لم تؤثر أحداث التفجيرات الأخيرة على احتفلات المسيحيين في أسبوع الآلام، حيث احتفلت الطوائف المسيحية في مصر ومختلف بقاع العالم، اليوم السبت بـ"سبت النور"، إيذانا بالاحتفال بعيد الفصح الذي يحل غدا الأحد.
وخلال الاحتفالات بهذه المناسبة أقيمت الصلوات والقداديس فى مختلف الكنائس في محافظات مصر، ومنها مطروح والإسكندرية والقاهرة، وفى المدن الرئيسية الثلاث في فلسطين، ومنها بيت لحم، وبيت ساحور وبيت جالا، ويتدفق آلاف المسيحيين، ومنهم الأقباط القادمون من مصر، للاحتفال باستقبال "النور" القادم من كنيسة القيامة فى القدس.
ومنذ ساعات الصباح الأولى، كثفت شرطة محافظة بيت لحم نشاطاتها لتسهيل حركة الحجاج والكشافة للوصول إلى الكنائس والمشاركة باستقبال النور المقدس، واتخذت إجراءات لتسهيل الحركة وتأمين الاحتفالات، كإغلاق طرق لفترات مؤقتة، ومنع وقوف المركبات قرب الكنائس ومسار الكشافة.
كان تنظيم "داعش" الإرهابي قد أعلن مسؤوليته عن تفجير كنيستي مار جرجس بطنطا والمرقسية بالإسكندرية، والذى راح ضحيته أكثر من 45 قتيلا وعشرات المصابين.
سبت النور" أو السبت المقدس، ويعرف أيضًا بسبت الفرح، هو اليوم الذي يأتي بعد الجمعة العظيمة وقبل أحد القيامة أو عيد الفصح.
تقليديًا، يتم الاحتفال بالفصح مساء سبت النور وحتى الساعات الأولى من صباح الأحد، ويبدأ الاحتفال بعيد القيامة بصلاة العيد عصر السبت، ثم يُحتفل بقداس عيد القيامة منتصف الليل وتُختتم مع الساعات الأولى من يوم أحد القيامة.
وتأتي المناسبة لاحتفال الأقباط في يوم السبت أن "نزل السيد المسيح بعد موته على الصليب يوم الجمعة عصرًا إلى الجحيم لِيَطرَح الشيطان خارجًا ويُقيِّده، ويُحرِّر أرواح الأبرار الذين رقدوا على رجائه ويُدخِلهم إلى الفردوس"، فيسمّى سبت النور لأن السيد المسيح أنار على الذين كانوا في الظلمة أي الهاوية، بدليل أن الكتاب المقدّس يعلن أنّ "الشعب الجالس في الظلمة أبصر نورًا عظيما".
وسبت النور أيضًا، أو سبت الفرح هو كلمة اصطلاحية أخذت أبعادها من شعلة مقدّسة تنطلق من كنيسة القيامة في القدس، وهو المكان الذي وضع فيه جسد السيد المسيح لثلاثة أيام قبل القيامة، حيث "يفيض النور في القبر".
وفي صباح يوم "سبت النور" وقبل مراسم خروج النور المقدس من قبر الرب يسوع المسيح، يتم فحص قبر السيد المسيح في كنيسة القيامة في القدس، وبعد التأكد من خلو القبر من أي مادة مشتعلة، يتم وضع ختم على بابه.
يتعرض أيضا البطريرك (الأرثوذكس) للتفتيش ويدخل القبر بالجلباب الأبيض ولا يحمل شيئًا، وتتكون مراسم النور المقدّس من ثلاث مراحل: الصلاة، دخول الأسقف في القبر المقدس، صلاة البطريرك طالبًا من الرب أن يخرج النور المقدس، وتضرب الأجراس بحزن، حتى يدخل البطريرك ويجلس على الكرسي البابوي، ويتجمع المؤمنون من الطوائف المسيحية كافة.
يدخل البطريرك إلى القبر وهو يحمل شمعة مطفأة مكونة من 33 شمعة في حزمة واحده تمثل عمر السيد المسيح، وداخل القبر المقدس، يصلّي البطريرك، فيما يغلف المكان سكون وصمت شديد، فالمؤمنون يترقبون خروج النور، وبعد الصلاة، يخرج البطريرك حاملًا شمعةً مُضاءة، يوّزع نورها على المؤمنين.
لا يكون "النور المقدّس" مُحرِقًا لبضع دقائق، فيقوم المؤمنون بتمرير أيديهم في النور ومسح وجوههم به، ثمّ يتحول بعد فترة من الوقت شعلة النور إلى شعلة عادية من النار.
كثيرون يتحدّثون عن مشاعر فائقة الوصف تنتابهم من جرّاء هذا ذلك، وأنّ سلامًا عميقًا مفرحًا يفوق الإدراك يختلج صدورهم.
تاريخ النور المقدسأول كتابة عن انبثاق النور المقدس في كنيسة القيامة ظهرت في اوائل القرن الرابع، والمؤلفون يذكرون عن حوادث انبثاق النور في اوائل القرن الميلادي الأول، نجد هذا في مؤلفات القديس يوحنا الدمشقي والقديس غريغوريوس النيصي، ويرويان كيف أن الرسول بطرس رأى النور المقدس في كنيسة القيامة، وذلك بعد قيامة المسيح بسنة (سنة 34 ميلادي) فهؤلاء في أماكن مختلفة وتواريخ مختلفة وكلهم اجمعوا بدقة على رؤية بطرس الرسول وشهادته عن النور المقدس.