اعلان

مصر دخلت مرحل الفقر المائي.. أثيوبيا تقترب من إكمال بناء سد النهضة.. وخبراء: "تأخرنا كثيرًا في حل الأزمة"ً

صورة تعبيرية
كتب : أحمد سعد

يبدو أن الأزمة المائية في مصر، تتجه نحو منعطف سيئ للغاية، فالمخاطر المائية تزايدت في الفترة الأخيرة بشكل كبير، كما أن تصريحات المسؤولين عن الوضع الحالي، غير مبشرة، فمنذ يومين خرج وزير الإسكان علينا بتصريحات مثيرة للجدل خلال مؤتمر صحفي نظمته الشركة القابضة للمياه، قائلًا " لا يخفى على أحد أن مصر دخلت في مرحلة الفقر المائي، وتراجع نصيب الفرد من المياه إلى 700 متر مكعب سنويا، مما يزيد من أهمية التوجه لتحلية مياه البحر".

الأزمة بدأت بعد اتجاه أثيوبيا لإنشاء سد النهضة، والذي من المقرر الانتهاء منه العام الحالي، مما هدد حصة مصر من المياه، وتعددت دوافع أثيوبيا في بناء السد، ومنها تنفيذ عدد من المشروعات المهمة، من ضمنها المشروعات الرئيسية على حوض نهر النيل، ودعم حق دول المنابع في استغلال مياه النيل، إلى جانب العمل على سلب حق الفيتو من مصر، الذي يتيح لها حق الاعتراض على إقامة أي دولة لمشروعات على نهر النيل، أو الاستخدام المطلق لمياه النيل.

سد النهضة أو "سد الألفية الكبير"، كما يطلق عليه، هو سد إثيوبي قيد البناء يقع على النيل الأزرق بولاية بنيشنقول-قماز بالقرب من الحدود الإثيوبية-السودانية، على مسافة تتراوح بين 20 و40 كيلومترا، ومن المرتقب عند اكتمال إنشاءه، العام الجاري، سوف يصبح أكبر سد كهرومائي في القارة الأفريقية، والعاشر عالميا في قائمة أكبر السدود إنتاجا للكهرباء، وتقدر تكلفته بـ4.7 مليار دولار أمريكي، وهو واحد من ثلاثة سدود تشيد لغرض توليد الطاقة الكهرومائية في إثيوبيا.

تصريحات المسؤولين المصريين، جاءت بالتزامن مع المحادثات التي انطلقت في العاصمة السودانية الخرطوم، لبحث عودة مصر لممارسة أنشطتها في مبادرة حوض النيل، وضم الوفد 3 دول هم "مصر والسودان وأوغندا"، ومثل الوفد المصري، في الاجتماع الدكتور محمد عبد العاطي، وزير الموارد المائية والري.

ومبادرة حوض النيل، هي اتفاقية تضم مصر، السودان، أوغندا، إثيوبيا، الكونغو الديمقراطية، بوروندي، تنزانيا، رواندا، كنيا، اريتريا. وفي فبراير 1999 تم توقيع مبادرة حوض النيل بين دول حوض النيل العشر، بهدف تدعيم التعاون الإقليمي بين هذه الدول، وتم توقيها في تنزانيا، بحسب الموقع الرسمي للمبادرة، وتنص علي الوصول إلي تنمية مستدامة في المجال السياسي الاجتماعي، من خلال الاستغلال المتساوي للإمكانيات المشتركة التي يوفرها حوض نهر النيل.

عودة مصر للمبادة، وتصريحات المسؤولين، في الفترة الحالية، أثار جدلا واسعا حول حقيقة المخاطر المائية التي تتعرض لها مصر، ومحاولتها لإيجاد حلول دبلوماسية مع الجانب الأثيوبي والدول الأفريقية، للتخلي عن فكرة بناء السد، أو وضع ضمانات حقيقية لحماية حصة مصر المائية وعدم المساس بأمنها المائي.

وخلال السنوات الماضية، تصاعدت أزمة مصر مع دول حوض النيل، فتطلعات الدول الأفريقية نحو مزيد من التقدم والاتجاه لتغليب المصلحة الشخصية، مثلت تهديدا لحصة مصر في مياه النيل، كما أن استمرار العناد الأثيوبي في أزمة سد النهضة، وانتهاءها من بناء أغلب أجزاءه، دون التوصل لحل دبلوماسي مع مصر، كان ولا يزال يمثل تخوفا لها ويهدد أمنها المائي.

