تغيير المناخ خطر يهدد الحضارة

عمرو حسني
كتب : عمرو حسن

من الطبيعي أن يتعرض شخص أو دولة لأزمة أما الكارثة أن يتعرض لأزمة مركبة قد تقضي عليه يوصف هذا حالة مصر صاحبة أكبر عدد من السكان في حيزها العربي وثاني أكبر عدد في إفريقيا بعد نيجريا، بما ينذر بمخاطر فادحة على مصر وأجزاء من أوروبا وآسيا إذا لم تتحرك مصر لمواجهة التغييرات المناخية التي ستؤثر على الصناعة وعلى مياه النيل مما يؤدي إلى قلاقل داخلية وإقليمية، تحاول مصر أن تواجه أزمة ارتفاع درجة الحرارة وتغييرات المناخ خاصة بعد إعلان الموقع التابع للاتحاد الأوروبي "إي يو نيبرهود إنفو سنتر "أن التغييرات المناخية تواجه الاقتصاد المصري.

شبكة الأبحاث التي يمولها الاتحاد الأوروبي “فميز” بينت أن التغيرات المناخية خلال الأعوام المقبلة ستخفض من الإنتاج المحلي المصري وأن هذا التراجع سيستمر كما سيصل إلى 10% من الموازنة العامة خلال عام 2050 فقط.

وخلال تلك الدراسة التي جاءت تحت عنوان "التغير المناخي والنمو الاقتصادي لمصر" دعت شبكة الأبحاث المذكورة بضرورة أن تقيم مصر سريعاً نظاما جديدا للري يكون أكثر فعالية ويحمي المياه في المناطق الزراعية من أجل التخفيف من كارثة التغير المناخية، موضحة أن هذه الطريقة ربما توفر لمصر 4% من الـ 10% من الموازنة العامة المتوقع فقدانها بسبب التغيرات المناخية.

وتوصي الدراسة بسرعة تنفيذ عدة إجراءات، مثل استخدام نظم الري أكثر فعالية وتوفير حماية أفضل للمناطق الساحلية والمزارع، بغية التخفيف من آثار تغير المناخ . واتخاذ مثل هذه الاجراءات الأولية هي وحدها التي تسمح لمصر بالحد من ضياع ناتجها المحلي الإجمالي بنسبة 4 في المائة في عام 2050.

وأوضحت الدراسة إلى أنه بين عام 1960 و1990 فإن درجة الحرارة في مصر ارتفعت نصف درجة مئوية فقط، لكن مع ارتفاع درجة الحرارة خلال الأعوام الأخيرة فإنه متوقع أن ترتفع من الآن وحتى عام 2050 درجتين مئويتين أيضا، وهذا سيكون له تاثير آخر على قطاع السياحة الذي سيكون من أكبر المتضريين من هذا التغير، وكذلك قطاع الزراعة الذي يتأثر كثيرا بدرجات الحرارة، لافتةً إلى أن موجة الحر التى تضرب مصر، تعد جزءا من التغيرات المناخية العالمية، وتوقع أن تتأثر مصر بزيادة متوسط درجة الحرارة على القاهرة بنحو 4 درجات بحلول عام 2060 ،ويتوقع الخبراء انخفاض معدل هطول الأمطار السنوى بنسبة ما بين 10 و40٪ فى معظم أنحاء مصر بحلول عام 2100، مشيرا إلى أن معدل هطول الأمطار السنوى الحالى فى تناقص مستمر .

مصر احتلت المرتبة 31 فى مجموع الانبعاثات بنحو 221,1 مليون طن من ثانى أكسيد الكربون سنويا، مما يجعلنا مسئولين عن 0,6٪ من الانبعاثات العالمية، كما احتلت مصر المرتبة 94 من حيث نصيب الفرد من الانبعاثات بنحو 3 أطنان من ثاني أكسيد الكربون للشخص الواحد وربما تتفاقم النسبة إذا لم تتحرك الدولية المصرية لاحتواء الأزمة.

