ننشر حيثيات الحكم على حبيب العادلي وآخرين في قضية "أموال الداخلية"

حبيب العادلي

أودعت محكمة جنايات القاهرة، برئاسة المستشار حسن محمود فريد، وعضوية المستشارين فتحي عبد الحميد الرويني وخالد حماد "الرئيسين بمحكمة استئناف القاهرة"، حيثياتها في القضية رقم 1441 لسنة 2013 جنايات عابدين، المعروفة إعلامياُ بقضية الاستيلاء على أموال وزارة الداخلية، والتى قضت فيها المحكمة بمعاقبة كل من حبيب إبراهيم حبيب العادلى ونبيل سليمان سليمان خلف وأحمد عبد النبى أحمد بالسجن المشدد لمدة سبع سنوات وإلزامهم برد المبالغ المستحقة عليهم.

كما قضت بمعاقبة كل من محمد أحمد أحمد الدسوقى وبكرى عبد المحسن عبد السلام الغرباوى وصلاح عبد القادر عفيفى محمد سالم وفؤاد محمد كمال إبراهيم عمر وعادل فتحى محمد غراب ومحمد ضياء الدين عبد اللطيف بكر بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات عما أسند إليهم، ومعاقبة كل من نوال حلمى عبد المقصود حسن وعلا كمال حمودة مبارز بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليهما، وإلزام المحكوم عليهم برد المبالغ محل الدعوى.

وجاء بالحيثيات: "اطمأن ضمير المحكمة وارتاح لها وجدانها مستخلصة من أوراق الدعوى وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بجلسة المحاكمة تتحصل في أن هرم السلطة في مصر ينقسم إلى ثلاث سلطات، أولها السلطة التنفيذية، والثانية السلطة التشريعية، وثالثها السلطة القضائية، وتنقسم السلطة التنفيذية إلى رئيس للدولة ورئيس وزراء ووزراء، وهو ما تسمى الحكومة، ويقبع على كل وزارة وزير يكون مسئولا سياسيا أمام رئيس الوزراء ورئيس الدولة عن حسن إدارة وزارته فهو المسئول الأول عن وزارته فهو على رأس السلطة بوزارته.

وأضافت الحيثيات تم تقسم ميزانية الدولة على كل الوزارات وتقوم وزارة المالية بتوزيع بنود الميزانية داخل كل وزارة حددها القانون رقم 53 لسنة 1973 والمسمى الموازنة العامة للدولة ثم وزارة المالية تقوم بدفع موظفين لتنفيذ بنود الميزانية ومراقبة تطبيقها والعمل على تنفيدها وصولا لطرق صرفها ثم تقوم الدولة بالمراقبة عن طريق الجهاز المركزي للمحاسبات الذي يطبق القانون رقم 127 لسنة 1981 الذي بدوره أخضع الوزارات إلى المراقبة وفحص أعمالها ثم يطبق قانون العاملين المدنيين رقم47 لسنة 1978 ثم قانون الشرطة في الحالة المعروضة رقم 109 لسنة 1971 ثم اللوائح والقرارات المنظمة.

وتابعت إن مكتب المتهم الأول وزير الداخلية السابق والذى وفرته له الدولة واستأمنته فيه مكانا لا يجد حرجا فى أن ينزع من مال وقوت الشعب ما ليس مستحقا له دون أن يأبه بما يفرضه عليه الجلوس فوقه من هيبة وأمانة، فيبدو أن الأهواء التى جمحت بنفسه وباقى المتهمين قد حجبت عنهم كل ما هو دون مصلحتهم وأطماعهم فصاروا لا يعبأون إلا بما يحقق لهم الكسب وجمع المال، فقد باعوا أنفسهم وتحالفوا مع الشيطان الذي زين لهم أن جمع المال الحرام الزائف سيحقق لهم السعادة دون أن يدركوا أن هذا المال سيدخل عليهم وعلى أولادهم نار جهنم، فهم يشتهون المال الحرام لتحقيق نعيم زائف ظنا منهم أن المال المكنوز سيغنيهم، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) "كل لحم نبت من سحت فالنار أولى به" صدقت يا رسول الله، فهذا المال مال عام ملكنا للدولة أي تحصل من أموال الشعب ومن قوته، فكان عليهم التحري عن مصدر الرزق إلا أنهم لا يأبهون بشرع أو قانون، فقد تمادوا فى انتهاك حرمة المال العام والعدوان عليه واستباحوا التصرف فيه كيفما شاءوا فكانوا يغترفون منه ويغدقون على أحبائهم منه دون حساب.

