في مثل هذا اليوم قبل 49 عاما، انتهت -إلى الأبد- رحلة أول إنسان يصعد إلى الفضاء الكوني، إذ اختفى تماما عن عالمنا في كارثة لم يكشف عن تفاصيلها حتى الآن، وهو عالم الفضاء السوفيتي يوري جاجارين.
أسرة فقيرة
ولد يوري جاجارين لأسرة فقيرة في كلوشينو بالقرب من جزاتسك منطقة غرب موسكو في روسيا، عام 1934، وكان والده نجارًا، أما أمه فكانت مولعةً بالقراءة، ترتيبه بين إخوته الأربعة الثالث، أخته الكبرى كانت معنية بتربيته لغياب والديه معظم الوقت لكسب العيش.
كما الكثير من الأسر في الاتحاد السوفيتي عانت أسرته الأمرين خلال فترة الحرب العالمية الثانية وقد فقد شقيقيه أثناء الحرب حيث قام الألمان بأسرهم ولم يعودا حتى نهاية الحرب، لم يتردد أساتذته بوصفه بالذكي، المجتهد، المتفاني في عمله، ترك التحاق أستاذه لمادة الرياضيات بالقوة الجوية للجيش الأحمر أثرًا بارزًا على يوري.
البداية
أمضى يوري طفولته في القرية ثم التحق بالمدرسة في عام 1941 بعد بضعة أشهر من هجوم المانيا على الاتحاد السوفيتي.
وفي 12 اكتوبر عام 1941 احتل الالمان قريته، وشنقوا شقيقه الأصغر بوريس لكن امه نجحت في تخليصه منه عندما توجه الألماني لجلب آلة التصوير.
في 24 مايو انتقلت اسرة جاجارين إلى مدينة صغيرة هي جاتسك "غاغارين حاليًا"، وفي عام 1949 التحق بمدرسة مهنية وفي الوقت نفسه ارتاد مدرسة العمال الشباب مساء.
وفي عام 1955 حين تخرج من المعهد الصناعي حلق لأول مرة بمفرده في الطائرة ياك-18، ونفذ في النادي 196 تحليقا لمدة 24 ساعة و23 دقيقة، وتم استدعاؤه للخدمة في الجيش حين تخرج من كلية الطيران الحربي، وخدم طوال عامين في فوج المقاتلات في أسطول الشمال.
في عام 1959 كتب جاجارين طلبًا لضمه إلى مجموعة المرشحين للصعود إلي الفضاء، وبعد اسبوع نقل غلى موسكو حيث اجريت له الفحوص الطبية اللازمة في المستشفى المركزي للبحوث العلمية الخاصة بالطيران.
وفي العام التالي أجريت له الفحوص في لجنة طبية خاصة اخرى اصدرت قرارًا بأن الملازم أول جاجارين صالح للقيام بتحليقات فضائية.
التحليق في الفضاء
بلغ عدد المرشحين للتحليق لأول مرة في الفضاء 20 شخصًا،وتولى المصمم سيرغي كوروليوف اختيار المرشحين، وكان المهم ان تتوفر في المرشح عدة صفات منها الطول والوزن والصحة الجيدة فيجب ألا يتجاوز العمر 30 عامًا والوزن 72 كجم والطول 170 سم.
ولدى توفر هذه المواصفات فقط يمكن ان يتسع المجال لجلوسه في أول سفينة فضائية "فوستوك"، حيث ان ابعاد ووزن السفينة محددة بقدرة الصاروخ الحامل.
علاوة على ذلك وجب أن يكون رائد الفضاء عضوًا في الحزب الشيوعي السوفيتي انضم يوري غاغارين إلى الحزب الشيوعي السوفيتي في صيف عام 1960.
وتحدد في آخر لحظة المرشح الذي سيحلق في الفضاء، ووقع الاختيار على يوري غاغارين اما بديله فهو غيرمان تيتوف، وتم اعداد ثلاثة انباء لوكالة تاس حول تحليق جاجارين إلى الفضاء.
جرى اطلاق السفينة " فوستوك – 1" في الساعة التاسعة والدقيقة السابعة من صباح يوم عام 1961 من مطار بايكونور، وبعد القيام بدورة واحدة حول الارض هبطت السفينة على الارض في الساعة العاشرة والدقيقة 55 و34 ثانية بعد مرور 108 دقائق.
علما ان خللا في جهاز الفرملة ادى إلى هبوط الكبسولة التي القت جاجارين ليس في المكان المحدد سابقا، ولهذا لم يكن هناك أحد في استقبال غاغارين، وفيما بعد جرى استقبال حافل لجاجارين بموسكو وحصل على الشهرة في العالم.
وفي عام 1962 زار جاجارين مصر تلبية لدعوة المشير عبدالحكيم عامر نائب الرئيس القائد العام للقوات المسلحة في الجمهورية العربية.
وأمضى جاجارين في مصر 7 أيام،ومنحه الرئيس المصري جمال عبدالناصر "قلادة النيل" ارفع وسام في البلاد.
حادثة وفاته
شرع جاجارين بممارسة الطيران بعد تخرجه من اكاديمية جوكوفسكي، وصار يتدرب في الطائرة (ميغ – 15 وت ي)، وقام في الفترة من 13 الى 22 مارس ب18 طلعة لفترة 7 ساعات.
ووجب عليه القيام قبيل التحليق المنفرد بتحليقين اختباريين مع الطيار- المرشد قائد الفوج بطل الاتحاد السوفيتي فلاديمير سيريوجين.
وفي 27 مارس وعند الساعة العاشرة والدقيقة 18 صباحًا انطلق جاجارين وسيريوغين من مطار تشكالوفسكي بضواحي موسكو، وكان المقرر ان يتم تنفيذ مهمة التحليق في المنطقة خلال أقل من 20 دقيقة تقريًبا لكن بعد مضي اربع دقائق ابلغ جاجارين الأرض ان المهمة اختتمت وطلب السماح له بالعودة إلى القاعدة، وبعد ذلك انقطع الاتصال مع الطائرة، وفي الساعة الثانية والدقيقة 50 بعد الظهر عثر على حطام الطائرة (ميغ – 15 وت ي) في مكان يبعد حوالي 65 كم عن المطار.
وتشكلت لجنة حكومية من اجل التحقيق في الكارثة الجوية، لكن اللجنة لم تستطع ان تحدد بشكل قاطع اسباب المأساة حتى بعد مضي عدة اشهر من عمل خبراء اللجنة. وفي النتيجة فرضت السرية على تقريراللجنة، ولا تعرف حتى اليوم اسباب وظروف الكارثة، وتوجد عدة روايات متناقضة للحادث، ووضع رماد رفات غاغارين وسيريوغين عند سور الكرملين.