أثارت الفتوى الاخيرة التى خرج بها فى الأيام القليلة الماضية الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، برئاسة يوسف القرضاوى، انتقاد واسع من جانب علماء الأزهر الشريف وعدد من الإعلاميين، وتضمنت الفتوى دعوة المسلمين بالتضامن مع تركيا والرئيس التركى ضد هولندا، في حق مواطنيها في اللقاء بساستهم، والتعبير عن رأيهم في الدول التي يقيمون بها، وأن النظام الذي يدعو إليه أردوغان هو النظام الذي يتفق مع التعاليم الإسلامية، التي تجعل أمير المؤمنين أو الرئيس الأعلى هو رقم "1" في السلطة.
وكانت هذه الفتوى بسبب المشادات التى نشبت بين هولندا وتركيا بعد منع وزيرين تركيين، يوم السبت الماضي، من عقد لقاءات مع ناخبين اتراك في "روتردام" بغرض كسب التأييد لتعديلات دستورية تطرح في استفتاء شعبي الشهر المقبل في تركيا، من شأنها توسيع صلاحيات الرئيس التركي، وصعد الرئيس التركي من هجماته الكلامية على هولندا باتهامها بالمسؤولية عن مذبحة "سربرنيتسا" في البوسنة والهرسك، وهو ما وصفه رئيس الوزراء الهولندي بـ"التحريف الدني".
و لم تكن هذه الفتوى هى الاولى من نوعها، فقد وصف الشيخ يوسف القرضاوي فى شهر ديسمبر من العام الماضى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بأنه خليفة المسلمين وأنه من يحمي الأمة الإسلامية، مما اوضح ان القرضاوي من الداعمين للدولة التركية وسياستها، وانه يستخدم الدين الاسلامى سبيل لهذا الدعم.
و فى بيان سابق دعا القرضاوي أنصاره للمشاركة فى الانتخابات التركية الماضية ودعم الرئيس أردوغان، وافتى بان من لم يشارك يعد اثمًا، وتعدى الخطوط الحمراء بقوله ان جبريل والملائكة يدعمون اردوغان.
و فى نوفمبر من العام الماضى قال القرضاوي فى حوار اقامه مع الاعلامى "سلمان العودة" على قناة الحوار، ان الفلسطينيين ليسوا بحاجة إلى العمليات الاستشهادية التى يتم تنفيذها ضد القوات الإسرائيلية، لكونها غير جائزة فى الوقت الجارى، لانه يرى انه لا يوجد حصار من جانب القوات الاسرائيلية على الفلسطينيين، وان هناك وسائل اخرى يمكن اتباعها بدل من العمليات الاستشهادية، وتجاهل حين ذاك حصار إسرائيل الى ما يقرب من مليون ونصف فلسطينى فى قطاع غزة.
وكانت هذه الفتوي بمثابة تراجع من جانب القرضاوي، لانه فى وقت سابق قد افتي بجواز تنفيذ العمليات الانتحارية ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وعلل سبب هذا التراجع عن الفتوى الأولى فى ان الفتوى الأولى كان لها ظروفها وبنيت على موقف وهو حصار الفلسطينيين من جانب اسرائيل.
و على الصعيد المصرى، اباح القرضاوى قتل الجنود المصريين فى فتوى ضمن سلسلة الفتاوي التى يصدرها الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين، وكانت هذه الفتوي عقب ثورة الـ 30 من يونيو عام 2013، ولم يتوقف سقف الفتاوى عند هذا الحد، فقد خرج القرضاوي بفتوى اخرى تفيد الامتناع عن التجنيد فى الجيش المصرى.
و كان للازهر الشريف دور كبير فى ايقاف القرضاوي عند حده، حيث اقال الازهر الشيخ القرضاوي من من عضوية هيئة كبار العلماء، وقال مصدر مسئول فى الازهر حينها ان الاقالة جاءت بموافقة اغلبية اعضاء الهيئة، وعددهم 20 عضوًا، وان الاقالة نتيجة ما نسب إليه من اساءات إلى شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب والمؤسسة الدينية في مصر.
اما على الجانب السوري، فقد اصدر القرضاوي فتوي يبيح فيها العمليات الارهابية التى يتم شنها على سوريا، اذا كان ذلك الهجوم من جانب الجماعة وعدم القيام بهذا العمل بشكل منفرد حتى لو سقطت نتيجة هذه العمليات مدنيين.
و تعرض يوسف القرضاوي للسجن عدة مرات لانتمائه إلى الإخوان المسلمين، ودخل السجن أول مرة عام 1949في العهد الملكي، ثم اعتقل في عهد الرئيس المصري جمال عبد الناصر ثلاث مرات في يناير سنة 1954م، ثم في نوفمبر من نفس السنة حيث استمر اعتقاله نحو عشرين شهرًا، ثم في سنة 1963.
وفي عام 1961 سافر القرضاوي إلى دولة قطر وعمل فيها مديرًا للمعهد الديني الثانوي، وبعد استقراره هناك حصل القرضاوي على الجنسية القطرية،وفي سنة 1977 تولى تأسيس كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة قطر وظل عميدًا لها إلى نهاية 1990.