فالمتهم الأول هو وزير الداخلية الأسبق كان على قمة الهرم المسئول عن حفظ الأمن بهيئة الشرطة التى نصت المادة 206 من الدستور المصرى على أن الشرطة هيئة مدنية نظامية، فى خدمة الشعب، وولاؤها له، وتكفل للمواطنين الطمأنينة والأمن، وتسهر على حفظ النظام العام، والآداب العامة، وتلتزم بما يفرضه عليها الدستور والقانون من واجبات، واحترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، فمهمة رجل الشرطة ودوره في المجتمع مهمة الحارس الأمين، الذى تظل عينه يقظه مهما غفلت العيون، ويرعى المصالح ويردع المفسدين والمجرمين.

المتهم الأول هو وزير الداخلية الأسبق والذى كان يتعين أن يكون القيم على نظام المجتمع وأنظمته، إذ فى وجوده يشعر الناس بالأمان، وفى ظل إتقانه أداء مهامه يطمئن مهيض الجناح بأن القانون قد خول رجالا تعيد الحقوق إلى أربابها، فتنتصر للمظلوم من الظالم، وللضعيف من صاحب الجاه والنفوذ، ودونهم تصبح الحياة فوضى، وتنتهك فيه القوانين، والطامة الكبرى أن تنتهك بأيدى القوامين على حماية حرمتها، وأن الراعى المسئول عن أمن رعيته قد أباح لنفسه انتهابها بالسحت، وسلك فى سبيل تحقيق مآربه، طريق التضليل والبهت، فصار المنصب الذى بوئ به ليحول دون الفساد والإفساد، مرتعًا بل وكرًا تسول له نفسه أن يشبع منه نهمه، ويلبى فيه رغباته، ما دنؤ منها وما سفل، وما صح منها وما بطل، حتى غدا سوطا يسلطه على رقاب العباد، ليتكسب به مطامع شخصية، وأضحى عمله الذى استرعته الدولة فيه، طعمة يقتات بها من جسد الرعية، فيأكل أموالهم بالباطل، ويستغل منصبه الشريف ليحصل على نعيم زائل.

فإذا كانت الشرطة هيئة مدنية نظامية، كلفتها الدولة بحفظ أمنها ونظامها، والقبض على الجناة والمفسدين فكيف يصير حالها، إذا أصبح الحافظ الأمين خائنًا، والقابض الرادع جانيًا ومفسدًا،والمخول بحفظ النظام مخلا. إن انتشار وباء الفساد فى المرفق المخول لها التصدى له يحط على مر الزمن من قدر الأمة ويعوق سيرها نحو الرقى ويزعزع الشعور بالثقة والعدل بين أفرادها وحينئذ ينهار الكيان الاجتماعى وتسيطر روح الفتك والخيانة والدنس وتضحى حياة الأفراد دون حياة الغابلا كرامة فيها ولا عزة ولا أمن ولا مساواة ولا شرف ولا رحمة، وقد نهى الله عن أكل أموال الناس بطرق غير مشروعة وكأنه لم يقرأ قول الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُم ْوَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) (الأنفال ـ27).(وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ) ( البقرة– 188)، إن العين التى تتربص بالناس فتؤذيهم من حيث تنتظر الحماية، وتأكل أموالهم بالباطل وهم يظنون بها الصون والرعاية، لهى عين ترفعت عن الحلال، وتكحلت بالإثم والضلال، فتذرف للخداع والإيهام دموعا وقحة، وتترقب الناس لتنفذ من مثالبهم إلى إشباع نفوسها الشبقة، فهى عين لا تكبر صاحبها بل تخزيه، وتستحل ما حرمه الله ومن حلة الشرف والأمانة تعريه فهم فأة ضالة منافقون لأنهم يظهرون خلاف ما يبطنون فسقطت الأقنعة الزائفة ومخالفا بذلك القانون والدستور الذى أقسم على احترامهما.

