أحال الدكتور علي عبد العال، رئيس مجلس النواب، قانون الإجراءات الجنائية، إلى مجلس الدولة عقب موافقة النواب بشكل نهائي على تعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية، وحالات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 ورقم 8 لسنة 2015 فى شأن تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية، ومكافحة الإرهاب الصادر بالقانون 94 لسنة 2015.
وأثناء المناقشة وافق المجلس على استحداث مادة رقمتها اللجنة التشريعية برقم "389"، التي تنص على أن المحكمة تقرر تلاوة الشهادة التى أبديت فى التحقيق الأبتدائى أو فى محضر جمع الاستدلالات أو أمام الخبير، إذا تعذر سماع الشاهد لأى سبب من الأسباب أو قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك.
فيما تم ورفض مقترحا من النائب مصطفى بكرى، حول إدخال تعديل على المادة، يلزم المحكمة إذا قررت عدم سماع الشهود أن تبدى أسباب ذلك فى حكمها، بإضافة عبارة "على المحكمة أن تدون فى أسباب حكمها مبررات عدم سماع شهادته".
وأثارت الهجمات الإرهابية بالأمس على كنيسة مارجرجس بطنطا والكنيسة المرقسية بالإسكندرية، ضجة في مجلس النواب وتحديدًا اللجنة التشريعية في المجلس، مما جعل هناك اثارة من جانب البرلمان حول إعادة تعديل قانون الإجراءات الجنائية لمواجهة الخطر، حتى يتم بواسطته مواجهة الحوادث الإرهابية مثلما حدث بالأمس في تفجيرات الكنائس إثناء احتفال الإخوة الأقباط بـ" أحد السعف".
وفي سياق متصل طالب عدد كبير من النواب من اللجنة التشريعية بالإسراع التحرك في مناقشة قانون الإجراءات الجنائية، لسرعة مواجهة الإرهاب والقضاء عليه، حتي لا يكون هناك تهاون في التعامل مع الإرهاب الذى يتسبب في قتل أرواح بريئة لا ذنب لها.
وشهد أمس حادثين تفجير على يد إرهابيين، لكنيسة مارجرجس بطنطا والكنيسة المرقسية بالإسكندرية، وكان التفجير الأول في الصفوف الأولى داخل قاعة الكنيسة، أما التفجير الثاني فكان عن طريق حزام ناسف تم تفجيره بواسطة انتحاري أمام البوابة الالكترونية الخاصة بالكنيسة، وكان البابا تواضروس إثناء التفجير متواجد في الكنيسة من الداخل للاحتفال بأحد السعف، ولكنه لم يصاب نتيجة الانفجار، حيث كان الانفجار من الخارج وهذا ما قلل الإصابات مقارنة بالضحايا التي سقطت جراء انفجار كنيسة مارجرجس.
وظهر أول قانون للإجراءات الجنائية في مصر عام 1875 تحت مسمى "قانون تحقيق الجنايات"، والذي كان مأخوذًا من القانون الفرنسي الصادر عام 1810، وكان يُطبق على المحاكم المختلطة، ثم صدر "قانون تحقيق الجنايات الأهلي" عام 1883 ليُطبق على المحاكم الأهلية، وقد تمّ تعديله عام 1904، عقب إلغاء الامتيازات الأجنبية عام 1937، صدر قانون تحقيق جنايات جديد عام 1949،أما قانون الإجراءات الجنائية الحالي، فقد صدر في أكتوبر 1950، وقد تعرّض إلى تعديلات كثيرة حتى وقتنا الحالي.
وقانون الإجراءات الجنائية هو القانون الذي يجمع القواعد القانونية التي تحدد صور الجريمة، والجزاء المقرر على مخالفتها، وقواعد البحث عن مرتكبها، والتحقيق معه، ومحاكمته، وإصدار الحكم عليه وتنفيذه، بهدف إعلان الحقيقة الواقعية تجاه الدعوى الجنائية، وهو بهذا يحمي الحرية الشخصية للمواطن المصري سواء من المجرمين أو من الدولة.
