لم تمر إلا شهور قليلة على حادث تفجير كنيسة البطرسية بالعباسية، والتي أعلن تنظيم "داعش" الإرهابي مسؤوليته عن الحادث، والذي استهدف المصلين أثناء قداس، وأسفر عن مقتل ما لا يقل عن 28 شخصا في الكنيسة البطرسية الملحقة بالكاتدرائية التي تتمتع بتأمين مكثف في حي العباسية في القاهرة، حتى أعلن التنظيم نفسه، تبنيه تفجيري كنيسة مارجرجس بطنطا، والكنسية المرقسية بالإسكندرية، بحسب ما أعلنت وكالة "أعماق" أحد الأذرع الإعلامية للتنظيم اليوم الأحد، كاشفة عن قيام ما أسمتهم "مفرزة" من عناصر التنظيم باستهداف الكنيستين.
تنظيم داعش، هو تنظيم مسلَّح يتبع الأفكار السلفية الجهادية، ويهدف أعضاؤه -حسب اعتقادهم- إلى إعادة "الخلافة الإسلامية وتطبيق الشريعة"، ويتواجد أفراده وينتشر نفوذه بشكل رئيسي في العراق وسوريا، فضلا عن وجوده في دول أخرى من بينها مصر، وجنوب اليمن وليبيا وسيناء وأزواد والصومال وشمال شرق نيجيريا وباكستان. وزعيم هذا التنظيم هو أبو بكر البغدادي.
الإنفجار الأول ضرب كنيسة مار جرجس في مدينة طنطا، ما أسفر عن مقتل 27 شخصا على الأقل وإصابة أكثر من 70 آخرين، وبعد ساعات قليلة، وقع انفجار آخر بمحيط الكنيسة المرقسية بمدينة الاسكندرية، ما أسفر عن مقتل 16 شخصا، بينهم ضابط، وإصابة 41 آخرين، بحسب المسؤولين.
تفجير كنيستي مارجرجس بطنطا والكنيسة المرقسية بالإسكندرية، لم يكن إلا سلسة من العمليات الإجرامية التي يشنها التنظيم، خلال الفترة الماضية، إلا أن تبني التنظيم الإرهابي للحادث، أعاد التذكير بمقطع فيديو بثه داعش 19 فبراير الماضى، وتضمن ما الرسالة الأخيرة للانتحاري المسئول عن تفجير الكنيسة البطرسية بالقاهرة في ديسمبر 2016، الذي راح ضحيته العشرات.
الفيديو المنتشر آنذاك، والذي بلغ مدته 20 دقيقة، حمل نذير شؤوم للأقباط، متوعدا بتنفيذ عمليات إرهابية متتالية تستهدفهم، بالإضافة إلى إنذار باغتيال البابا تواضروس، مظهرا رجل ملثم، يدعى "أبو عبد الله المصري"، وهو يشجع المسلحين في أنحاء العالم لتحرير الإسلاميين المعتقلين في مصر، الذين وصفهم بالأسرى، قائلاً "أخيرًا لإخواني الأسرى، أبشروا أيها الموحدون، لا تهنوا ولا تحزنوا، والله قريبًا سنحرر القاهرة، ونأتي لفكاك أسراكم، ونأتي بالمفخخات، والله سنأتي بالمفخخات، أبشروا عباد الله"، مستكملاً "ويا أيها الصليبيون في مصر، فإن هذه العملية التي ضربتكم في معبدكم لهي الأولى فقط، وبعدها عمليات إن شاء الله، وإنكم لَهدفنا الأول، وصيدنا المفضل، ولهيب حربنا لن يقتصر عليكم، والخبر ما سترون لا ما ستسمعون".
وعقب نشر مقطع الفيديو الذي جاء كرسالة صريحة تحرض على القتل، تزايدت العمليات الإرهابية ضد الأقباط بمحافظة شمال سيناء من قِبَل تنظيم داعش الإرهابي، واضطر عدد كبير من الأسر إلى مغادرة منازلهم خشية الوقوع ضحايا على يد التنظيم الذي يرتكب مجازر مروعة باسم الدين.
تداعيات إنذار الـ 20 دقيقة مازالت تتواصل حتى اليوم باستهداف كنيستى طنطا والإسكندرية، ومحاولة اغتيال البابا بذات الطريقة التي تمت بالكنسية البطرسية بالعباسية، ويبدو أن التنظيم انتقل لهذا المخطط بهدف تأجيج الأوضاع الداخلية والعمل على إشعال حرب أهلية بعد فشل مساعيه بالاستيلاء على سيناء وإعلانها ولاية ضمن ولايات زعيمه أبو بكر البغدادي، الأمر الذي يسترعى انتفاض الأجهزة الأمنية تحسبا لهجمات محتملة من هذه النوعية تستهدف الكنائس لأحداث فتنة طائفية وخلخلة نسيح المجتمع المصري.