فمهمة رجال الشرطة ودورهم فى المجتمع مهمة الحارس الأمين، الذى تظل عينه يقظه مهما غفلت العيون، يرعى المصالح ويردع المفسدين والمجرمين. إن الدولة لا تبخل عليهم، ولهم فى المجتمع وضع يعينهم على أداء مهامهم، ولكن البعض لسوء طويته إستغل ثقة المجتمع والدولة، فإنتفخت أوداجه، وطغى وتجبر، وسعى ليرضى غروره بشتى الوسائل والصور، وقد تمرد على رزقه المقدر الحلال.

والمتهمون الباقون هم مسئولون أيضا وضعوا المال نصب أعينهم ونسجوا خطة محكمة للإستيلاء عليه غير عابئين بالوسيلة ظانين أن أعين الله لا تراهم، معتقدين أن يد القانون لن تطالهم متدثرين بمال وسلطان.

ولم يكن هذا الأمر بمنأى عن الدليل بل هو ثابت بما كشفت عنه الأوراق وإقرارات بعض المتهمين بتحقيقات قاضي التحقيق وشهود الإثبات وشاهدى النفي وما أكدته وأثبت بتقارير اللجان المشكلة بمعرفة قاضي التحقيق وهيئة المحكمة، حيث تكشفت وقائع القضية ببلاغ مقدم ضد المتهم الثانى– رئيس الإدارة المركزية للحسابات والميزانية بوزارة الداخلية سابقا – أمام إدارة الكسب غير المشروع بوزارة العدل لتضخم ثروته وبوشر التحقيق وشكلت لجنة لفحص الموضوع أثناء قيام اللجنة المشكلة من قبل هيئة الفحص والتحقيق بإدارة الكسب، وبفحص تلك الشكوى فجعت بكم من المخالفات المالية التى ظهرت بالميزانية الخاصة بوزارة الداخلية، إذ كان ذلك بداية لكشف الفساد المستشريٍ بحسابات وزارة الداخلية ثم توالت أعمال الفحص إلى أن تأكدت الحقيقة بالتقرير الذى أودع من قبل اللجنة المشكلة من هيئة المحكمة والتى أكدت صحة ما توصلت إليه سابقتها من فحص.

إذ انتهت إلى إظهار السلوك المادى للجرائم محل الاتهام، وذلك بقيام الإدارة المركزية للحسابات والميزانية بوزارة الداخلية فى الفترة ما بين السنة 2000 وحتى السنة 2011 والتى كان يترأسها المتهم الثانى بإعداد مذكرات لصرف حافز إثابة بمناسبة قيام الإدارات والمصالح المختلفة بوزارة الداخلية بالمطالبة بصرف ذلك الحافز للعاملين بها، إلا أن المتهم الثانى قد هداه فكره الشيطانى إلى الحيلة التى استطاع من خلالها نزع المال العام الذى استأمنته الدولة عليه، إذ ضمن تلك المذكرات بزيادة عبارة احتياطى مواجهة الأهداف الأمنية على بياناتها وقرينها مبلغ مالى على خلاف الحقيقة وهو ليس من الحوافز بناء على أوامر المتهم الأول الذى قام باعتمادها بالموافقة على الصرف بأن مهرها بكلمة (موافق) ببند حسابى وهمى أطلق عليه من وحى خياله عبارة "احتياطى مواجهة أهداف أمنية" وليس هذا بغريب عليه، إذ اشتهر عنه ثراء خياله فاستثمره فى الإثم والعدوان على المال العام وقدم مذكرات الصرف للمتهم الأول، وكانت هنا الفاجعة الثانية إذ اعتمدها الأخير ووافق عليها متفقًا معه ليطلق له العنان لاستباحة المال العام ليغترف منه كيفما ووقتما يشاء.

