"أرحمونا معدناش قادرين ناكل أصلا"، بهذه الكلمات صرخ أحد المواطنين الذين يعانون من لهيب الأسعار بعد الإجراءات الاقتصادية القاسية التي اتخذتها الحكومة في الفترة الأخيرة، في حين أن هؤلاء المواطنون ليس بمقدورهم أن يفعلوا أي شيء سوى التعبير والمطالبة بالرحمة التي نزعت من قلوب المسؤولين، لعلها تلقي من يستمع لها سواء كانوا مسئولين أو أباطرة متحكمين بالأسواق.
ارتفاع الأسعار لم يعد سوى مسلسل متواصل الحلقات لاتنتهي، فبانتهاء إحدى الحلقات تبدأ الأخرى دون أدني رقابة على الأسواق مادفع المواطنين، إلى إعلان مقاطعتهم لأسعار السلع، وهو ما أرجعه عدد من الخبراء إلى عملية تعويم الجنيه وتحكم أباطرة الاحتكار في الأسواق.
من جانبه قال الخبير الاقتصادي وائل النحاس، إن جشع التجار واستغلال غياب الرقابة على الأسواق هي أحد أهم المحاور القوية التي تؤثر علي ارتفاع الأسعار في الفترة الأخيرة، ما يعد ناقوس خطر ينذر بعاصفة قوية في الفترة المقبلة، إذا لم يتم تدارك مثل تلك الأمور.
وطالب الخبير الاقتصادي بضرورة مواجهة ارتفاع السلع الاستيراتيجة التي تمس المواطنين محدودي الدخل، خاصة مع هوجة الارتفاعات التي شهدتها الخضروات في الأيام الماضية سواء في الأسماك أو في الخضروات.
وأشار المقاطعة أحدي الوسائل التي تتخذها الشعوب حينما لا تسطيع الدول الحد من الارتفاع المتلاحق لأسعار السلع، وهي إحدى وسائل الضغط علي التجار وأباطرة الاحتكار للحد من التلاعب بالأسواق، فالمواطنين كيل طفح بهم، علي المسئولين مواجهة تلك الإرتفاعات وإلا سيحدث مالا يحمد عقباه.
وفي سياق آخر طالبت شعبة الأسماك بغرفة القاهرة التجارية، الحكومة بسرعة التدخل، لضبط أسعار الأسماك التي بدأت أسعارها في الإنفلات وبعضها ارتفع بنسبة 100%، بسبب نقص الإنتاج وزيادة الجمارك والحد من الاستيراد فضلا عن فتح باب التصدير للبلطي والبوري لحل أزمة الدولار.
وحذر أحمد جعفر، رئيس الشعبة من زيادة كبيرة في أسعار الأسماك في ظل قرب إستقبال شهر رمضان المبارك الذي تزداد به كميات الاستهلاك،بجانب أنه متبقي شهرين وتتوقف مراكب الصيد،وهو ما يتطلب تدخل عاجل من الحكومة بالاستيراد بنفسها وتسهيل إجراءات استيراد الأسماك للمستوردين بجانب وقف تصدير الأسماك لمدة ثلاثة أشهر لضبط الاسعار خلال شهر رمضان.
وطالب رئيس الشعبة، بسرعة وجود إجراءات إحترازية حتي لا ترتفع أسعار الأسماك من جديد مع دخول شهر رمضان المبارك،خاصة إن الفترة الحالية ارتفع بها سعر كيلو البلطي الي 35 جنيه في الجملة،بعد أن كان يباع بسعر من 10 الي 12 جنيها منذ 6 أشهر والبوري بسعر 55 و57 جنيه في الجملة أيضا.
كما أكد رئيس شعبة الخضروات بالغرف التجارية يحيي السني، أن ارتفاع الأسعار كل يوم أصبح مسلسل لا يتنهي، ولا تسطيع الدولة الوقف في وجهة أباطرة الأسواق التي تتحكم في الأسواق فيها، وكشف علي أن أسباب أرتفاع الخضروات نتيجة ارتفاع سعر الدولار، واعتماد الزراعة بشكل أساسى على خامات مستوردة من بذور وتقاوى ومبيدات حشرية وسماد وانتهاء بالسولار الذى يتم به رفع المياه العذبة من المجارى المائية وتوزيعها على الأراضى بحسب الحصص المخصصة لكل أرض، والسولار المستخدم فى سيارات نقل المنتجات الزراعية من الغيط إلى الأسواق، وطبعا سعر صرف الدولار الجمركى الذى يتحكم فى أسعار السلع جميعها.
وأضاف السني، أن التغيرات المناخية، وعدم الاستخدام الأمثل فى رش المبيدات لمحاصيل الخضروات، واتجاة بعد المزراعين إلى منافذ غير معتمدة لشراء المبيدات، بالإضافة إلى اتجاة المزراعين لمحاصيل الفاكهة ذات العائد الأعلى، تعد أحد الأسباب القوية وراء ارتفاع أسعار الخضروات.
وفي سياق أخر قال محمد زكي أبو شادي وزير التموين السابق في تصريحات خاصة إن الاحتكار أحد الأسباب القوية التي تتحكم في الأسواق، وتتحكم أيضا في أسعار السلع والمنتجات.
وأوضح أبوشادى علي، أن نظام الاحتكار فى مصر هو نظام عائلى متوارث مثلا سوق السمك بغمرة عشرة عائلات يتحكمون بسوق الاسماك وفى سوق رض الفرج عشرة عائلات ييتحكمون بالفاكهه والخضروات وكذلك الامر بمذبح السيدة زينب ومذبح مكى بالجيزة وتجارة الاخشاب بمصر يتحكم بها بمنطقة الزهدى بالاسكندريه 17 فرد نصفهم من الاسكندرية والنصف الاخر من سوهاج لا يستطيع الاقتراب منهم.
وأشار أبو شادي علي أن المحتكرين فى مصر هم من يحددوا الأسعار والكمية دون رقيب عليهم، كما أنهم هم من يتحكمون يتحكمون فى الأسواق دون أي تدخل.
من جانب أخر قال الخبير الاقتصادي محمد الشواديفي مقاطعة المواطنين تعد أحد الحلول القوية، لمواجهة ارتفاع الأسعار قبل شهر رمضان، ولكنها تحتاج إلي تنظيم واتفاق جماعي.
وأوضح إلي أن أسباب إرتفاع الأسعار مؤرق للشعب المصري، ولابد من تفعيل قانون حماية المستلك، وحماية المنافسة والاحتكار التي تضع المواطنين تحت رحمة الأباطرة والمحتكرين.
فيما علق عدد من المواطنين عن غلاء الأسعار فقال محمد محمود "عامل" أرحمونا بقي معدناش قادرين نجيب الخضار أصلا، عاوزين مننا أيه مش عارف السمك اللي كان بديل للحوم، خلاص مش هنقدر نجيبه تاني، وكيلو الطماطم بعشرة جنيه، قولى نأكلو ايه، مش قادرين نشتري حاجة.
وقال الحاجه أم عبدالله ربة منزل "200 جنيه مصاريفنا في الأسبوع أكل، نجيب بيها أيه سمك ولا لحمة ولا فراخ، عاوزين المسئولين يتقو ربنا فينا أحنا بشر، حد يجاوبني أسرة مكونه من خمسة أفراد يأكلو 200 جنيه أزاى في الأسبوع، المصاريف كتير، واحنا مش قادرين.
وتابعت "علي السادة المسئولين النظر إلي الفقراء وأصحاب الدخل المحدود والمعدوم، مش كل الناس، قادره تجيب كليو الطماطم بعشره جنيه.