اعتبرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية الصادرة اليوم الأربعاء أن حملة الانتخابات الرئاسية في فرنسا، والتي لاتزال تخضع لحالة طوارئ رسمية فرضت عقب تعرض البلاد لموجة لم يسبق لها مثيلا من العنف الإرهابي خلال العامين الماضيين، تعد بمثابة استفتاء على بقاء المسلمين وإقامتهم في مجتمع يبدو على الأرجح أكثر المجتمعات تعددا للثقافات في أوروبا.
وقالت الصحيفة – في تقرير لها بثته على موقعها الإلكتروني- إن الانتخابات الرئاسية الفرنسية ستعمل، بالنسبة للبعض، على تغيير مسار دولة مضطربة طالما عانت من مشاكل اقتصادية واجتماعية، وبالنسبة لآخرين، فإنها انتخابات تغير مسار قارة برمتها، مما يشكل تحديا لوجود التكامل الأوروبي في حد ذاته.
وأوضحت الصحيفة أنه وقبيل بدء الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية يوم الأحد المقبل، أعرب المتنافسون الخمسة الكبار – من مختلف الأطياف الإيديولوجية- عن شعورهم بضرورة معالجة "مسألة مسلمة" تفرض نفسها على مايبدو بشكل ملح على المشهد السياسي في البلاد وتدور حول مايجب فعله مع أكبر أقلية دينية في فرنسا.
وأشارت إلى أن مارين لوبن، زعيمة الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة، جعلت اجابتها على هذه المسألة واضحة كل الوضوح.ففي فبراير الماضي، وخلال نفس الخطبة التي اعلنت فيها عن ترشحها للرئاسة، شجبت لوبن "العولمة الإسلامية" ووصفتها بأنها "إيديولوجية تريد أن تجعل فرنسا تجثو على ركبتيها".
في السياق ذاته، قال فرانسوا فيون، المرشح المحافظ، في خطاب ترشحه في شهر يناير:"إنني اريد فرض رقابة إدارية صارمة على العقيدة الإسلامية". وعلى النقيض، تحدث إيمانويل ماكرون، المرشح الشعبي المستقل، كثيرا عن ما يعتبره حاجة ماسة إلى "مساعدة المسلمين في إعادة هيكلة الإسلام في فرنسا".
اما جان لوك ميلونشون،زعيم اليمين المتطرف، فقد أدان أيضا الإسلاموفوبيا، أو ظاهرة الخوف من الاسلام، وأعرب عن رغبته في نهاية المطاف بالقضاء على كافة "النزعات المجتمعية" وكرر ما وصفه بالحاجة الملحة إلى "وضع حد لإختلاس الأموال العامة المخصصة إلى التعليم الطائفي الخاص".
وحده بينوا هامون، مرشح اليسار، من دافع بشكل منتظم عن المصالح المجتمعية للمسلمين الفرنسيين، وأصر –في العام الذي شهدت فيه فرنسا فضيحة "البوركيني"- على أن القانون الفرنسي يحمي "كلا من الفتيات اللائي يلبسن قصير ومن ترتدين الحجاب".
وأردفت الصحيفة تقول:" إن الهجمات الارهابية المدمرة التي ارتكبها مسلحون فرنسيون أو أوروبيون منتمون إلى أو متعاطفون مع تنظيم داعش الارهابي تسببت في تصعيد الشبهات بشكل متزايد بين أوساط الرأي العام حيال المسلمين الذين تواجدوا في فرنسا منذ قرون".
وتابعت:"أنه على الرغم من التنوع المعقد لهذه الفئة من السكان، هناك قلق واسع النطاق من أنه إذا تم انتخاب لوبان أو فيون، فإن الأمور يمكن أن تزداد سوءا بشكل ملحوظ، ومن المحتمل أن يتحرك المرشحان بسرعة لتفعيل حملات قمع ضد الحجاب والمساجد والمنظمات المجتمعية الإسلامية بإسم علمانية الدولة".
ونقلت "واشنطن بوست" عن لاورلا لوب،56 عاما، مواطنة فرنسية من الجيل الخامس واستاذة للأدب العربي في جامعة كليشي، بإحدى ضواحي باريس، قولها:"لاتوجد حملة لنا-ولا أحد يفهم حقيقة وضعنا"، وذلك أثناء انتظارها لحضور فعاليات الاجتماع السنوي للمسلمين الفرنسيين، وهو حدث مجتمعي واسع النطاق عقد في مستودعات عدة بالقرب من مطار باريس-لو بورجيه.