وأن تلك الموافقة لإسباغ الشرعية على إجراءات الصرف مع علمهما بمخالفة هذا الأمر لجميع القواعد الحسابية المقررة بموجب قانون الموازنة العامة للدولة رقم 53 لسنة 1973 وقانون المحاسبة الحكومية رقم 127لسنة 1981، فضلا عن قانون الشرطة رقم 109 لسنة1971 فقد خرجت منظومة الصرف التي أتاها المتهمان الأول والثانى وباقى المتهمين عن جميع أحكام القوانين واللوائح التي تنظم صرف الحوافز باغية الاستيلاء على المال العام وتسهيل الاستيلاء على المال العام وإضافته لملكهما.

فدنس المتهم الأول كرسيه بمسالك اللصوص وتمكن من الاستيلاء على مَبْلَغٍ 529491389 مِلْيُونُ جنيه (خمسمائة وتسعة وعشرون مليون وأربعمائة وواحد وتسعون ألف وثلاثمائة وتسعة وثمانون جنيها) إذا كان الأساس فاسدا مختلا فكيف يكون باقى البناء معافى صحيحا، وهنا جاء دور المتهم الثانى الذى كان يشغل رئيسا للإدارة المركزية للحسابات والميزانية بوزارة الداخلية وكان يتعين أن يكون أشد الناس حرصا على أموالها، إذ استولى على مبلغ 21120212 مليون جنيه (واحد وعشرون مليون ومائة وعشرون ألف ومائتين واثنى عشر جنيها) من الأموال التى صرفت تحت هذا المسمى الوهمى "احتياطى مواجهة أهداف أمنية"، ولم يكتف بذلك بل أمر المتهم الرابع والذى انقضت الدعوى الجنائية بوفاته بأن يسلمه المبلغ الذى كان فى عهدته من اعتمادات الباب الأول من موازنة الوزارة الخاص بالأجور والتعويضات حال كونه الرئيس المباشر له والبالغ 41000000 جَنيَهُ (واحد وأربعون مليون جنيه)، فقام والمتهمان الثالث والرابع، والذى انقضت الدعوى الجنائية بوفاته، بتظفير العديد من هؤلاء الأحبة من وزراء الداخلية والمحافظين ومساعدى الوزير السابقين ولبعض الضباط والأفراد العاملين بالوزارة وآخرين من غير العاملين فيها من أهل الثقة والولاء مبالغ مالية غير مستحقة وقدرها 195936307 جنيهات (مائة وخمسة وتسعون مليون وتسعمائة وستة وثلاثون ألف وثلاثمائة وسبعة جنيهات).

وكذا الصرف على مشتريات لم تتم إضافتها لجهة عملهم ودفع قيمة فواتير هواتف جوالة ومنزلية بآلاف الجنيهات، بل وصل الأمر أيضا إلى استفادة المتهم الثانى من المال العام فى سداد قيمة الصور الفوتوغرافية الخاصة بمناسباته الاجتماعية هو وأسرته، وقد قدرت إجمالى تلك المبالغ بنحو 195936307 جنيهات ( مائة وخمسة وتسعون مليون وتسعمائة وستة وثلاثون ألف وثلاثمائة وسبعة جنيهات)، ووصل بهم الأمر لسرقة قوت الشعب واستباحة المال العام الذى استأمنتهم الدولة عليه.

