لماذا تحب المرأة.. الرجل الندل؟

صورة تعبيرية

في إحدى الفيديوهات الأجنبية المؤثرة على موقع الفيسبوك، استوقفني فيديو يدور حول لقاء امرأة بحبيبها الذي انفصلت عنه منذ 30 عاماً، وقد ترك اللقاء على وجهها علامات توحي بالحزن واللوم والأسى.. بينما بدا الرجل متأسفا كأنه يعتذر لها على الفراق، ثم غادر الأستوديو في لحظات بدت كما لو كان الرحيل أو الفراق الثاني لهذه السيدة .. التي حاولت إخفاء دموعها.. ولم تنجح!

ما لفت انتباهي هو التعليق الذي كتبته إحدى النساء على الفيديو قائلة: جميعهم هذا الرجل! فتذكرتُ مقالاً إنجليزيا قرأته منذ سنوات، يتساءل فيه الكاتب عن سر تعلق النساء بالرجال الأندال؟؟ وهل هذه حقيقة أم مجرد حالات فردية؟ فلماذا يصبح الرجل الندل مرغوباً ومحبوباً من النساء؟؟ بل لماذا يصبح ندلاً من الأساس؟

حكاية نور ومجدي

وبمراجعة سريعة لعلاقات الحب اللاتي حولي، أستطيع أن أجزم أن سر الرجل يعود لعلاقته بأمه التي جعلته إما يقدرها أو ينتقم منها في كل امرأة، وأن كل امرأة أحبت رجلاً مريضاً بالندالة ظناً منها أنها البطلة المنقذة التي ستساعده على التخلص من خبثه وندالته .. هي نفسها شخصية مريضة نفسياً، ستربي في المستقبل رجلاً ندلاً آخر، وامرأة غير واثقة من نفسها. وتحكي لنا قصة "نور ومجدي" كيف ظلت "نور" تردد أنها لن تتزوج زواجاً عادياً، وإن قلبها لا يذهب إلا لأصحاب القصص المعقدة والشخصيات الصعبة حتى يكون لها دور في حياة من تحب وتتزوج.. حتى صارت أفكارها جزءا منها، ومن مجالها المغناطيسي الذي يلتقط تلك الشخصيات! حينما قابلت "مجدي" كانت قد أعلنت الهدنة مع نفسها، وأنها من الأفضل ألا تفكر في الحب والزواج ثانية بعد خروجها من قصة معقدة، ظلت تتحمل دورها فيها كأم وليست كفتاة تحتاج هي أيضا للحب! أما "مجدي" .. وقد تلامس مع الجزء العاطفي الذي لا يحتاج دليلاً، فسريعاً ما اكتشف أن الرعاية والحنان هما ذلك المفتاح الذي يدخل منه إليها !! كانت ثقته في قدرته على اللعب والهروب - حينما يريد- أكبر من قدرته على ملاحظة الحب الذي تسرب إليه نحو "نور" التي لم تحقق توقعاته فيها كغيرها من البنات ولو للحظة واحدة! فبدأت طبيعته العنيفة تتجلى، ولأول مرة يشعر بالرغبة في الحديث الحميم مع صديقة عن حياته وعن علاقته بأمه التي تجرأ مع الوقت وبدأ يظهر كراهيته ونقده لها ولعجرفتها ولرفضها له منذ طفولته، حينما كانت ترغب في بنت ثم جاء هو! ولأول مرة تشعر " نور" بالخديعة حينما أخبرها أنه رغم كل شئ.. لن يتزوج!

بعد هذا تحولت قصة "نور ومجدي" لمسار آخر، فبدلا من ابتعادها واحترامها لقلبها .. بدأت تشعر بإحساس المسئولية نحو هذا الرجل! وهكذا استمرت تتحمل ما يأتي منه.. حتى أعلن هو زهقه وملله من الاستمرار، ولاتزال هي تحاول استرجاعه، خوفاً منها على ضياعه، وأنه لن يجد حباً مثلها، غير قادرة على استيعاب قراره بالتخلي عن السعادة التي بين يديه معها، كما كانت تردد، أو تصدق!! دونما تدرك أنها كلما تمسكت به كلما خسرته .. لتفاجأ به يخبرها بوجود امراة أخرى في حياته ..وأن الحب الذي شعر به نحوها يوما .. مات! حينئذ أدركت أنها أحبت ندلاً بالفعل! وأن المشكلة ليست فقط فيه، بل هي أيضا تسلك سلوك امرأة غير واثقة من نفسها، منذ كانت تلك الطفلة غير المرغوب فيها حينما كان المتوقع أن تكون ولداً بعد ولادة أكثر من بنت، ثم جاءت هي.. فأهملها والداها، وهكذا كبرت في جفاف عاطفي عائلي، حيث نسى جميع أفراد الأسرة أن يخبروها كم هي جميلة، ومتميزة، ولطيفة! ولأنها بالفعل لطيفة وجميلة ومتميزة .. لم تلم الحياة على سوء حظها، بقدر ما تعلمت أن تعطي ما حُرِمت منه، ذلك القانون الذي قد يسري وينجح في جميع القضايا والمواقف إلا الحب، الذي يريد قلباً واثقاً من نفسه، وإرادة الابتعاد في الوقت المناسب، وقدرة على التحكم فيما يقال ويعطى... حتى إن ذهب الحب.. لا تذهب معه الكرامة!

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً