إسقاط الأزهر .. ماذا بعد !!؟

مؤسسة الأزهر الشريف،

أراقب عن كثب ما يدور من هجوم عنيف وغير مبرر على مؤسسة الأزهر الشريف، منذ فترة زمنية بعيدة، وليس الآن فقط، ولكنها تعلو وتطفو، بين الفينة والآخرى، عبر استغلال الأحداث وتطويعها لخدمة فكر معين، وأيدلوجية مسبقة، فالكلام الذي يردده الإعلام ليس بجديد، ولكنه يتجدد مع كل حادثة، فنفس الأشخاص يرددون نفس الكلمات عبر نفس الوسائل والقنوات الإعلامية.

لا أحد فوق النقد، والعصمة دفنت بوفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، فمنزلة الأزهر ومكانته مغروثة في قلب الوطن العربي والإسلامي، كما أن التعبير عن الرأي حق كفله الدستور للجميع، ولكن الحرية مسئولية، وتتوقف عن التعدي على حرية الآخرين، لعدة اعتبارات دينية ومجتمعية وعرفيه، كما أن هناك فارق واضح النقد والتجريح، فالنقد هدفه التقويم والتجريح هدف الهدم والتدمير.

وكارهي الأزهر معلومون للجميع، وهم منقسمون على أنفسهم، إلى عدة فرق، ففريقا منهم صاحبة أجندة دائم التجريح لتنفيذ مخططات خارجية، مدفوع دفعا لهدم الأزهر، وفريقا صاحب فكرا معاديا للمبادئ والقيم المجتمع الشرقي، فضلا عن معاداته لمبادئ الإسلام، وفريقا هجومه نابعا عن جهل ويسبح مع التيار، لا يعرف كوعه من بوعه.

ومكانة الأزهر كمنارة علمية، شهد لها العالم أجمع، فيصبوا إليه الطلاب من شتى بقاع العالم، فيما يزيد عن 140 دولة، ثم يعودون سفراء للإسلام في بلادهم بمختلف لغاتهم وأجناسهم، ويناولون مكانة مرموقة وقدر كبير من الإحترام والتقدير من قبل كافة المناصب والمستويات العليا في الدولة، من الرئيس حتى الغفير ..لجعلنا نطرح تساؤل "كيف لمؤسسة تعلم الأرهاب تحوز على ثقة أكثر من 140 دولة".

كما أن خريجوا الأزهر في الدول العالم، يتمتعون بقدر من الاحترام والتقدير في المعاملة يتجاوز أضعاف مضاعفة ما يلاقيه أبناء الأزهر في بلدهم، ونحن لا نريد رفع الأزاهرة في أعالي المنازل، رغم إنه حق، كما تفعل البلدان الأخرى، ولكن يكفي فقط كف الأذى عنهم ، فكما يقول الشاعر : "خلنا في زماننا عن حديث المكارم .. من كفى الناس شره فهو في جود حاتم".

فإذا كان هناك دورا كبيرا لقواتنا المسلحة في التصدي لأعداء الوطن ودحر الإرهاب، فمؤسسة الأزهر تلعب دورا لا يقل أهمية عن دور المؤسسة العسكرية كدرع واقي لتحصين الشباب، وحمايتهم من الوقوع في براثن الفكر التطرف، والإلحاد، والإنحلال الأخلاقي، وإنعدام القيم.

وضع الأزهر في قفص الإتهام، وتحميله مسئولية انتشار الأفكار المنحرفة، محض إفتراء، فالحالة المزرية التي وصلت إليها البلدان العربية عقب ثورات الربيع العربي، خير شاهد على على دور الأزهر في الحفاظ على النسيج الوطني من التمزق، كما حدث في سوريا والعراق واليمن وليبيا ولبنان ... عليك أن تتخيل المشهد بدون الأزهر، فما هو الحال الذي ستعيشه مصر عقب 30 يونيو!!.

كل هذا الهجوم الضاري، والحملات المشبوهة للنيل من أكبر مؤسسة دينية في العالم.. ماذا بعد !!؟ .. ماذا بعد اسقاط الأزهر وتهميش دوره، وتنحيته جانبا، وتصدير المشهد لكل من هب ودب للحديث عن الدين.. هل سيقضي على الإرهاب والتطرف.. هل سيصلح أحوال المجتمع الاقتصادية والسياسية.. هل سيقوم أحوال الشباب.. أعتقد أن الفاجعة ستكون أكبر مما عليه نحن الآن، لذا أدعوا كل ذي عقل ويحمل خيرا لهذا البلد، الوقوف بجانب وتعضيد موقفه وتقديم الدعم الكامل، إن لم يكن بالفعل والقول، فليكن بالصمت وكفى الآذي عن هذه المؤسسة العريقة وعلماؤه الأجلاء للقيام بدوره واستعادة مكانته إلى أفضل ما هو عليه الآن.

فالهجوم على الأزهر لا يصب إلا في مصلحة أصحاب الفكر المتطرف، والملحدين ودعاة التغريب ونشر الفسق والفجور في المجتمع، والتطرف لا ينحصر فقط في "داعش"، فالتطرف العلماني أشد وأنكى، فيسعى لاختطاف المجتمع بعيدا عن مساره التقليدي، وينصب العداء للرموز الدينية ويهدم الأعراف المجتمعية، وهو يعد اللبنة الأساسية لدعم التطرف الديني والإرهاب الدموي.. وتخيل معي المشهد في غياب الأزهر، حفظ الله مصر وأزهرها.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
بث مباشر مباراة الهلال السعودي والاستقلال الإيراني في دوري أبطال آسيا (لحظة بلحظة) | التشكيل