إلا أنه لم يكن فى وسع أى من هؤلاء أن يستبيحوا هذا المال إلا بواسطة باقى المتهمين، إذ كان المتهمان الثالث والرابع، والذى انقضت الدعوى الجنائية بوفاته، يقومان برصد مبالغ مالية بمذكرات العرض تحت ما يسمى "احتياطى مواجهة أهداف أمنية" باستمارات الصرف 132 ع ح وهى غير صالحة للصرف، ويقوم المتهمان الخامس والسادس والذى انقضت الدعوى الجنائية بوفاته، والثالث عشر بمراجعتها، وقيام المتهمين من التاسع حتى الثانية عشر وهم المنوط بهم مراقبة إجراءات الصرف والتأكد من مطابقتها للقواعد والأنظمة المقررة فى هذا الشأن باعتمادها، وهم ممثلو وزارة المالية لدى وزارة الداخلية الذين حملتهم جهة عملهم أمانة مراقبة إجراءات صرف أموال الدولة، وهم من اصطلح على تسميتهم بلقب المراقب المالى إلا أنهم خانوا الأمانة.

ومن لب الخيانة نستخلص اليوم تلك البذور الآثمة، إذ وافقوا على صرف تلك الاستمارات واعتمدوها وتمادوا فى غيهم بإصدار الشيكات الخاصة بقيمتها ملقين خلف ظهورهم ما تفرضه عليهم واجبات وظيفتهم.

ثم قام المتهمان السابع والثامن بالاحتفاظ بتلك المبالغ فى خزائن غير رسمية مرتضين العبث بتلك الأموال وانتهاكها، لاسيما إذا كانت الدولة قد ناطت بهما وهما من الأمناء على الودائع الحفاظ عليها، إلا أنهما راحا يعبثان بها ويطلقان لغيرهما العنان ويسمحان لهم باستغلالها غير عابئين بما تفرضه عليهما قواعد وظيفتهما. وتسببوا فى إهدار أموال هذا الشعب بمبالغ تقشعر لها الأبدان بلغت 1135795341 مليار جنيه ( مليار ومائة وخمسة وثلاثون مليون وسبعمائة وخمسة وتسعون ألف وثلاثمائة وواحد وأربعون جنيه) من المبالغ التى يتضمنها البند المسمى " احتياطى مواجهة أهداف أمنية "ومبلغ 688821399 جنيه (ستمائة وثمانية وثمانون مليون وثمانمائة وواحد وعشرون ألف وثلاثمائة وتسعة وتسعون جنيها) من المبالغ الخاصة باعتمادات الباب الأول من موازنة الوزارة.

وثبت للمحكمة من واقع تقارير اللجان المنتدبة من قبل قاضى التحقيق وهيئة المحكمة أنه لا توجد مخصصات بمسمى احتياطى مواجهة أهداف أمنية خصما من اعتماد الباب الأول أجور وتعويضات، كما أن موازنة وزارة الداخلية والحساب الختامى لا تتسع لتشمل مسمى احتياطى مواجهة أهداف أمنية لأنه ليس من البنود القانونية أو المطبقة فعليا لأنه مسمى مستحدث وغير مسبوق وغير متعارف عليه محاسبيا ولا يوجد فى المحاسبة الحكومية والموازنة العامة للدولة ما يطلق عليه احتياطى مواجهة أهداف أمنية لأنه العبرة بالصرف الفعلى وليس تقديريا ومستقبليا ولا يوجد ما يحتاط منه.

وأن اعتماد المتهم الأول للصرف لا يعتبر شفيعا أو مبررا مشروعا له أو غيره بالصرف من المختصين لأنه مخالف للقانون ولا يجوز ذلك كما أن وظيفة وعمل المتهم سالف الذكر لا تسمح بإنشاء هذا البند وعدم صلاحيته فى ذلك طبقا للقانون 53 لسنة 1973 الموازنة العامة للدولة وقانون 109 لسنة 1971 الخاص بالشرطة، وأنه لم يبين الغرض من هذه المبالغ وأوجه صرفها، حيث إن مذكرات العرض جاءت خالية من تحديد الاحتياجات والغرض منه والمستحقين والجهة الطالبة وجاءت مجهلة من أي بيانات أمام هذا المسمى.

