بين حضارة الماضى وطموحات وأمال المستقبل، وفى حضور أكثر من ألفي مشاهد امتزج الفن والثقافة بعراقة وعبق التاريخ لتؤكد مصر للعالم أجمع أنها تمتلك المقومات التى تؤهلها لتصدر المشهد الثقافي مما ينعكس ايجابًا على محاور التنمية.. ظهر ذلك جليًا خلال الاحتفال العالمي الذي أقيم مساء الاثنين 20 مارس، في ساحة معبد الكرنك بمناسبة اختيار محافظة الاقصر عاصمة للثقافة العربية.
انطلقت الفعاليات بجولة لوزير الثقافة حلمى النمنم مع محمد بدر محافظ الأقصر، افتتحا خلالها مجموعة المعارض لمنتجات الحرف التراثية التقليدية بمنطقة البازارات على مساحة الف متر مربع لاعادة أحياء هذه المنطقة بعد أكثر من خمس سنوات بهدف الحفاظ على التراث المصري الأصيل والصناعات الحرفية من الاندثار بجانب دعم مؤسسات المجتمع المدنى المهتمة بهذه الحرف لتقديم منتجاتها للجمهور مما دفع وزير الثقافة للاستجابة لطلب أصحاب هذه الحرف باقامة معرضًا شهريًا في هذه المنطقة.
وأثناء انتقال الحضور إلى المسرح شاهدوا عروضًا لفرق الفنون الشعبية بهيئة قصور الثقافة تضمنت غناء ورقصات فلكلورية منها الصعيدى والنوبى وفنون العصا، بعدها بدأت مراسم الاحتفال على المسرح الذى شيدته دار الأوبرا المصرية فى ساحة معبد الكرنك واستهل بالسلام الوطنى ثم عرض فيلمًا تسجيليًا بعنوان مدينة الشمس عبر العصور من انتاج مركز توثيق التراث الحضارى والطبيعى بمكتبة الاسكندرية تناول تاريخ الأقصر وأهم معالمها التاريخية عبر العصور المختلفة، ثم ظهرت شعلة الثقافة العربية تحملها فتاة ترتدى الزى التقليدى التونسى لتتسلمها منها، نظيرتها المصرية بزيها الفرعونى وتسلمها إلى وزير الثقافة ومحافظ الأقصر وسط حالة من الابهار البصرى نتج عن الاسقاطات الضوئية على جدران معبد الكرنك فى مشهد يرمز إلى انتقال شعلة الثقافة العربية إلى محافظة الأقصر.
وأكد حلمى النمنم، أن الثقافة باتت موضع اهتمام واحتفاء فى كل البلدان العربية حيث انتقلت الشعلة إلى مصر بعد تواجدها فى صفاقس التونسية وسبقها قسطنطينة الجزائرية، ونقل التهنئة عن أحمد أبو الغيط أمين عام جامعة الدول العربية، والدكتور عبد الله حمد بن الحارث أمين عام المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم وتوصياتهما باختيار أكثر من مدينة عربية كل عام لتكون عاصمة للثقافة العربية حتى تظل شعلة الثقافة مضيئة فى أرجاء الوطن العربى.
واستكمل أن إصرار وزراء الثقافة العرب على اختيار محافظة الأقصر، لتكون عاصمة للثقافة العربية نتيجة اعتقاد البعض أن هناك صراع خفى بين الحضارة الفرعونية القديمة والحضارة العربية فكان هذا الاختيار تأكيدًا على امتزاج الحضارات التى احتضنتها أرض مصر وخلقت منها شخصية فريدة ومتنوعة ومتكاملة، وأشاد بالمواقف المضيئة لأهل الأقصر فى مواجهة القوى الظلامية، موضحًا أن مصر كانت وستظل منارة للثقافة والحضارة، مختتمًا حديثه بـ "تحيا مصر" و"تحيا الأمة العربية".
من جانبه،" أعرب محمد بدر محافظ الأقصر، عن فخره باختيار الأقصر عاصمة للثقافة العربية، مشيرًا إلى إعلان محافظة أسوان عاصمة للثقافة الإفريقية يكمل المشهد الثقافي المصري الذى يؤكد ريادتها وسبقها على مر العصور، وأطلق حملة تهدف للقضاء على الأمية فى الأقصر خلال عام 2017.
فيما أعربت الدكتورة حياة القرمازى ممثلة المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، عن تقديرها لمصر وشعبها، مؤكدةً أن الثقافة هى الحصن المنيع ضد الاتجاهات الفكرية المتطرفة، كما أنها همزة الوصل بين شعوب العالم والجسر الرابط بين الماضى والحاضر والمستقبل، مشيرًا إلى أن مشروع العواصم الثقافية الذى وضعت المنظمة برنامجه التنفيذى يهدف إلى تعزيز قيم التفاهم والتسامح بين الشعوب من خلال الدور المؤثر والفعال للثقافة.
ثم بدأت الفقرة الفنية التى قدمتها فرقة عبد الحليم نويرة للموسيقى العربية بقيادة المايسترو صلاح غباشى، بعزف موسيقى الف ليلة وليلة وتألق المطرب التونسى محمد الجبالى فى مجموعة من الاغانى المصرية والتونسية اكدت قدراته الصوتية وسهولة تنقله بين المقامات الموسيقية والطربية منها خلينى جنبك، حمودة، اهواك، سمرا، على الله تعود، قول لى عمل لك ايه قلبى ولامونى اللى غارو منى.. بعد ذلك قدم عازف البيانو الشهير عمرو سليم موسيقى سهر الليالى ثم اعتلى النجم مدحت صالح خشبة المسرح وبدا فى افضل حالاته الفنية نجح فى امتاع جمهور الحاضرين الذين تفاعلو معه فى اغانى زى ما هى حبها، محبتك جنون، ابعد يا حب، بحلم على قدى، ولا تسوى دموع، كوكب تانى، ميدلى لكل من ام كلثوم وعبد الحليم حافظ وثلاث سلامات.
وفى ختام الحفل حرص كل من وزير الثقافة ومحافظ الاقصر على تكريم مطربا الحفل التونسى محمد الجبالى والنجم مدحت صالح باهدائهما درعى الثقافة والمحافظة، صمم الاضاءة فى شكل مبهر وبراق المهندس ياسر شعلان والديكور للمهندسان محمود حجاج ومحمد الغرباوى والصوت المهندس محمود عبد اللطيف واخرجها الفنان خالد جلال.
حضر الاحتفال أكثر من ألفين مشاهد مع عددًا من الوزراء والسفراء العرب، وأعضاء مجلس النواب والفنانين ووسائل الاعلام المصرية والعربية والعالمية.