يبدو أن "الرشوة" في مصر أصبحت أمرًا اعتياديًا، فلا تمر إلا أيام قليلة على واقعة ما، حتى تتبعها واقعة مماثلة بل أشد بأسا، فلاتزال الرشوة تأخذ حيزًا كبيرا من المجتمع المصري، بل أصبحت جزءا لا يتجزأ من تعاملات الشعب المصري، حتى إن كانت نابعة من حسن نية، أو في مقابل إنهاء تعاملات يموية، إلا أنها فى النهاية تقع في إطار المخالفة القانونية والدينية بكل ماتحمل الكلمة من معنى.
وفي تكرار ممنهج للواقعة ذاتها، ضبطت هيئة الرقابة الإدارية مسؤولا في إدارة الأوقاف بالمنيا، وذلك على خلفية قضية رشوة، وقالت مصادر مطلعة أن الهيئة ضبطت مسؤول الشؤون القانونية بإدارة أوقاف بني مزار بالمنيا لطلبه وتقاضيه 4 مليون جنيه، مضيفة أن "الرشوة" كانت مقابل اتخاذ إجراءات تمكين أحد المواطنين من مساحة 258 فدان وقف أهلي، تبلغ قيمتهم حوالي 130 مليون جنيه.
وقال مصدر بفرع الهيئة بالمنيا، إن معلومات قد وردت تفيد قيام، "عماد ع ب"، 42 سنة، مقيم بقرية الشيخ مسعود بالعدوة، ويعمل عضوا بالشئون القانونية بفرع هيئة الأوقاف بالمنيا، بالإعداد والتلاعب في تقرير مستندي يفيد تمكين مواطن خلافًا للحقيقة، من تلك الأرض مقابل الحصول علي الرشوة المتفق عليها، وتضمنت المعلومات وجود وسيط يدعي "رضا.ز.ر"، 47 سنة، مزارع، مقيم بعزبة شمس الدين ببني مزار.
المادة 103 من قانون العقوبات، نصت على أن كل موظف عمومي طلب لنفسة أو لغيرة أو قبل أو اخذ وعدًا، أو عطية لإداء أعمال وظيفته يعد مرتشيًا ويعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة، وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد على ما أعطى أو وعد به.
واقعة رشوة "الأوقاف" لم تكن الأولى من نوعها، فسبقتها وقائع عدة، ترصدها "أهل مصر" في السطور التالية، ومنها...
_في 23 أكتوبر الماضى، ألقت الرقابة الإدارية القبض على منتحل صفة مستشار رئيس الجمهورية عقب تقاضيه مبلغ 650 ألف جنيه على سبيل الرشوة، مقابل استغلال نفوذه المزعوم لمنح كميات من السكر المدعوم للشركة التي قامت بالإبلاغ عن الواقعة، وجارٍ اتخاذ الإجراءات القانونية تجاه المتهم المذكور.
_في ديسمبر 2016، ضبطت هيئة الرقابة الإدارية، "س. م. س"، كبير خبراء بوزارة العدل، أثناء تقاضيه مقدم مبلغ رشوة 350 ألف جنيه من صاحب شركة قطاع خاص تعمل فى مجال الاستيراد والتصدير.
ترجع وقائع القضية إلى ورود بلاغ من "ع. م. أ"، صاحب شركة قطاع خاص، بطلب الخبير المنتدب من المحكمة مبلغًا ماليًّا منه على سبيل الرشوة، مقابل إعداد تقرير يثبت فيه استحقاق الشركة المملوكة له 3 ملايين جنيه تقريبًا، وهو موضع النزاع القضائى بين شركته وإحدى الهيئات الحكومية، إضافة إلى إضافته أحقية الشركة فى الحصول على تعويض إضافى لقاء الأضرار التى لحقت بالشركة، ورغم ذلك قرر صاحب الشركة الإبلاغ عن الواقعة.
_كشفت الرقابة الإدارية بمحافظة المنوفية إهدار 11 مليون و510 آلاف جنيه بقطاع الإسكان، وتمثلت تلك المخالفات فى التلاعب بالمقايسات التقديرية الخاصة بشبكة تغذية مياه وانحدار الصرف الصحى، وكذا البيارات الخاصة بهذا الصرف ببعض مشروعات الإسكان بمراكز المحافظة.
_ منذ أقل من 4 شهور ألقت هيئة الرقابة الإدارية القبض على رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية للتنمية الزراعية والريفية التابعة للبنك الزراعى المصرى، لتقاضيه مبلغ 200 ألف جنيه تمثل جزءًا من مبلغ رشوة يحصل عليه بشكل دورى من صاحب إحدى الشركات الخاصة وتمثل نسبة من المستخلصات مقابل اسناد أعمال توريد للشركة.
_في 22 ديسمبر الماضي، نجح رجال هيئة الرقابة الإدارية فى الإيقاع بمسئولين كبار بمصلحة الضرائب المصرية والشركة المصرية للتنمية الزراعية والريفية متلبسين بتقاضى مبالغ مالية كبيرة على سبيل الرشوة نظير استغلال مقتضيات أعمال وسلطات وظائفهما لمصلحة مقدمى الرشوة بما يخالف القانون ليسجل بها رجال الرقابة الإدارية واحدة من الحلقات الناجحة فى سلسلة مخططهم الوطنى لتطهير مؤسسات الدولة من فيروس « الفساد» الذى ينخر فى هيكلها الإدارى.