كما يقوم القانون بتحديد السلطات التي لها تجريم الأفعال، وتحديد قواعد سير الدعوى الجنائية منذ لحظة وقوع الجريمة إلى حين صدور حكم نهائي فيها وتنفيذه، حيث يلزِم النيابة العامة بمباشرة التحقيق الابتدائي، وجمع الأدلة والتصرف في التحقيق، ورفع الدعوى، بجانب منح المجني عليه الحق في رفع الدعوى الجنائية على المتهم، كما يلزِم القاضي الجنائي بالبحث عن الأدلة وإصدار الأحكام، وهكذا، يعد قانون الإجراءات الجنائية هو القانون الإجرائي اللازم لإعمال قانون العقوبات.
ويأخذ القانون بفكرة أن الجريمة ليست فقط عدوانًا على المجني عليه، ولكنها عدوان على المجتمع المصري كله، لهذا يتم الاتهام وتوقيع الجزاء بواسطة المجتمع من خلال من ينيبه من أعضاء الهيئات القضائية، ولهذا أيضًا يتميز القانون بحتمية تطبيقه من جانب الدولة بصرف النظر عن رغبة الخصوم في ذلك، فوقوع الجريمة يستتبع قيام القضاء بإجراءات التحقيق والمحاكمة حتى لو لم يرغب الخصوم في ذلك.
وفي سياق متصل أوضح الدكتور محمد أبو شقة، أستاذ القانون الجنائي، في تصريح خاص لـ" أهل مصر" أن قانون الإجراءات الجنائية تأخر كتيرًا تعديله من جانب مجلس النواب، وهذا يعدد سببًا في عدم محاصرة الإرهاب في مصر، وتنفيذ أقصي العقوبات على مرتكبيها، وهذا سينعكس على عدد الجرائم الإرهابية التي تتعرض لها مصر على يد الارهابيين.
وأوضح أنه كلما كان هناك أسرع في الانتهاء من القانون، سيكون هناك تقليل من الإرهاب الذي كان أخر هجماتهم قتل وإصابة العشرات من الأبرياء في حادث تفجير بكنيسة مارجرجس بطنطا، والكنيسة المرقسية بالإسكندرية، موضحًا أن الإجراءات التي اتخذها الرئيس عبد الفتاح السيسي بشأن قانون الطوارئ ونشر الجيش في أنحاء البلاد بجانب قانون الإجراءات القانونية سيكون له نتائج ضخمة في سد الهجمات الإرهابية التي تغتال من براءة المصريين.
أما عن ياسر الهضيبي، الخبير القانوني والدستوري، في تصريح خاص، أكد أن مصر كانت بحاجة إلى الاسراع في العمل بمواد قانون الإجراءات الجنائية، فمحاكمة المتهمين في مصر يشوبها بعض البطيء في الانتهاء من محاكمة مرتكبين الجريمة، والقانون الجنائي من شأنه أن يبحث في سير الدعوة الجنائية منذ لحظة حدوثها حتي التأكد من صدور الحكم النهائي بها.
وأوضح أن القانون الجنائي يتم من خلاله تحديد قواعد البحث عن مرتكب الجريمة، وهذا من شأنه أن يضع قواعد مقننة يمكن من خلال تنفيذها القدرة على صد الإرهاب والقبض على مرتكبي الجرائم في مصر، وهذا سينعكس على نشر الأمن والأمان بين المواطنين، مشيرًا إلى أن القانون الجنائي لا يعتبر المجرم قد اعتدي على المجني عليه فقط، بل يعتبره اعتداء على المجتمع المصري بأكمله.
وأشار الهضيبي أن القانون الجنائي سيعمل على تقنين الجريمة إرجاع الحق إلى أصحابه، ويظهر ذلك من خلال أن التحقيق سيستمر مع الجاني حتي لو تنازل المجني عليه عن حقه، وذلك لان القانون يعتبر الجاني قد تعدي على المجتمع بشكل كامل وليس على المجني عليه فقط.