بدأت مصر تهتم بشأن التغيرات المناخية بعدما جاء تصريح لوزيرة خارجية بريطانيا مارجريت بيكيت في أوائل عام 2007 عندما أشارت إلى النيل سيفقد 80% من تدفقه، وأن أجزاء من الدلتا ستغرق فى مياه البحر، وهو ما أكده الخبير المصرى فى البيئة، الدكتور سامر المفتي، حيث أكد أن مصر سوف تتعرض لكارثة حتى فى حالة زيادة مياه النهر، وذلك لعدم وجود سدود وخزانات تتحمل هذه الزيادة، بينما ستؤدى زيادة درجة الحرارة إلى غرق المناطق المنخفضة فى العالم، ومنها الدلتا، فضلاً عن الانخفاض المستمر للدلتا بسبب السحب المستمر للغاز الطبيعى هذا من جانب.

وقد أكدت تقارير المنظمات الدولية أن مصر ستكون من أكثر الدول تضرراً من هذا التدهور المناخى، ويمكن أنيؤدي ذلك إلى غرق أكثر من ثلث دلتا النيل نتيجة ذوبان جليد القطبين الشمإلى والجنوبى ونحر مياه البحر الأبيض والمتوسط، وفى حالة حدوث هذا السيناريو الكارثى سيتعين على مصر تهجير عدد يتراوح بين 15 و20 مليون نسمة، كما سيتعين عليها مواجهة تبعات فقد أكثر من 15% من أخصب أراضيها ومنتجاتها الزراعية.

ويعرف التغير المناخى بأنه اختلال فى الظروف المناخية المعتادة كالحرارة وأنماط الرياح والمتساقطات التى تميز كل منطقة على الأرض، وعندما نتحدث عن تغير المناخ على صعيد الكرة الأرضية نعنى تغيرات فى مناخ الأرض بصورة عامة، وتؤدى وتيرة وحجم التغيرات المناخية الشاملة على المدى الطويل إلى تاثيرات هائلة على الأنظمة الحيوية الطبيعية.

ونشرت أحد المراكز البحثية المصرية تقريرا عن معهد الاقتصاد الألمانى الذي أشار إلى أن التغيرات المناخية تسببت فى الثلاثين العامة الأخيرة إلى خسائر اقتصادية فادحة وأن موجة الحر التى عمت أوروبا عام 2003 ألحقت خسائر وصل حجمها إلى 17 مليار يورو.

كما يقدر خبراء الاقتصاد بأن خسائر شركات التأمين بسبب الكوارث الطبيعية السنوية المحتملة على المدى القريب بحوإلى 115 مليار دولار، منها 65 مليار الخسائر الأمريكية و 35 مليار دولار خسائر أوربا وحوإلى 15 مليار خسائر اليابان.

وفى نفس السياق كشفت بريطانيا تقريرا سريا لوزارة الدفاع الأمريكية يقول مضمونة (بأن ظاهرة تغير المناخ وافرازاتها الجانبية سوف تفرض اوضاعا خطيرة على الاستقرار السياسى والاقتصادى والاجتماعى بعد وقوع أكثر من 400 مليون نسمةتحت ظروف معيشية متدهورة بسبب الجفاف، ارتفاع درجات الحرارة، زيادة عدد السكان، وتردى النشاط الاقتصادي) مما سيسبب ظاهرة التغير المناخى على ظهور وبروز مشاكل متعددة فى أغلب قارات العالم خلال الفترة ما بين (2010 -2030) وهو ما رأيناه بالفعل في دول مثل الصومال وجنوب السودان وعدد كبير من دول إفريقيا.

كما يشير التقرير الصادر عن البنك الدولى فى 7 فبراير 2007 إلى أن كل ارتفاع إضافى لمنسوب مياه البحر قدره 39 بوصة سيؤدى إلى الكثير من الأضرار العالم وخاصة فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إلا أن الضرر الأعظم سيكون من نصيب بعض الدول مثل مصر، وفيتنام في الوقت الذي تعاني مصر من أزمات اقتصادية أثر قيام ثورتين ووجود جماعات متطرفة سيؤدي ذلك إلى انهيار الدولة المصرية وانتشار قلاقل إقليمية في منطقة الشرق لأوسط ستنعكس على أوروبا وآسيا وأميركا.

