ما زالت الأزمة بين القضاة والبرلمان تتفاقم، وبخاصة بعد موافقة مجلس النواب على تعديل قانون السلطة القضائية، وهو المقترح الذي تقدم به النائب أحمد حلمى الشريف، وكيل لجنة الشئون الدستورية والتشريعية، لتعديل قوانين السلطة القضائية ومجلس الدولة وهيئة قضايا الدولة والنيابة الإدارية، بشأن طريقة اختيار رؤساء تلك الهيئات، بحيث يكون الاختيار من بين ثلاثة ترشحهم الجمعيات العمومية لتلك الهيئات، ويختار رئيس الجمهورية من بينهم، بعدما كانت الجمعيات العمومية ترشح أقدم الأعضاء، ويُرسل اسمه لرئيس الجمهورية؛ للتصديق عليه.
"أهل مصر" حاورت المستشار أحمد سمير الجمال، عضو مجلس إدارة نادي القضاة لمعرفة موقفه بعد موافقة البرلمان على التعديلات، وعدم الالتفات إلى المشروع الذي تقدم به نادي القضاة بخصوص هذا القانون.
- بداية، ما تعليقك بعد موافقة البرلمان على تعديل قانون السلطة القضائية؟
كل ما حدث مرفوض والاستعجال في مناقشة القانون بهذا المنظر لا ينم إلا عن سوء نية وترتيب مسبق، وكل ما يمكن قوله إن الموضوع أكبر من أن يناقش في دورته العادية.
- هل ترى علاقة بين المشروع الذي تقدمتم به وسرعة موافقة البرلمان على تعديلات القانون؟
نريد التأكيد أننا لم نر من قبل قانونا في تاريخ مجلس النواب يتم مناقشته في اللجنة التشريعية ويتم عرضه في مساء نفس اليوم على الجلسة العامة، بأي عقل أو منطق أو احترام للدستور أن تضع السلطة التشريعية رأس السلطة القضائية في يد رئيس السلطة التنفيذية، ما يحدث ينافي الدستور.
- ما الرسالة التي توجهها إلى اللجنة التشريعية لمجلس النواب؟
ليس بمقدورهم الرد على الأسئلة التي توجهنا بها، حيث إن مادة 186 من الدستور أول سبع كلمات فيها إذا تمكنوا من أن يثبتوا أن ما يفعلونه يطابق ما جاء في نص هذه المادة سنكون أول من يؤيد تعديلاتهم للمشروع، والمادة 186 من الدستور الحالي من يقرأ ما جاء فيها سيعلم أننا وصلنا في مصر إلى وضع مذري، ما حدث اليوم من مناقشة قانون في اللجنة التشريعة في الصباح ويتم عرضه في الجلسة المسائية للجلسة العامة هو أمر لم يحدث من الإخوان أنفسهم.
- هل لدى اللجنة التشريعية لمجلس النواب معرفة بقانون السلطة القضائية؟
أتحدى أعضاء مجلس نواب باستثناء من يفهم قانون ودستور والذين صوتوا ضد القانون خلال الجلسة، ونحن لدينا معلومات وخلفية كاملة في المناقشات التي حدثت اليوم في اللجنة التشريعية، ونعرف الـ24 نائبا الذين وافقوا، وأسباب موافقتهم على هذه التعديلات، كما نعرف الـ 13 نائبا الذين رفضوا، ونعلم من هم النائبان الذان امتنعا عن التصويت وأسباب ذلك.
- هل ترفضون التعديلات التي قدمتها اللجنة التشريعية بمجلس النواب بشكل كامل؟
لم يحدث تعديل إلا على مادة واحدة، المشروع يعدل 4 مواد خاصة بأربعة قوانين، القانون الخاص بكل هيئة قضائية، وما يخصنا قانون السلطة القضائية المادة 44 منه فقط.
- ما هي المشكلات التي ترونها في القانون المقدم من البرلمان؟
قانون السلطة القضائية صدر سنة 72، بعد الانتهاء من دستور 71 بعام، والقانون تم وضعه في ضوء دستور 71، وتم إسقاط دستور 71 عام 2011، وتم وضع دستور في 2012، وبعد ثورة 30 يونيو تم إسقاط دستور 2012، وتم وضع دستور جديد عام 2014، كان هناك كم من المخالفات الموجودة في القانون في دستور 71 عن الدستور الحالي، قانون السلطة القضائية صدر عام 72، وكان أول تعديل له عام 86، عندما تم إنشاء مجلس القضاء الأعلى، وحدث تعديل طفيف له عام 2008 في نطاق مادة أو اثنين.
قانون السلطة القضائية ما زال يسير في ضوء دستور 71 الذي لم يكن فيه استقلال للقضاء، كان وزير العدل له 22 اختصاصا على القضاة داخل هذا القانون، ومادة تعيين رئيس محكمة النقض كانت تقول إن رئيس الجمهورية يختار شخص من نواب رئيس محكمة كي يكون رئيسها، وكان كل ذلك في ضوء قانون 71.
وكذا مادة تعيين النائب العام التي لم يتم تعديلها حتى الآن، وكان أولى بالتعديل، تقول إن المجلس الأعلى للقضاء يرسل 3 أسماء يختار رئيس الجمهورية من بينهم، لكن في دستور 2014 والذي يعد أول دستور يعطي استقلال كامل للقضاء قال في تعيين النائب العام مادة 189 من الدستور الحالي، إن المجلس الأعلى للقضاء يختار نائب عام واحد ويرسل اسمه لرئيس الجمهورية حتى يصدق عليه، وبذلك يكون الدستور الحالي قد أعطى الاستقلالية للمجلس الأعلى في اختيار النائب العام، ومن المفترض بالتبعية أن يكون أول تعديل في قانون السلطة القضائية مادة النائب العام، لأنه بنصها الحالي مخالفة للدستور، كما أنه تم إعطاء المجلس الأعلى للقضاء -بموجب الدستور- حق اختيار النائب العام بأي أحقية يتم نزع من مجلس القضاء الأعلى أن يختار رئيسه.
ما ردكم على موافقة البرلمان على تعديلات القانون؟
قمنا بإعداد مذكرة تفصيلية تتضمن 8 صفحات تفند العوار الدستوري في قانون مجلس النواب.
لماذا قدمتم مشروع قانون للسلطة القضائية؟
لأننا أدرى من أي جهة بالمشكلات الموجودة في القانون، ولا أحد يمكنه أن يزايد على وطنية القضاة، ولم يقف أحد في وجه الإخوان كما فعلنا، ونحن يهمنا مصلحة البلد، وضع طبيعي أن نتعاون من أجل مصلحة مصر، وقدمنا مقترح لمشروع القانون حتى يحافظ على استقلال القضاء، ويكون متوافق مع الدستور.
كيف ترى مستقبل التعديلات التي وافق عليها البرلمان؟
هذه التعديلات مقصود بها شخصيات بعينها، والقانون قاعدة عامة مجردة، ولا يصح أن نضع قانون يستهدف شخص أو أكثر يكون بذلك قد فقد عموميته وتجرده وعدالته، نحن نعود بذلك لعصر ترزية القوانين، وياريت بيفصلوا القوانين صح، زمان كانوا بيفصلوا القوانين صح، لكنهم الأن يخالفون الدستور، وسلطة مجلس النواب في التشريع لا يمكن أن نتدخل فيها احتكاما لمبدأ الفصل بين السلطات الذي لم يحترمونه، إحنا معركتنا معهم ليست معركة قوة أو عضلات وإنما معركة دستور ومشروعية.