أصدر مركز المزماة للدراسات والبحوث كتابا للباحث محمد محمود مهدى بعنوان "جماعات الضغط الإيرانية فى أمريكا.. الجذور والحضور وحدود التأثير"، ويعرض الكتاب فى معرض أبو ظبى للكتاب بدولة الإمارات.
وتكشف الدراسة دور جماعات الضغط الإيرانية، فى صنع القرار الأمريكى تجاه إيران، وذلك منذ نشأتها وحتى توقيع الاتفاق النووى الإيرانى العام الماضى، مع بيان كيف استطاع النطام الإيراني الاستفادة من مجتمع الأمريكيين الإيرانيين في تكوين قوى ضاغطة تعمل لصالحه.
وقد خلصت الدراسة، إلى أن إدارة الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما، كانت مسرحًا متسعًا لنشاط الأمريكيين الإيرانيين، فهى من أكثر الإدارات الأمريكية استيعابًا لعناصر أمريكية من أصل إيراني بين طواقمها، التى كان لها دور كبير ليس فى تقريب وجهات النظر فحسب، بين إدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما والنظام الإيرانى، بل أيضًا استطاعت التأثير بشأن اتجاه البيت الأبيض نحو إعادة صياغة العلاقات الأمريكية الإيرانية بشكل أكثر انفتاحًا، وتوجت بالاتفاق النووى الإيرانى في يونيو 2015م.
وأظهرت الدراسة أن العلاقة بين قوى الضغط الإيرانية وأعضاء مجلسى الشيوخ والنواب الأمريكيين، لم ترتق بعد إلى مستوى التأثير القوى، ومع ذلك فإن الإجراءات المتبعة من قبل قوى الضغط المؤيدة لطهران والحرص الشديد لحضور جلسات الاستماع المتعلقة بطهران، وسعيهم لتكوين شبكة من المؤيدين بين أعضاء مجلسى الشيوخ والنواب، سواء من الأمريكيين الإيرانيين أو ممن يؤيدون تطبيع العلاقات الأمريكية الإيرانية، تُنبئ بمستقبل أكثر اتساعًا وتأثيرًا فى السلطة التشريعية بالولايات المتحدة الأمريكية.
كما أنها خلصت إلى وجود شبكة معقدة من أصحاب فكرة إعادة صياغة العلاقات الأمريكية الإيرانية على نحو أقل عدائية سواء ممن يمثلون المجتمع الأمريكى الإيرانى أو من هؤلاء الأمريكيين المؤيدين لودية العلاقات مع طهران، ممن ينشطون فى العديد من مراكز الفكر ومختلف المواقع الإعلامية الأمريكية، وأن هذه الشبكة ربما أنها غير تنظيمية بما تتضمنه الفكرة التنظيمية من أطر إجرائية محددة وأدوار واضحة لأفرادها وصولًا لأهداف بعينها، وإنما الملفت فيها رغم اختلاف توجهات ورؤى أركانها أو مكوناتها هو الاتفاق العام على ضرورة إعادة النظر على نحو أكثر قبولًا في العلاقات الأمريكية الإيرانية.
وتوصلت الرسالة إلى أن قوى الضغط الإيرانى لم تستطع إيقاف سلسلة العقوبات الإيرانية الممتدة منذ عام 1979م حتى الأعوام القليلة الماضية، بخاصة الصادرة من مجلسى النواب والشيوخ الأمريكيين، ولكنها استطاعت أن تُسهم بحسب المتاح لها من أدوات فى خلق أصوات معارضة لفكرة العقوبات الاقتصادية وعدم جدواها، التى أخذت تتسع قاعدتها شيئًا فشيئًا بين مختلف الأوساط الأكاديمية وغيرها، فضلًا عن قدرتها فى الإقناع بعدم جدوى توجيه ضربة عسكرية إسرائيلية ضد طهران، التى كان قد تقدم بها 47 من أعضاء مجلس النواب الجمهوريين برعاية لوى جوهمرت عن ولاية تكساس، كمشروع قانون فى 22 يوليو 2010م؛ إذا كان للمجلس الوطنى الإيرانى- الأمريكى (NIAC) ردود فعل سريعة بتصعيد الموضوع إعلاميًا، فضلًا عن إرسال ما يقرب من 4 آلاف خطاب للأعضاء الجمهوريين فى مجلس النواب، وزعيم الأقلية جون بوينر، داعيًا إياه للتنديد بالقرار.
كما تطرقت الدراسة إلى تصوير المعركة الشرسة بين اللوبى الإيرانى ونطيره الإسرائيلى فيما يتعلق وتمرير الاتفاق النووى الإيرانى داخل أروقة الكونجرس الأمريكي، والتى انتهت بدخول الاتفاق حيز التنفيذ الفعلى 18 أكتوبر 2015م، وتمثلت أول خطوات التنفيذ فى تعيين واشنطن السفير الأمريكى السابق لدى بولندا، ستيفن مول فير، كمنسق رئيسى لتنفيذ الاتفاق مع إيران، وبذلك، استطاعت قوى الضغط الإيرانى أن تُحقق ما كانت ترنو إليه وهو دخول الاتفاق حيز التنفيذ وتحرز نصرًا كبيرًا أمام أقوى اللوبيات فى الولايات المتحدة الأمريكية ألا وهو اللوبي الإسرائيلي.
واختتمت الدراسة بالتأكيد على أن موقف أعضاء اللوبى الإيرانى الذى يمثله (المجلس الوطنى الإيراني - الأمريكى (NIAC)) والأمريكيين الإيرانيين من بلادهم الأصل، هو ذاته موقف اللوبى الإسرائيلى واليهود في الولايات المتحدة تجاه إسرائيل، بما تتضمنه من مشاعر الانتماء والالتزام، مع وجود اتجاه لتمجيد المكان الذى جاءوا منه.