ويؤكد التقرير ذاته أن ذلك سيؤدى إلى تحويل 56 مليون شخص على الأقل فى 844 دولة نامية إلى لاجئين، بجانب تضرر نحو 30% من البنية الساحلية فى إفريقيا، وهو ما سيؤثر مباشرة على صناعة السياحة، بالإضافة إلى تأثر الناتج المحلى الإجمإلى للقارة الإفريقية بنسبة 2.38%، وسيرتفع عدد الأشخاص الذين يعانون من نقص مياه الشرب من 5 مليارات إلى 8 مليارات شخص.

ولعلنا نرى الأزمة الحالية في أوروبا من صعوبة استقبال لاجئين بعد زيادة أعدادم بدرجة دفعت بعض الأوروبين للتظاهر لرفض استقبالهم نتيجة وجود بعض اللاجئين يقومون بأعمال إرهابية بجانب وجود بعض جماعات متطرفة في أوروبا ترفض استقبال مسلمين أو عرب في بلدانهم وهذا يدل على ضرورة حل الأزمة من أصلها وليس انتظار التهجير كحل أخير وغير مجدي.

وتتلخص مخاطر التغيرات المناخية على مصر في ارتفاع مستوى سطح البحر يمكن أن يؤدى على المدى المتوسط والبعيد إلى تعرض مساحات متفاوتة من دلتا النيل ومحافظات الوجه البحرى لاحتمالات الغرق مما يهدد بفقدان مساحات ضخمة من الأراضى الزراعية الخصبة الآهلة بالسكان ويسبب هجرة الملايين من ساكنى هذه المحافظات إلى الجنوب وضياع العديد من المنشآت الصناعية والسياحية. وأما المشكلة الثانية والتى حذر منها الدكتور محمد عبدالفتاح القصاص خبير البيئة العالمى عام 2000 فهى تذبذب إيراد نهر النيل من المياه بحيث يمكن أن يرتفع فجأة بنسبة تصل إلى 28% كما أنه يمكن أن يتناقص فجأة أيضا فى سنة أخرى بنسبة تصل إلى حوإلى 76% وذلك بسبب اختلال توزيع أحزمة المطر كميا ومكانيا وخاصة فوق حوض نهر النيل وجاء ذلك حسب التقارير والدراسات التى أشرفت عليها وحدة التغيرات المناخية بجهاز شئون البيئة.

ويتوقع في منطقة الإسكندرية غرق نحو30% من الأراضى تحت مستوى سطح البحر وهى مناطق تأوى حاليا نحو مليونى نسمة من سكان مصر وتشتمل على مساحات زراعية كبيرة. أما الدكتور إسماعيل عبدالجليل رئيس مركز بحوث الصحراء فيحذر من أن التغيرات المناخية وارتفاع درجة حرارة الأرض وشح المياه وارتفاع منسوب مياه البحر المتوسط من أهم التحديات التى تواجه مصر فى المستقبل القريب خاصة فى ظل احتمال غرق معظم أراضى شمال الدلتا التى تعتبر من أخصب الأراضي.

وجدير بالذكر أنه عُقدت فى عام 2006 ثلاثة مؤتمرات فى باريس وبروكسل وبانكوك، حول التغيرات المناخية، وقد تمخض عن هذه المؤتمرات عدة نتائج منها أن دلتا نهر النيل هى التى توجد بها أراضى منخفضة عن سطح البحر، وبناءًا على ذلك إذا ارتفع سطح البحر من 20 إلى 30 سم فمعنى هذا أننا سوف نفقد 25% من مساحة الدلتا وهذا سيقودنا إلى العديد من المشاكل.

أما الجهود المصرية في هذه الأزمة فكانت بادئ الأمر من خلال توقيع مصر اتفاقية تغير المناخ عام 1994 وفى طليعة الدول التى وقعت على بروتوكول كيوتو للمساهمة فى الجهود الدولية لمكافحة آثار تغير المناخ من خلال التعاون مع الدول الصناعية المتقدمة لإنشاء وإقامة مشروعات ضمن آلية التنمية النظيفة التى قررها البروتوكول والتى من أهم فوائدها توطين واستخدام تكنولوجيا نظيفة فى العديد من المجالات بالإضافة إلى إجراء الدراسات والمشروعات المطلوبة لتفهم مردودات تغير المناخ على مصر ومحاولة وضع خطة قومية لمجابهة مثل هذه الآثار المتوقعة والاشتراك فى المفاوضات الدولية لتجنب فرض التزامات على مصر والدول النامية والتى قد تؤثر على معدلات التنمية بها.

