أين رئيس الوزراء ئريف اسماعيل ؟ .. سؤال على السنة 100 مليون مصري ، فمع كل مناسبة سواء كانت حزينة أو سعيدة تنطلق التساؤلات ، تظهر التوقعات ، ثم تتجه الانظار بحثا عن صورة رئيس الوزراء في كل المؤتمرات والتجمعات الاعلامية ، وبالطبع دون جدوى ، فشريف اختار لنفسه الابتعاد عن الجدل السياسي، ممارسا دوره ووظيفته كما وضعت له ، مستفيدا من تجارب وزراء ومسئولين سابقين ، سقطوا لزلات ألسنتهم .
واذا كان رئيس الوزراء يحمي نفسه من نار الاعلام، لكنه داخل الغرف المغلقة ايضا غاب تأثيره تماما، ويبدو مستسلما حسب مسئولين ووزراء ، فلا جدال ولا تعديل ، بل هو انسياق وتمرير ، مختذلا دور وقيمة رئيس الوزراء في شخصه الذي يحمل اللقب دون فعالية او فائدة على تهذيب اداء الحكومة فيما يحقق مطالب واحتياجات الشعب.
المثير للاستغراب في هذا الامر ، ان أزمات كثر طفت على سطح الاحداث كان علاجها عند رئيس الوزراء نفسه لكن هذا لم يحدث ، لدرجة انه منع من زيارة كنيسة مارجرجس التي جرى تفجيرها الاسبوع قبل الماضي في طنطا، وعاد منتصف الطريق ليستكمل رحلته الى الاسكندرية، التي شهدت هي الاخرى تفجيرا امام الكنيسة المرقسية .
مقربين من مجلس الوزراء لهم حكايات كثيرة حول اداء شريف اسماعيل، كان ابرزها الخلافات التي دبت بينه واشرف سالمان وزير الاستثمار الاسبق، الذي لم يكن يمر على رئيس الوزراء ، حتى انه طلبه للاستفسار عن بعض الاجراءات الاقتصادية قبل ان يفاجئ بان سالمان خارج البلاد، تكرر الامر مع سحر نصر ، التي تتجه مباشرة الى رئاسة الجمهورية لعرض نتائج زياراتها ولقاءاتها بالمسئولين والاقتصاديين دون علم شريف اسماعيل ، ثم وزير الري الذي اسر في جعبته اسرار المفاوضات مع اثيوبيا مختصا بها جهات معينة غير مجلس الوزراء .
مستثمرين ورجال أعمال كثر فضلوا عدم الاستعانة بشريف اسماعيل في ازماتهم مع الحكومة، معتبرين انه لاجدوى من لقاءاته، وان الامر خارج عن سيطرته، ايضا في الازمات الداخلية كالاسعار، والازمات الامنية ، لم يظهر رئيس الوزراء في اي مشهد ، وهنا تستعيد الذاكرة موقف الرئيس عبد الفتاح السيسي في احدى افتتاحاته لبعض المشروعات الحكومية، منتقدا التنفيذيين لعدم كتابة اسم رئيس الوزراء على لوحات حجر الاساس
هنا يستعيد الجميع مشاهد رؤساء الوزراء السابقين، وتأثيرهم في اتخاذ القرار وجولات المهندس ابراهيم محلب وزخمه الشهير في زياراته للمشروعات الكبرى وترجله الشهير في شوارع القاهرة دون حراسة ، وشجاعة كمال الجنزوري ، حتى احمد نظيف اخر رئيس وزراء في عهد الرئيس الاسبق حسني مبارك .
الملخص هنا ، ان الحكومة تعمل بشكل روتيني ، فوزرائها ورئيسها بعيدين تماما عن مراكز اتخاذ القرار ، فلا يملك وزيرا واحدا الشجاعه على اتخاذ قرارا قد يحتاجه قطاعه ، منتظرين التعليمات العليا ، وهو مايعاني منه الرئيس نفسه ، الذي يضطر بين الحين والاخر للتدخل وتسريع عجلة الاجراءات ، رغم الصراخات والنداءات ، لكن يبدو ان البلادة قد سيطرت على اداء الحكومة دون حل او علاج.
الاكثر من ذلك ، تلك الاستثمارات الضخمة التي بدأت تغادر البلاد بسب الرعونة الحكومية في تسهيل الاجراءات اللازمة للمشروعات سواء في القطاع الخاص او حتى الحكومية التي تعاني هي الاخرى الابتكار في تسهيل الاجراءات ، واكتفى الجميع بنشاط اللواء كامل الوزير الذي يحرك اصبح الحل الوحيد في مصر لكل الازمات التي تظهر بين الحين والاخر.
وفي النهاية ، فان الدستور المصري يقر صلاحيات وسلطات للحكومة ، هي فقط لتدفئة الادراج دون استفادة منها عملا بالمثل الشعبي " كأنك ياابوزيد ماغزيت"، خاصة وان انعدام فائدتها او استخدامها ليس لتعليمات وانما هو اختزال الحكومة لدورها، آسره السلامة هربا من نار الاعلام، او تورط في ازمات قد تطيح بها من سدة الحكومة ، اما عن المواطنين فعليهم البحث عن رئيس الوزراء، حتى ان بعضا من عرض مكافأة لم يدل على مكانه ..