بين البلدين ربما تمر بخلاف في وجهات النظر، مضيفا: "وهو طبيعي لسنا نسخة كربون، لكن لا يمكن أن يفسد الود الاستراتيجي بين مصر وفلسطين، مشيرًا إلى أن اللقاءات بيم مصر وفلسطين لا تنقطع حتى لا يخلقا مجالا لأي عابث يحاول التشويش على العلاقات المصرية الفلسطينية، أو جهود القيادة الفلسطينية التي تمثل كل العرب، قائلا "أي محاولة للعبث ستبوء بالفشل".