أثار قرار الرئيس السيسي، منذ أيام، بإنشاء بعثة مصرية دائمة لدى حلف شمال الأطلسي "ناتو"، وتعيين إيهاب فوزي، السفير المصري لدى بروكسل رئيسا للبعثة، تساؤلات عدة حول كيفية مشاركة مصر في مباحثات حلف شمال الأطلسي، وماسيترتب عليه من امكانية تغيير موقفها من الحرب في ليبيا، وسوريا، في إطار مواجهة الجماعات الإرهابية.
حلف شمال الأطلسي "ناتو"، هي منظمة تأسست عام 1949 بناءً على معاهدة شمال الأطلسي، التي تم التوقيع عليها في واشنطن في 4 إبريل سنة 1949، ويوجد مقر قيادة الحلف في بروكسل عاصمة بلجيكا، وله لغتان رسميتان هما الإنجليزية والفرنسية، ويهدف الحلف لحراسة حرية الدول الأعضاء وحمايتها من خلال القوة العسكرية، ويلعب دوره من خلال الأزمات السياسية، وكل الدول المنضمة للحلف، تساهم في القوى والمعدات العسكرية التابع له، ما ساهم في تحقيق تنظيم عسكري لهذا الحلف، كما أن هناك دول ذات علاقات ممتازة بحلف الناتو إلا أنها ليست جزءًا منه رسميًا وتعرف بالحلفاء الرئيسيين لحلف الناتو.
موقف مصر من الحرب الليبية والسورية، بالإضافة إلى اليمن، كان واضحا منذ البداية، فكان موقفها مختلف إلى حد كبير مع اتجاهات الدول العربية والأوروبية، حيث فضلت مصر الحل السياسي، وعدم المشاركة بقوات قتالية والاكتفاء بحماية الحدود في تلك البلاد، ومنها مضيق باب المندب، حيث نشرت مصر مايقرب من 4 سفن حربية وفرقاطة حربية، كما أن الرئيس السيسي أعلن في وقت سابق، أنه لايريد الدخول في حروب لا يعلم مصيرها، ولا مصير البلاد المستهدفة، مشيرًا إلى أن الحل السياسي في تلك الدول وخاصة ليبيا هو الأقرب والأفضل، خوفا من التقسيم وإلحاق أضرار لا تحصى ولا يمكن توقعها في تلك البلاد، كما أن انشغال مصر، بالتصدي للهجمات الإرهابية في سيناء ومحافظاتها المختلفة، كان مقيدا لمصر في تحركاتها الخارجية.
حلف شمال الأطلسي، ناقش خلال اجتماعاته الأخيرة، أزمة بعض الدول التي تعاني من التدهور الأمني، وانتشار الجماعات الإرهابية على أراضيها، وخاصة ليبيا وسوريا واليمن، وكيفية تقديم الدعم المادي والعسكري، لتلك الدول، ومساندتها في الحروب الدائرة على أراضيها.
وردا على تساؤلات "أهل مصر"، هل تغير مصر موقفها من الحرب في ليبيا واليمن وسوريا، بعد تعيينها بعثة رسمية لدى حلف "ناتو"، يقول الدكتور رفعت سيد أحمد، رئيس مركز يافا للدراسات، إن انضمام مصر لحلف شمال الأطلسي، ليس بالضرورة يلزمها بالمشاركة العسكرية، مشيرًا إلى أن المشاركة لن تخرج عن إطار المساهمة المعلوماتية فقط، مؤكدا أن موقف مصر من المشاركة العسكرية في الدول غير المستقرة والمهددة من قبل العناصر الإرهابية، معروف من البداية، قائلًا "يكفيها الخطر الإرهابي الداخلي".
وتابع سيد أحمد في تصريحات خاصة لـ"أهل مصر"، أن الحديث عن مشاركة مصر عسكريا في ليبيا، غير صحيح، وبالمثل فإصدار التصريحات حول إمكانية سماح مصر للدول الأعضاء بالمساعدة العسكرية داخل الأراضي المصرية، مجرد مهاترات، قائلًا "مصر لو أرادت التدخل العسكري والمساعدات الدولية لها في حربها على الإرهاب.. كانت وافقت من زمان دون الانضمام لحلف شمال الأطلسي".
وأكد سيد أحمد، أن مشاركة مصر في مباحثات حلف شمال الأطلسي، ينبع من إحساسها بالمسؤولية تجاه الدول العربية الأخرى، وضرورة المساندة لدعم تلك الدول، وإنقاذها من المستقبل المجهول، على حسب وصفه، مشيرًا إلى أن دخول مصر في تلك المباحثات، يعطي بالتأكيد دفعة قوية، ويساهم بشكل كبير في مهام حلف ناتو.
وفي سياق متصل، يقول اللواء جمال مظلوم، إن مصر على دراية جيدة من الأحداث الدائرة في البلدان العربية الأخرى، وتقدر المسؤولية العربية لديها في تقديم المساهمات لتلك الدول، إلا أن موقفها لن يتغير من المشاركة العسكرية في تلك الدول، ولن تتخلى عن السلاح السياسي للخروج من الازمة، متوقعا أن المباحثات المستمرة، ستتناول تطور الأوضاع في البلدان المهددة، وربما تشهد حلولا جذرية للوضع الراهن والمعقد، حسب وصفه.
وتابع مظلوم، أن العديد من الدول المعادية لمصر، تحاول تصدير مشهد غير صحيح للعالم أجمع، وهو نوايا مصر للمشاركة العسكرية ودعمها للتدخل العسكري في تلك البلدان، دون الاستناد إلى معلومات حقيقية في هذا الشأن، مؤكدا أن الخطر الإرهابي المنتشر في العالم يدعو الجميع للالتفات، وتوحيد الأهداف للقضاء على الخطر الإرهابي بشكل جذري، والتخلي عن حرب الشائعات غير الصحيحة.
يذكر أن تقارير إعلامية تناولت معلومات من مصادر رفيعة المستوى تفيد بوجود قرار بدخول مصر كممثل دبلوماسي في حلف الناتو، مؤكدة أن هذا القرار له أسباب مختلفه وعلى رأسها الأزمة الليبية والأوضاع في سوريا والعراق تحسبا لدخول عنصر عربي للتفاهم مع حلف الناتو، مشيرة إلى أن مشاركة مصر ستكون في الجانب المعلوماتي فقط، ولن يكون لها أي تحرك عسكري.
ونوهت إلى أن هناك عدة امتيازات ستحصل عليها بانضمامها للحزب وعلى رأسها مد مصر بمعدات وأسلحة جديدة لمكافحة الهجرة الغير شرعية، مع بحث الرؤية المصرية في الأزمة الليبية وتأمين السواحل الأوروبية بالتحالف مع مصر.