فى ذكرى ميلاده.. 6 حقائق في رحلة ملحم بركات

ملحم بركات

ولد في بلدة كفرشيما، عام 1942 والده كان نجارًا، مارس الفن كهواية، وكان يدندن على العود، ويرندح أغنيات عبد الوهاب، أمّا ملحم فكان يصغي إليه باهتمام، يراقب أصابع يديه على آلة العود ويتعلّم، وعندما كان الوالد يتغيب، كان الصبي ملحم يقفز ويلتقط العود من على ظهر الخزانة ويدندن عليه، فيجتمع الصبية حوله يصفقون، ويلقبونه "مطرب الضيعة".

بدايته الفنية:

ظهرت موهبته الموسيقيّة منذ كان تلميذًا في مدرسة بلدته كفرشيما، وكان يقوم بتلحين بعض الكلمات من الجريدة اليومية وقام بغنائها في إحدى المناسبات المدرسية.

ويؤكّد ملحم، بأنّ أول لحن وضعه كان نشيدًا لمدرستة في بلدة كفرشيما، وكان ملحم يستمتع بالغناء من جهة لعبد الوهاب، وأغاني أم كلثوم من جهة أخرى.

اشتهر منذ صباه كمغنّ في بلدته، حتّى طُلب منه مرّة الغناء والعزف بين فصلَي مسرحية "جنفياف" التي كانت تُعرض في البلدة، فلفت انتباه الموسيقي حليم الرومي، الذي كان يسكن كفرشيما، فأثنى على موهبته وشجّعه.

في مطلع شبابه طلب ملحم من والده ان يسمح له بدراسة الموسيقى، فكان جواب الأب:"هناك عبد الوهاب في الساحة وتريد أن تصبح فنانًا؟!" ومع ذلك ترك ملحم المدرسة وكان في السادسة عشرة من عمره، وقرر الالتحاق بالمعهد الوطني للموسيقى، فانتسب إليه دون معرفة أبيه، وكان يخبئ كتب المعهد في كيس ورقي يخفيه أمام مدخل منزله، إلى أن اكتشف والده الأمر، الذي عاد وقبل الأمر نظرًا لإصرار ابنه وموهبته الواعدة.

درس ملحم النظريات الموسيقيّة والصولفاج والغناء الشرقي والعزف على آلة العود مدّة أربع سنوات في المعهد الوطني للموسيقى "الكونسرفاتوار"، وكان من بين أساتذته، سليم الحلو وزكي ناصيف وتوفيق الباشا.

رحلته مع الرحبانية:

ترك المعهد قبل إكمال دراسته، فنصحه فيلمون وهبة بأن يتوجه إلى مسرح الرحابنة وهكذا كان، انضم إلى فرقة الأخوين رحباني، لكنّه بعد أربعة أعوام، تركهما لكي يشقّ طريقه الفنيّة ويبني شخصيّته الموسيقيّة الطربية والتلحينيّة المتميّزة لما يمتلكه من موهبة في هذين المجالين، فكان يلحن في مسرحيات الأخوين رحباني، وبرنامج ساعه وغنية الذي سجل في التلفزيون الأردني، وكان على صداقة حميمة مع فيلمون وهبة ابن بلدته، فأثّر فيلمون عليه بلحنه الطربي ذي الطابع الشعبيّ الذي يصنّف ضمن خانة "السهل الممتنع".

وكانا كلاهما يعشقان الصيد، وحياتهما مليئة بالبسمة والطرافة و"خفة دم" ينشرانها أينما وُجدا.

وعن التعامل مع الرحابنة، قال بركات: "ذات يوم قال لي فيلمون وهبة بالحرف الواحد: يا ابني أنت ولد موهوب لكن مع بيت الرحابنة لن تصل إلى الشهرة، إما أن تكون مكان نصري شمس الدين أو أقل منه، ولن يتركوك تتفوق عليه".

وأشار بركات، إلى أن الرحابنة "كادوا أن يربطوني بعقد، لكني لم أقبل، أكملت مسرحية الشخص ورحلت، اتصلوا بي عدة مرات فقلت لهم إنّ مستقبلي ليس عندكم، انطلقت، لو لم أفعل هذا لما انطلقت ولم يكن هناك ملحم بركات".