كما قامت مصر بإنشاء اللجنة الوطنية لتغير المناخ ونفذت عددا من المشروعات فى مجال تحسين كفاءة الطاقة وحماية الشواطئ الساحلية واستنباط بعض المحاصيل القادرة على تحمل درجة الحرارة والملوحة كما نفذت دراسة عن الاستراتيجية المصرية لآلية التنمية النظيفة وشاركت فى برنامج تنمية القدرات لخلق كوادر بشرية ومؤسسية للعمل فى هذا المجال الذى يهدف إلى وضع آليات التنمية النظيفة موضع التنفيذ فى مصر من خلال مشروعات تنفذها الدول المتقدمة بهدف شراء حصة من غازات الاحتباس الحرارى فى الدول النامية إلا أن الأزمة تكمن في عدم تعرف المواطن العادي بدوره لتجانب زيادة أزمة تغيير المناخ في مصر.

وقد أنشأت مصر اللجنة الوطنية لآلية التنمية النظيفة التى تهدف إلى الترويج لمشروعات الآلية فى مصر والتأكد من تحقيق هذه المشروعات لأهداف التنمية المستدامة وقد استوفت 29 مشروعا الشروط اللازمة لآلية التنمية النظيفة وتكلفتها الاستثمارية 1100 مليون دولار وتحقق خفضا سنويا أكثر من 5.5 مليون طن مكافئ من ثانى أكسيد الكربون كما تساهم فى توطين تكنولوجيات جديدة ونظيفة وتوفر فرص عمل جديدة وضخ عائدات مالية إضافية إلى الاقتصاد القومى من خلال بيع شهادات خفض انبعاثات الكربون وهناك 7 مشروعات أخرى فى طور الإعداد ليصبح العدد الكلى لمشروعات آلية التنمية النظيفة فى مصر التى تم تقييمها 36 مشروعا.

ومن وجهة نظري فأن حل هذه الأزمة يتطلب إسناد مشاريع حل التغييرات المناخية لشركات ألمانية أو أوروبية في محافظات مصرية متعددة خاصة الدلتا إسناد مباشر وعرض النتائج للحكومة المصرية وعدم الاكتفاء باعطاء مصر معونات لحل الأزمة لوجود بعض شبكات الفساد في مصر التي تتواجد في أي دولة ستعمل على نهب هذه المنحة وصرف القليل منها على المشروع وأكبر دليل على ذلك هو تفعيل بعض الشركات الألمانية لحل مشكلات الطاقة في مصر بنفسها دون الاكتفاء بالدعم المادي لمصر.

يجب أن توجد برنامج لدى الاتحاد الأوروبي يعمل على علاج هذه المشكلة وتحديد تعليمات ينقلها إلى الجانب المصري الذي سينفذها باستخدام القانون للمتجاوزين وباسخدام الإعلام لنشر الوعي وبذلك يحدث التقدم من خلال الوقوف على قدمي العلم والعمل.

يجب أن يدرب الاتحاد الأوروبي المزارعين المصريين على الطرق الصديقة للبيئة من خلال برنامج شامل وليس عن طريق وزارة الزراعة المصرية التي ربما تكون منشغلة بمشاكلها الداخلية فتتناسى دورها المحلي والعالمي.

من الضروري استخدام ممثلين ولاعبين كرة وشخصيات عامة في حملات إعلانية مكبرة تهدف لنشر الوعي حول تغييرات المناخ ومن الضروري كذلك وضع شوط إضافية عند إنشاء المصانع تهدف إلى الحفاظ على البيئة فلك أن تتخيل وجود مصانع ملاصقة لمزارع الأمر الذي يميت المحاصيل ويضر بالإنسان ويقلل الطعام وكل ذلك سيدفع البلاد إلى أزمة وقلاقل ستنعكس على الدوائر الجغرافية والجوسياسية المحطية بمصر.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً