الفجوة التمويلية في مصر ليست وليدة اللحظة، ولكنها من المشكلات الاقتصادية المزمنة، حيث لا يناسب معدل الادخار القومي مع متطلبات الاستثمار، ففي أحسن التقديرات يصل معدل الادخار القومي في مصر إلى 17% من الناتج المحلي الإجمالي، بينما متطلبات الاستثمار تقتضي أن يبلغ الاستثمار القومي نسبة 25 % على الأقل من الناتج المحلي الإجمالي.
من هنا لجأت مصر إلى اتباع سياسة تشجيع الاستثمارات الأجنبية المباشرة، منذ منتصف تسعينيات القرن العشرين، بعد أن أرهقتها سياسة الاقتراض من الخارج، وتعتبر الاستثمارات العربية أحد المستهدفات المهمة للاقتصاد المصري، إلا أن المكون الأجنبي غير العربي لا يزال هو الأكبر في مصر على مدار السنوات الماضية.
وثمة انتقادات كثيرة وجهت للاستثمارات العربية خلال الفترة الماضية بسبب ضعف تواجدها بالمنطقة العربية، وتركيزها بشكل كبير على التواجد في أمريكا وأوروبا، في الوقت الذي تعاني فيه المنطقة العربية من احتياج شديد لدفع استثمارات تساعد الحد من مستويات الفقر والبطالة عن المجتمعات العربية.
البيانات أظهرت تراجع حجم الاستثمارات العربية في مصر خلال الفترات الماضية، حيث تراجعت تدفقات الاستثمارات العربية إلى مصر خلال الربع الثاني من العام المالي 2016-2017 بنسبة 49%، وذلك على أساس سنوي.
بلغت استثمارات الدول العربية في مصر نحو 375.5 مليون دولار خلال الثلاثة أشهر المنتهية في ديسمبر الماضي، مقابل استثمارات بلغت نحو 732.9 مليون دولار خلال الفترة المماثلة من العام 2015.
فيما بلغت استثمارات الدول العربية في مصر خلال النصف الأول المنتهي في ديسمبر الماضي نحو 1.08 مليار دولار، مقابل استثمارات مماثلة بالنصف المقارن من العام السابق.
جاءت دولة الإمارات على رأس الدول العربية من حيث حجم الاستثمارات العربية في مصر بقيمة بلغت نحو 200 مليون دولار خلال الربع الثاني من العام المالي 2016-2017، ثم السعودية بنحو 63 مليون دولار والبحرين نحو 40 مليون دولار.
ووفقًا للبيانات الرسمية الصادرة عن وزارة الاستثمار المصرية، فإن قيمة استثمارات السعودية في مصر بلغت حوالي 5.7 مليار دولار، حيث تعد المملكة أكبر دولة عربية مستثمرة في مصر، بما يمثل نحو 27% من إجمالي استثمارات الدول العربية في البلاد.
ثم جاءت الكويت في الترتيب الثالث ضمن قائمة أهم الدول العربية المستثمرة في مصر باستثمارات بلغت نحو 2.7 مليار دولار، أي بنسبة 11.2%، ثم مملكة البحرين في المركز الرابع بمساهمات بلغت مليار دولار تشكل نسبة 4.8% من إجمالي قيمة المساهمات العربية في المشاريع الاستثمارية في مصر.
هذا وبلغ حجم الاستثمارات اللبنانية فى مصر حوالى 1.161 مليار دولار بإجمالى عدد شركات مؤسسة نحو 1342 شركة، وفقًا للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة.
وتتركز أغلب الاستثمارات اللبنانية بالقطاع المالي والمصرفي، والصناعات الطبية، ومن المتوقع أن تشهد الفترة المقبلة استثمارات جديدة بقطاعات الكيماويات والزراعة والسياحة.
وزير التجارة والصناعة، طارق قابيل، يقول إن حجم الاستثمارات العربية فى مصر ضئيل، وجار معالجة ذلك الأمر فى وقت قصير، مشيرا إلى أن هناك عراقيل من جانب بعض الدول العربية حيال التجارة المصرية، مثل السودان التى يوجد معها بعض العراقيل منذ أكثر من عام، مؤكدًا ان مستقبل التجارة العربية سيكون أكثر إيجابيًة في المستقبل.
وأوضح "قابيل"، أن عن أن قانون الاستثمار لم يركز فقط على المستثمر الأجنبى فقط، بل يخدم زيادة نسبة الاستثمار فى مصر بصفة عامة، ويتم مناقشته فى البرلمان وهذا شىء صحى حتى لا يكون هناك أخطاء به.
.
من جانبه قال الوزير المصري المفوض في الكويت، مدحت عادل، إن حجم الاستثمارات الكويتية في مصر بلغ 3.7 مليار دولار العام الماضي، بزيادة قدرها 500 مليون دولار حتى فبراير الماضي، مشيرصا إلى أن حجم التبادل التجاري بين الكويت ومصر وصل إلى 500 مليون دلار.
في السياق ذاته أكد الخبير الاقتصادي رشاد عبده، ضعف الاستثمارات العربية في مصر خلال السنوات الأخيرة، مرجعًا ذلك إلى إقبال العرب على الأسواق الأجنبية لكونها أسواق آمنة مقارنة بالسوق المصري الذي يعج بالأزمات.
وأضاف "عبده" في تصريحات لـ"أهل مصر"، أن زيادة الاستثمارات العربية في مصر أمر ضروري يتطلب إجراءات جادة من الحكومة لتشجيعها، يأتي على رأسها قانون الاستثمار الذي لابد أن يتضمن بنود جاذبة للاستثمارات الأجنبية ولاسيما العربية منها.