من جانبه، قال الدكتور نادر نور الدين، مستشار وزارة التموين والتجارة الداخلية الأسبق، وخبير الموارد المائية، إن مصر تواجه خطرا حقيقيا، والذي بدأت ملامحه في الفترة الماضية، والذي بدوره يهدد الأمن المائي لها، مشيرا إلى أنها في حالة إتمام بناء السد، ستقل حصة مصر من المياه لأكثر من النصف، وتواجه أزمة حادة، في نقص المواد المائية، وتلبية حاجة المواطنين، مؤكدا أن الحلول التقليدية والرضوخ للأمر الواقع، لا يمكن تقبله ولا يليق بمصر كدولة عملاقة في الملف الأفريقي.

وتابع نور الدين، في تصريحات خاصة لـ"أهل مصر"، أن مصر تأخرت كثير في حلولها للخروج من الأزمة، نظرا لافتقاد البعض للرؤية والخبرة، وخاصة القائمين على الملف المائي في مصر، خلال السنوات الماضية، في ملف إدارة الأزمات، مؤكدا أن الحل الآن للخروج من الأزمة هو التواصل أكثر مع الجانب الأثيوبي ومحاولة ردعه عن فكرة إنشاء السد، إلى جانب البحث في بدائل أخرى لعدم الدخول في أزمات لا يمكن توقعها.

وعن تصريحات وزير الإسكان، علق نور الدين، قائلًا "تحلية مياه البحر أمر موجود بالفعل في دول عدة، إلا أن الأمر وحده غير كافي، ويحتاج لجهود كبيرة، في ظل انشغال مصر بتحديات أخرى منها ملف الإرهاب والأزمات الاقتصادية وغيرها من التحديات التي تواجه الدولة المصرية حاليا، مؤكدا أن حل أزمة سد النهضة أمر لا بد منه قبل قوات الأوان، على حد وصفه.

وفي سياق متصل قال الدكتور أسامه راشد، الخبير المائي، إن أزمة سد النهضة، ودخول مصر في نفق مظلم في انتظار المخاطر المائية، كان يمكن الابتعاد عنه وحله منذ بداية المفاوضات، إلا أن ضعف الوفد المصري ورضوخه لما تطرحه أثيوبيا، أودى بنا إلى ما نحن به الآن، مشيرا إلى أن كل ما تملكه مصر حاليا، هو التفاوض مع أثيوبيا لضمان حصتها من المياه.

وتابع راشد، في تصريحات خاصة لـ"أهل مصر"، أن مستقبل حصة مصر من مياه النيل، في يد أثيوبيا حاليا، وهذا ما دفعتنا له المفاوضات السابقة، متسائلًا" بأي منطق نصل بالمفاوضات لنترك حصة المياه بأيديها دون أي ضمانات، وبالتالي من حقها تفعل ما تشاء، مؤكدا أن الوضع الآن في غاية الصعوبة، وربما تشهد الأيام المقبلة محاولات متعددة من مصر ومفاوضات جادة لمراجعة ملف أزمة سد النهضة من جديد.

وخلال تصريحات تليفزيونية له، قال الدكتور أحمد عبد الدايم، الأستاذ بمعهد البحوث الإفريقية جامعة القاهرة، أن الحقوق المائية المصرية محفوظة بمقتضى الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، لافتا إلى أن إثيوبيا مارست حيل للقفز على الاتفاقيات التاريخية، مشيرا إلى أن مصر يمكنها مقاضاة أثيوبيا دوليا، طبقا للمعاهدات التاريخية بين البلدين، والتي لا يمكن التلاعب بها، لذا على إثيوبيا احترام المعاهدات، مستكملًا "مش هنفتح صفحة جديدة ونلقي بالاتفاقيات التاريخية، إثيوبيا تجاوزت المعاهدات وخالفت القوانين ببناء سد النهضة، والذي يحجز 74 مليار عن مصر".

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
وفد أمريكي في سوريا يناقش مع الشرع إمكانية رفع هيئة تحرير الشام من قوائم الإرهاب