47 عاما على مذبحة بحر البقر.. دماء "بريئة" لن يمحوها الزمن

في صباح الثامن من أبريل عام 1970، أطلقت القوات الجوية الإسرائيلية، 5 قنابل وصاروخين، على مدرسة بحر البقر في مركز الحسينية بمحافظة الشرقية؛ فدمروها، وقُتل 30 تلميذا وأصيب 50 آخرين، بالإضافة إلى تعرض مدرس و11 عاملًا آخرين بالمدرسة لإصابات.

وعلى الرغم من مرور 47 عامًا، على تلك المذبحة إلا أن أرض بحر البقر ما زالت تحمل دماء الأطفال الأبرياء الذين راحوا ضحية أيدي غادرة لم يحسبوا حساب براءة أطفال لا ذنب لهم، وما زالت قلوب أهالي هؤلاء الأطفال تتأوه لفقدان فلذات أكبادهم دون وجه حق.

الغريب، أن ذكرى المذبحة، على ما يبدو، لم يعد يتذكرها كثيرون، إذ غابت حتى عن محافظ الشرقية، فلم نسمع عنها شيئا على مدى الأيام الماضية إلا خبر بعنوان "ثقافة الشرقية تحيي ذكرى شهداء بحر البقر".

عودة إلى بحر البقربالعودة بالزمن، 47 عاما، نجد أن إسرائيل لم تعترف بفعلتها التي راح ضحيتها زهور لم تتفتح بعد، وبرر موقفها موشى ديان، وزير الدفاع الإسرائيلي حينئذ، بإن "المدرسة التي ضربتها طائرات الفانتوم هدف عسكري، والمصريين يضعون الأطفال فيها للتمويه كسبيل للهروب من هذا الفعل الذي تجرد من كل معاني الرحمة".ولم تكتف إسرائيل بتصريح موشى ديان بل خرج يوسف تكواه، مندوب إسرائيل في الأمم المتحدة، هو الآخر برسالة إلى المنظمة الدولية يبرر بها موقف إسرائيل، عن طريق ادعاء أن الأطفال كانوا يخضعون للتدريب العسكري داخل المدرسة حيث كتب في الرسالة "تلاميذ المدرسة الابتدائية كانوا يرتدون الزي الكاكي اللون، وكانوا يتلقون التدريب العسكري، و قال راديو إسرائيل أن الأطفال الضحايا كانوا أعضاء في منظمة تخريبية عسكرية".

لن نرضخبعد قتل الأطفال، خرجت مصر تندد بالهجوم الوحشي على أطفالها، ووصفته بأنه هجوم لا يمت لمعاني الإنسانية بصلة وأن الهدف من هذا الهجوم هو إجبار مصر على وقف الهجمات التي قامت بشنها على إسرائيل خلال حرب الإستنزاف، والضغط على مصر من ناحية أخرى لإجبارها على الموافقة على مبادرة "روجرز" التي تفيد بوقف إطلاق النار.وكان لحسن الزيات، مندوب الجمهورية العربية المتحدة في الأمم المتحدة آنذاك، دور في أبراز موقف مصر من الهجوم، حيث أرسل مذكرة إلى مساعد السكرتير العام للأمم المتحدة، رالف باتش عبر فيها عن غضب مصر مما فعلته إسرائيل، وطالب بعقد اجتماع عاجل للدول الاعضاء، كما قام وزير الخارجية المصري بعقد إجتماع لسفراء الدول الأجنبية.

أمريكا تهاجم إسرائيلوعلى الصعيد الدولي فقد علقت الخارجية الأمريكية على الهجوم، بقولها إن ما فعلته القوات الاسرائيلية هو أمر مخيف، وما حدث سيكون له عواقب شديدة، وذلك لعدم الالتزام بقرارات مجلس الأمن الخاصة بوقف إطلاق النار.وكان للاتحاد السوفيتي دور هو الآخر في التعليق على الحادثة، حيث أدانت موسكو الحادث وصفته بـإنه رد عاجز ولا يراعي الإنسانية ولا براءة الأطفال، حيث قالت "عندما أرادت إسرائيل اختيار حق الرد فلم تعارك جيشًا بل ذهبت للانتقام من أطفال وهذا رد عاجز وغير إنساني".

السينما تخلّد بحر البقرأما عن وسائل الإعلام فكان لها دور هي الأخرى في الرد على غدر إسرائيل بالأطفال الأبرياء، وعلى رأسها السينما المصرية، حيث خرجت السينما بعدد من الأفلام التى تخلد الحادثة الغير إنسانية، وظهر ذلك في فيلم "العمر لحظة" بطولة الفنان الراحل أحمد ذكي والفنانة ماجدة، وفيلم "حكايات غريب" الذي خرج للنور عام 1992 وقام ببطولته الفنان محمود الجندي والفنانين شريف منير ومحمد منير.

الشعر يروي المأساة

لم تكن السينما وحدها هي من لها دور في توثيق براءة الأطفال التي انتهكت على يد القوات الإسرائيلية، بل وقف الشعر هو الأخر يندد بما حدث، وظهر ذلك على يد الشاعر المصري صلاح جاهين عندما قال "الدرس انتهى لموا الكراريس.. بالدم اللى على ورقهم سال.. فى قصر الأمم المتحدة.. مسابقة لرسوم الأطـفال.. إيه رأيك فى البقع الحمـرا.. يا ضمير العالم يا عزيزى.. دى لطفلة مصرية وسمرا.. كانت من أشطر تلاميذي".

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
رئيس مجلس النواب اللبناني يحدد جلسة 9 يناير المقبل لانتخاب رئيس للجمهورية