في حملاتها المستمرة لضبط الخلايا الإخوانية، أعلنت وزارة الداخلية، القبض على 8 من عناصر جماعة الإخوان التابعين لجبهة القيادي المتوفي محمد كمال، الخميس الماضي، وقالت الوزارة في بيان لها، إن "الأجهزة الأمنية تمكنت من الوقوف على تحركات عددا من قيادات جبهة كمال من أعضاء اللجنة الإدارية العليا للتنظيم ومسؤوليها بعدد من المحافظات، والذين اتخذوا من مركز للدعاية والإعلان يدعى أدمير بمنطقة مدينة نصر بالقاهرة غطاءً لعقد لقاءاتهم التنظيمية للتخطيط لتحركاتهم الممنوعة قانونا".
وأوضحت الوزارة أن المركز خاص بعضو التنظيم طارق محمد مدني رضوان، وحصلت على إذن النيابة العامة لاستهداف المركز وقت عقد اللقاء التنظيمي.
وخلال السنوات الماضية، وبالتحديد عقب عزل الرئيس السابق محمد مرسي، كثفت القوات الشرطية مجهوداتها للقبض على العناصر الإخوانية، والتي كانت ومازالت تمثل خطرا حقيقيا على الأمن القومي المصري، إلى جانب شنها هجمات إرهابية بالتعاون مع أعضاء تنظيم الدولة "داعش" في المحافظات المختلفة، إلا أنها تعد المرة الأولى التي تحدد فيها القوات الأمنية التابعة لوزارة الداخلية تبعية تلك الخلايا الإخوانية، لـ"محمد محمد كمال" أحد أبرز القيادات الإخوانية في تاريخ الجماعة.
و"محمد كمال" هو من أبرز قادة الإخوان المسلمين بمصر، ومن أرفع الشخصيات الجماعة التي قتلتها قوات الأمن منذ بدء الصراع بين الجماعة والسلطات المصرية عقب عزل الرئيس محمد مرسي، المنتمي للجماعة، في يوليو عام 2013، كما يعد أرفع شخصية بالجماعة تقتل منذ مقتل القيادي ناصر الحوفي المحامي وعضو مجلس الشعب السابق عن الجماعة، وثمانية آخرين من أعضائها في مداهمة مشابهة لمسكن كانوا يجتمعون به في مدينة السادس من اكتوبر في الثلاثين من يونيو حزيران عام 2015.
وخلال تاريخ الجماعة، ظهر جليا الانقسام الذي أصابها، وتحولها إلى جبهتين، أحدهما تابع للقيادي محمد كمال، والأخرى تابعة للقيادي محمود عزت، ويرجع الانقسام إلى اختلاف وجهات النظر حول كيفية إدارة الجماعة، فتيار "كمال" يرفض السلمية والحل السياسي، ويعمل على مواجهة النظام، أما تيار "عزت" يعمل على الإدارة القديمة للجماعة، والتمسك بالسياسة التقليدية.
وردا على سؤال "أهل مصر" حول دلائل تصنيف الخلية الإخوانية التي ألقت قوات الأمن القبض عليها بمدينة نصر، وتصنيفها كخلية تابعة للقيادى محمد كمال، قال اللواء محمد نور الدين، الخبير الأمني، إن تحديد وتصنيف الخلية الإخوانية، أمرا طبيعيًا، ويشير فقط إلى الجهود التي تبذلها القوات الأمنية في مجابهة تلك الجماعات الإخوانية، مؤكدا أن كل الجماعات والخلايا الحالية من العناصر القتالية، التي تتسم بعدم السلمية، والتمسك بالخطط الإرهابية لإقحام مصر في نفق مظلم، إلا أن كافة محاولاتهم باءت بالفشل.
وتابع نور الدين، أن تصنيف الخلية الإخوانية، وتحديد تباعيتها للقيادى محمد كمال، جاء بعد دراسة وفحص لهؤلاء العناصر الإجرامية، وهو ضمن خطط الدولة في الفترة المقبلة للكشف عن هوية تلك العناصر، مشيرا إلى أن الدولة تعي جيدا خطورة تلك الخلايا، وتعلم مصادر تمويلها، كما أن الفترة المقبلة تكثف القوات الأمنية مجهوداتها باستخدام طرق متطورة للكشف عن الخلايا النائمة وتباعيتها والسيطرة على تحركاتها، مؤكدا أن كافة العناصر الإخوانية تقف على حد سواء من الدولة، ولايمكن التفكير في التفرقة بينهم أو الحفاظ على أحدهم كمكسب مستقبلي، إذا حدث تصالح بين الدولة وتلك الجماعات، قائلًا "ملف التصالح انتهى تماما.. ولايمكن التفكير به".
من جانبه، قال الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، أن الإعلان لأول مرة عن هوية الخلية الإخوانية التي ألقت قوات الأمن القبض عليها بمدينة نصر منذ أيام، يعطي دلالات واضحة، حول رغبة الدولة في معرفة العدو الحقيقي ومخططاته المستمرة، مشيرا إلى أن الدولة تفتح باب التصالح أمام كافة القطاعات والجماعات بشرط تخليه عن العمليات الإجرامية، كما أعلنت في وقت سابق تصالحها مع المنشقون عن الجماعة، وأعضاء الجامعة الإسلامية، قائلًا "أعتقد أن كل من يرفض العنف ويتخذ السلمية منهجا له تفتح له الدولة زراعيها للتصالح".
وتابع فهمي، أن جماعة الإخوان عبر تاريخها، وبها انقسامات عدة، أبزرها التيارين "محمد كمال" و"محمود عزت"، مشيرا إلى أن تلك الانقسامات تدركها الدولة بشكل كبير، وتعرف جيدا كيفية التعامل مع الانتماءات المختلفة، مؤكدا أن التعامل مع تلك الانتماءات لن يكون بنفس الطريقة، وبدء الدولة في التصنيف وتحديد الهوية للخلايا، يعد تطورا ملحوظا في الخطط الأمنية لضبط تلك العناصر.