وما خلص إليه تقريرا اللجنتين المنتدبتين من قاضى التحقيق ومن هيئة المحكمة واللذان جاء مؤداهما صرف مبالغ مقدارها 1135795341 مليار جنيه (مليار ومائة وخمسة وثلاثون مليون وسبعمائة وخمسة وتسعون ألف وثلاثمائة وواحد وأربعون جنيه) خلال الفترة من سنة 2000 حتى الخامس عشر من شهر يوليو من عام 2011 ( 1572011 ) من موازنة وزارة الداخلية الباب الأول فرع (2) مصلحة الأمن والشرطة والخاص بالأجور والتعويضات بمسمى احتياطي الأهداف الأمنية وهو مصطلح لا معنى له ولا وجود له في موازنة الوزارة، وذلك بطريقة مخالفة للنظم المحاسبية والقانونية وهى إضافة المسمى المشار إليه بمذكرات العرض التي كانت تعرض على وزير الداخلية (المتهم الأول) لإقرار الحوافز للضباط والعاملين بالوزارة وقرين المسمى الأخير مبلغ مالى بلغ فى بعض مذكرات العرض 250000 جنيه (مائتين وخمسين ألف جنيه)، والتي كان يعرضها عليه المتهم الثاني وبعد صدور الموافقة من المتهم الأول بالصرف كان يقوم المحاسبون بالإدارة المركزية للحسابات والميزانية بالوزارة وهم المتهمون من الثالث حتى السادس بإعداد استمارات الصرف 132 ع. ح بالمبلغ.

ثم يقوم المتهمون من التاسع حتى الثالث عشر باعتمادها على حالتها بصفتهم ممثلي وزارة المالية في حال كان يجب عليهم الامتناع عن اعتمادها وإصدار الشيك الخاص بها وبعد صرفه يتسلمه صراف الخزينة ويسلمه للمتهمين الثالث والرابع، والذى انقضت الدعوى الجنائية بوفاته، وهما ليسا من أرباب العهد فيحتفظا به في خزينة غير رسمية والصرف منه بناءً على أوامر المتهمين الأول والثاني على العاملين بالوزارة أو غيرهم وعلى أوجه صرف غير مقررة وأخرى غير معروفة وقد استلم منه مندوب المتهم الأول مبالغ مالية قدرها 529491389 جنيها (خمسمائة وتسعة وعشرون مليونا وأربعمائة وواحد وتسعون ألف وثلاثمائة وتسعة وثمانين جنيها).

واستلم المتهم الثاني مبالغ مالية قدرها 21120212 مليون جنيه (واحد وعشرون مليونا ومائة وعشرون ألفا ومائتين واثنى عشر جنيه) وكانت هذه المبالغ دون وجه حق، كما تم صرف مبلغ آخر مقداره 688.821.399 مليون جنيه (ستمائة وثمانية وثمانون مليون وثمانمائة وواحد وعشرون ألف وثلاثمائة وتسعة وتسعين جنيها) من اعتمادات الباب الأول من موازنة وزارة الداخلية في خلال الفترة من 3062009 حتى 2212011 في أوجه إنفاق غير معروفة، وقد استلم منه المتهم الثاني مبلغ مقداره 41000000 مليون جنيه ( واحد وأربعين مليون جنيه)، وما شهد به أعضاء اللجنة المنتدبة من قبل قاضى التحقيق والذين أكدوا ارتكاب المتهمين لهذه الوقائع على غرار ما أورد تقرير اللجنة المنتدبة من هيئة المحكمة.