ويصف عمله مع روميو لحود مشبعًا بالحرية بينما عمله مع الرحابنة أكسبه الخبرة في الحياة وشجعه لأن يصبح فنانًا.

تعاوناته الفنية مع النجوم:

من النجاحات التي عرفها اخيرًا أغنية قدمها لماجدة الرومي بعنوان «اعتزلت الغرام» وأخرى لكارول صقر بعنوان «يا حبيبي تصبّح فيي»، الا ان معظم اغانيه بقيت عالقة في ذاكرة اللبنانيين حتى اليوم. بينها «على بابي واقف قمرين»، «العذاب يا حبي»، «احلى ظهور»، «حمامة بيضا» وغيرها. ويشير ملحم بركات في غالبية احاديثه الصحافية والمتلفزة إلى أن لكل لحن أغنية قصة. وهو يحب التلحين في الصباح الباكر أو عندما يكون خلف مقود السيارة أو على متن الطائرة. من الأغاني التي استوحاها من تلك الظروف «ابوك مين يا صبية لوليد توفيق»، «يا حلوة شعرك داريه» لغسان صليبا، و«حمامة بيضا» التي غناها بنفسه.

يُعتبر ملحم بركات، مجدّدًا في الأغنية العربية واللبنانية وقيل عنه بأنّه "سابق عصره" إذ قدّم نماذج من الأغنية العربية الجديدة منذ ثمانينات القرن الماضي. وهو لم يغنّ إلاّ بللهجة اللبنانية، ليس لعدم اهتمامه باللهجات الأخرى، بل قناعة ووفاء للذين صنعوا الأغنية اللبنانية وأوصلوها إلى كلّ الأقطار العربية والأجنبية، أمثال الرحابنة وفيلمون وهبة وزكي ناصيف وتوفيق الباشا ووديع الصافي وسامي الصيداوي ونقولا المنّي وغيرهم.

أطلق عليه المرحوم الأستاذ جورج إبراهيم الخوري، عندما كان رئيس تحرير مجلّة الشبكة لقب "الموسيقار". ونال جوائز وأوسمة عديدة من دول ومؤسسات والجمعيات.

زواجه:

تزوّج ملحم بركات أولًا من السيدة رندا عازار وهي أم أولاده مجد ووعد وغنوة، ومن ثمّ من مي حريري التي أنجبت له ملحم جنيور والتي عاد وطلّقها.

ومن ذكرياته التي لا ينساها معايشته للراحل فيلمون وهبي، ابن بلدته كفرشيما، فهو رافقه كسائق خاص لاربع سنوات متتالية، فتعلم منه تبسيط الامور.

أما النصيحة التي كان يرددها على مسمعه فكانت: «"لا يتفلسف في التلحين".

أما علاقته بالراحل حليم الرومي، والد المطربة ماجدة الرومي، فكانت أقل عمقًا من تلك التي ربطته بفيلمون وهبي.

والمرة الأولى التي سمعه يغني فيها كانت بالصدفة عندما طلب أحد أقرباء الرومي، من ملحم أن يغني للحضور في مسرحية "جنفياف" بين الاستراحة والأخرى، فأدى أغاني لمحمد عبد الوهاب مثل "يا بابور"، "أحب عيشة الحرية".

آنذاك أعجب الرومي بصوته، لا يحب ملحم بركات أن يستذكر طفولته كثيرًا.

تلك الأيام تشعره بالحنين والحزن معًا.

لا ينسى مثلًا رائحة الليمون التي كانت تفوح في كفرشيما في الربيع، كذلك صوت الفوتوغراف الذي كان مختار البلدة متمسكًا به كأنه جوهرة نادرة تنطلق منها اصوات العمالقة فيجلس ملحم مستمعًا شغوفًا بها.

ملحم بركات، يخشى الأستوديو أو بالأحرى لا يرتاح فيه، لذلك نجد له العديد من الأغاني المدرجة في ألبوماته مأخوذة من حفلاته الحيّة وليس من تسجيلات الأستوديوهات لانه يحب ان يحب ان يتفاعل الجمهور مع صوته لايف عبر المسارح العربية.

وفاته:

في يوم الجمعة 28 أكتوبر 2016، أعلن عن وفاته في مستشفى أوتيل ديو في بيروت، لبنان بعد صراع مع مرض السرطان.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً