الغربة لها ثمن كبير جدا، يدفعه جميع أطراف الأسرة، فما من شئ يذل الأعناق غير المال، الذى يظل رب الأسرة يلهث وراءه من مكان لمكان، حتى يلبى احتياجات أسرته ويضمن لهم حياة كريمة، ويكفيهم شر الاحتياج فى هذا الزمن الصعب والأزمات الاقتصادية التى تعصف بجميع بلدان المنطقة.
ومن بين الأطراف التى يقع عليها عبء كبير بسفر الزوج هى الزوجة، التى تسرد قصتها لنا بتلك الكلمات: "المشكلة أن زوجى مسافر السعودية وسايبنى فى مصر وعندى ولد عمره سنة، وكان اتفاقى معاه أول ما جه يخطبنى إنه هاياخدنى أعيش معاه هناك بس كل شًويه يقولىً الظروف صعبة دلوقتى وصعب أجيبك بس أنا ما بقتش قادرة أستحمل الحياة كده، لا أنا بنت وعايشة حياتى من غير مسؤلية ومرتبطة بزوج وطفل، ولا أنا زوجة وعايشة حياتى زى باقى الزوجات، هو بينزل أجازة كل سنه بس بجد أنا تعبت من الوضع ده وحاسة بملل من حياتى.
لأنى مَش عارفهً أسيب ابنى وأروح اشتغل وفوق ده كله إنى أصلا عايشة فى بيت بابا لأن كل أما بروح شقتىً بيحصل مشاكل بينى وبين حماتى وسلايفى وبكون مظلومة وهو بيجى علّيا عشانً يراضيهم وبحس بقهر دايما بسبب كده الوضع بقاله سنتين كده ومافيش أى جديد فى حياتى غير الروتين الممل.
وكل ما أقوله أنا كرهت حياتى ونفسى استقر زى كل الزوجات وانته يوم ما اتقدمت ليا ماقولتش انك هاتسبنى فى مصر يروح مزعق ويقول "ما كل صحابى مغتربين وزوجاتهم عايشين يربوا اولادهم ومستحملين" بس انا عندى طاقه نفدت ومابقتش قادرهًً أتحمل الحياه بالشكل ده انا بحمد ربنًا طبعا انى احسن من غيرى بس حتى شقتىً ماعنتش عايزه أروحها عشانً المشاكل اللى بتحصل مابقتش عارفهً اعمل ايه ولا استحمل ازاى وهو مابيراعيش حالتىً وبيقولى انتى بتدلعى ومش عايزه تعيشى وكل مايوعدنى انه هاياخدنى ونستقر او ينزل نهائي يعيش معايا على الأقل يحمينى من المشاكل اللى بتحصل مع أهله يغير رأيه ويرجع لنفس الموال ظروفى ومرتبى وعايز أعمل مستقبل لينا.
ماعرفش يعنى أنا أعيش متعذبة عشانً مستقبل ماعرفش هاعيشه ولا لأ، مع العلم إننا الحمدللهً عندنا شقه بتاعته وأرض صغيرة على أدنا وزوجى الحمدللهً إنسان محترم جدا وملتزم ونعم الزوج يشهد الله وبحبه اوى مَافيش حد يقولى طلاق أرجوكم مَش. عايزه أتطلق لأنى مَش هاعرف أعيش من غيره ساعدونى بجد أنا تعبت وكرهت الدنيا والله ومافيش حد حاسس بيا ولا مقدرنى وربنًاً بتمنى الموت عن الحياة الكئيبه دى أنا الحمدللهً منتقبة وملتزمة وعارفه ربنا وقريبة منه ولله الحمد بس تعتب وجبت أخرى والله ماعايزه غير إنى أعيش مستقرة زى كل الزوجات ويربى ابنى معايا زى كل الآباء ياريتً تنصحوني".
مأساة تتكرر كل يوم وتبقى وراء كل باب، كالقنبلة الموقوتة، وذلك بسبب ظروف الشباب الذى يضطر للهجرة والعمل خارج بلده، لأنه لا يستطيع كسب ما يقيم به عوز أسرته من احتياجات، وللأسف ليس للزوجة إلا التحمل بسبب أوضاع الحياة التى تجبرنا على بعض الأمور الخارجة عن إردتنا، فالأوضاع فى البلاد العربية التى فرضت رسوم رهيبة على تواجد الزوجة والأولاد هى التى يعانى منها كل الرجال المغتربين.
وكذلك نهمس فى أذن الزوجة، بأن حال زوجك ليس بأحسن من حالك فهو يعانى ببعدك عنه ويتمنى الاستقرار مثلك ويشعر أنه زوج ويعيش الحياة بسعادة معكى ومع الطفل الصغير، فالحياة "محتاجة القوي مش الضعيف اللي عند أول عقبة بيقع"، فالصبر هو ملاذك فى تلك المحنة وحاولى أن تتغلبى على الفراغ ببعض الأعمال التى يمكن أن تصنعيها فى المنزل إذا كنتى لا تستطيعين الخروج للعمل، حتى تهونى على نفسك، وكذلك يمكن أن تذهبى له فى زيارة قصيرة تنعموا فيها بقضاء وقتا ممتعا.