وما شهد به عيد أحمد إبراهيم رجب، رئيس الإدارة المركزية لحسابات الحكومة، من أن وزارة الداخلية من المصالح التي تخضع لقانون المحاسبة الحكومية وإن ما كان يتم بالإدارة المركزية للمحاسبات والميزانية من إدراج مسمى احتياطي مواجهة الأهداف الأمنية بمذكرات العرض بمبالغ كبيرة وصدور موافقة الوزير عليها وتجميع هذه المبالغ بملايين الجنيهات وقيدها باستمارة الصرف 132 ع. ح دون توضيح اسم الجهة أو الشخص المنوط به الاستلام ثم صرفها من الخزينة ووضعها تحت تصرف الوزير ورئيس الإدارة المركزية للحسابات والميزانية مخالف للقانون وللضوابط الحسابية المنظمة لذلك.

وما شهد به كل من هاني فتحي رمضان تهامي وأحمد عبد الحليم عبد الرازق سالم - موظف بالإدارة المركزية للحسابات والميزانية – من أنهما كانا من ضمن العاملين بمكتب المتهمين الثالث والرابع والذى انقضت الدعوى الجنائية بوفاته، بوزارة الداخلية وكانا يقوما باستلام مبالغ مالية كبيرة في حقائب ومظاريف من صراف الخزينة أو من المتهمين المذكورين بناءً على أوامر منهما ويقوما بتسليمها للمتهم الثاني دون أن يستوقعه بما يفيد الاستلام، وأن ذلك كان يتم مرتين أو أكثر في خلال اليوم الواحد خلال فترة عمل المتهمين الأول والثانى.

والثابت من أقوال شهود الإثبات وكذا تقارير لجان الخبراء سواء المشكلة بمعرفة قاضى التحقيق، وكذا هيئة المحكمة ومن إقرار المتهم الخامس بالتحقيقات أمام قاضى التحقيق بأنه مراجع حسابات ومن ضمن موظفى الوحدة الحسابية بوزارة الداخلية وأنه يختص بالتأكد من صحة استيفاء المستندات والمراجعة الحسابية ومدى دقتها وصحتها وأنه يخضع للإشراف الفنى والإدارى لممثلى وزارة المالية وأنه كان يقوم بإعداد ومراجعة استمارات الصرف 132 ع. ح المتضمنة مبالغ لحتياطى مواجهة الأهداف الأمنية التى كانت تصدر بها موافقات الوزير (المتهم الأول) 58 مرة فى كل شهر وكانا لا يقيدان قرين هذه المبالغ بيان الجهة أو الشخص المنوط به اللستلام وأنهما لا يعرفان مدلول هذا المصطلح.

هذا والمحكمة اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وكذا ما انتهت إليه تقارير لجان الخبراء وكذا إقرار المتهمين ومنهم المتهم الخامس على نحو ما استخلصته من الأوراق، فإن نعى الدفاع فى هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا فى تقدير الأدلة وهو ما تستقل به المحكمة ولا يجوز مجادلتها فيه ومن ثم تقضى المحكمة برفض الدفع.

وأن المحكمة تطمئن تمام الاطمئنان إلى أن المتهم الثالث عشر وباقى المتهمين هم مرتكبو الواقعة محل التحقيقات، وذلك لاطمئنانها لشهود الإثبات وكذا تقارير الخبراء وشهادة شاهدى النفى وإقرارات بعض المتهمين وفقا للثابت بتحقيقات قاضى التحقيق وما استخلصته المحكمة من التحقيقات، حيث إنه ثبت أنه من ضمن المحاسبين المسئولين عن تلك المستندات والمراجعين لها وفقا للثابت بتقارير لجان الخبراء ولم يتبع القواعد المقررة قانونا فى هذا الشأن وفقا لنص المادة 14 من قانون المحاسبة الحكومية 127 لسنة 1981 والسابق الإشارة إليها، فنحيل إليها منعا للتكرار، فإن نعى الدفاع فى هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا فى تقدير الأدلة، وهو ما تستقل به المحكمة ولا يجوز مجادلتها فيه ومن ثم تقضى المحكمة برفض الدفع.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً