"ديوان المظالم".. لم يكن إلا مجرد أداة لتسهيل عملية الإفراج عن المحبوسين، عن طريق تلقى شكاوى المواطنين، من خلال مكتب استعلامات داخل الأقسام المختلفة، ليتم التعامل معها بشكل مباشر وبسلطة مستمدة من رئيس البلاد، وذلك لتفادي مشكلات قد تعرقل معالجة الشكوى من خلال المؤسسات المختصة في الأصل.
ديوان المظالم ليس جديدا على النظام المؤسسى بمصر، فقد تم تطبيقه مسبقا فى عهد الرئيس محمد أنور السادات 1976، وعين له الدكتور مصطفى أبوزيد رئيسا، ليرفع إليه تقرير كل ثلاثة أشهر يتناول الوزارات التى عملت على إنصاف الشارع والمشاكل التى قامت بحلها والوزارات التى تقاعست عن التجاوب مع الديوان للنظر فى أمرها، كما شكلها الرئيس المعزول محمد مرسى كإدارة تتلقى الشكاوى بقصر عابدين ولم تحقق أى نجاح مذكور فى الشكاوى التى تلقتها من المواطنين.
لم يكن يتوقع أحد، أن يعود ديوان المظالم من جديد في صورة تناسب الواقع وتتماشى مع التقدم التكنولوجي في كافة أنحاء العالم، حيث دشن الموقع الرسمي للمؤتمر الوطني الأول للشباب، تطبيق جديد يتم من خلاله تسجيل بيانات المحبوسين والقضايا المحبوسين على ذمتها، فضلا عن تسجيل بيانات المستخدم، لتتمكن الأجهزة الأمنية والمسؤولية عن تلقى الرسائل من التواصل مع المواطنين.
كانت اللجنة الخاصة المشكلة برئاسة السيد محمود الشريف، وكيل مجلس النواب، لدراسة بيان حكومة المهندس شريف إسماعيل، في بداية إبريل الجاري، شددت على أهمية اتخاذ عدة إجراءات لتبسيط الإجراءات والمعاملات الإدارية، مقترحة اتباع أساليب متطورة عن طريق العمل بنظام الشباك الواحد، وانجاز المعاملات عبر وسائل الاتصال الحديثة، والعمل بنظام المناوبة فى الجهات التى تقدم خدماتها للجمهور، وإنشاء نظام المفوض العام "ديوان مظالم" أو مكاتب الدفاع عن مصالح الجماهير فى المصالح الحكومية، والإسراع بالتحول نحو الحكومة الإلكترونية، والنظر فى إمكان الاعتماد على التنافس بين القطاعين الحكومى والخاص فى تقديم الخدمات الحكومية وسرعه تخليصها وانجازها.
وخلال المؤتمر الوطني الأول للشاب، أعلن المكتب الإعلامي للرئيس عبد الفتاح السيسي، عن تفعيل الموقع الرسمي للمؤتمر الوطني الأول للشباب، مشيرا إلى أن الموقع يتيح خدمتين ملحقتين به، اولهما خدمة الإبلاغ عن شكاوى المحبوسين والتماسات العفو، والثانية متعلقة بتلقي أفكار ومقترحات الشباب حول كافة الموضوعات، وذلك في إطار تنفيذ تكليفات السيسي بمتابعة القرارات والتوصيات الصادرة عن المؤتمر.
ويهدف التواصل مع زوار الموقع الإلكتروني إلى تلقى الأسماء المراد فحص موقفها بهدف توصيلها إلى اللجنة المختصة؛ لمراجعة موقف الشباب المحبوسين على ذمة قضايا، ولم تصدر بحقهم أي أحكام قضائية وتعمل اللجنة على إعداد قوائم الشباب المحبوسين المقترح العفو عنهم.
كما تم استحداث آلية للتواصل المباشر مع الشباب لتلقي الأفكار والمقترحات المشروعات المتنوعة، وذلك وفقًا لتوصية السيسي بعقد لقاء شهري بينه وقطاع الشباب، وهو ما يتيح الفرصة أمام الجميع لتقديم الأفكار والمشروعات لتقييمها وعرضها في خلال اللقاءات المقبلة.
مباردة الرئيس للعفو عن المحبوسين باستخدام الموقع الإلكتروني، والهادفة إلى تسهيل عملية الإفراج عن المحبوسين ممن لم يصدر بحقهم أحكام قضائية، والنظر في الالتماسات المختلفة، لاقت تباين في الآراء بشكل حول جدية المباردة وإمكانية تطبيقها.
من جانبه قال النائب محمد فؤاد، عضو مجلس النواب عن حزب الوفد، إن إطلاق مثل هذه المبادرات أمر جيد، كما يمكن المواطنين التواصل بشكل سريع وبسيط مع الأجهزة المعنية، مشيرا إلى أنه استخدم التطبيق بشكل شخصي، وتمكن من خلاله الإفراج عن بعض الشباب المحبوسين، مؤكدا أن التحول للنظام الإلكتروني يعطي مؤشرات تقدمية ناجحة، إلى جانب إزالة الحواجز بين المواطنين ومؤسسة الرئاسة والاجهزة المعنية.
وتابع فؤاد في تصريحات خاصة لـ"أهل مصر"، أن هناك عمل وجهد متواصل لإنجاح المبادرة، مشيرا إلى أنها تعد خطوة أولية من خطوات الإفراج عن المحبوسين، حيث يعقب تسجيل البيانات عملية فحص شاملة، والتأكد من هوية المستخدمين، إلى أن يتم ضمها في قوائم عفو تقدم للرئيس السيسي، ومن ثم يصدر الرئيس قراره بالعفوالنهائي عن المحتجزين، موضحاً أن التعامل يتم من خلال قاعدة بيانات وضوابط أساسية، قائلاً "الموضوع عبارة عن خطوات متواصلة حتى إصدار العفو النهائي".
وتعليقاً على مبادرة "اسأل الرئيس"، قال فؤاد، إن المباردة لها جانب رمزي أكثر من فاعليتها، مشيرا إلى أنها تأتي في إطار حرص الرئيس على التواصل المباشر مع المواطنين، إلا أنها لن تكن بالأمر السهل، مشيرا إلى أن عدد مستخدمي الإنترنت في مصر متزايد بشكل يومي، ومن ثم القدرة على متابعة الرسائل والرد عليها وإيصالها للرئيس سيتطلب جهد كبير، مستكملاً "أتمنى نجاح المباردة واثبات فاعليتها".
وفي سياق متصل، قال النائب طارق الخولي عضو مجلس النواب، إن مبادرة العفو عن المحبوسين من خلال الموقع الإلكتروني، ينم عن رؤية جديدة وحرص شديد من مؤسسة الرئاسة متمثلة في الرئيس عبدالفتاح السيسي للتواصل مع المواطنين، واستقبال التماساتهم بشأن ذويهم المحبوسين، مشيرا إلى أن استخدام الإنترنت يسهل من عملية التواصل، فهو أحد الأوجه الرئيسية في تسجيل البيانات، وأحد الأدوات التي يتم استخدامها لتوجيه الأفكار وطرح الرؤى، ومناقشة مشاكل المواطنين.
وتابع الخولي، في تصريحات خاصة لـ"أهل مصر"، إن المبادرة هذه المرة تختلف كثيرا عن الفترات الماضية، مشيرا إلى أن هناك توجه ملوحظ داخل الدولة للإفراج عن الشباب ومنحهم فرص جديدة في مساندة الدولة ودعمها، مشيرا إلى أن استخدام الإنترنت المتزايد في الآونة الأخيرة يساعد في نجاح المنظومة، كما أنه يوفر على المواطنين السفر واللجوء إلى المكاتب المختصة والأقسام المختلفة، إلى جانب عدم قدرتهم على إرسال شكواهم والتأكد من استقبالها، مستكملاً "آمل أن تنجح المبادرة وتظهر فاعليتها بشكل كبير خلال الفترة المقبلة".
النائبة غادة عجمي، عضو مجلس النواب، اختلفت مع الرأيين السابقين، حيث قالت في تصريحات خاصة لـ"أهل مصر"، إن المبادرة أمر جيد ونابع من عاطفة الرئيس ورغبته في إعطاء فرص جديدة للشباب، إلا أن التحديات التي تمر بها البلاد من تزايد في العمليات الإرهابية، وانتشار الأفكار المتطرفة، تعوق دون تنفيذ مثل هذه المبادرات، مشيرة إلى أن طرح الأفكار يجب أن يلازمه رؤية منطقية للواقع، حتى نتمكن من تنفيذها.
وتابعت عجمي، أن مصر تمر بحالة أشبه بحالات الحرب الحقيقة، مشيرا إلى أن مباردة الرئيس هي رسالة رمزية موجهة للشباب، وحثهم على الانضباط المستقبلي، والعمل على دعم البلاد دون الشروع في تدميرها بالأفكار المتطرفة، قائلة، "نجاح المباردة متوقف على حال البلد وتزايد التحديات"، متوقعة عدم نجاحها في الوقت الحالي.
يذكر ان أعلنت الصفحة الرسمية للمؤتمر الوطني للشباب، عن انطلاق مباردة بعنوان "اسأل الرئيس"، من خلال تطبيق رقمي تم إطلاقه على الموقع الإلكتروني للمؤتمر الوطني للشباب، مما يمكن المواطنين من توجيه أسئلة مباشرة للرئيس، وتسجيل استفساراتهم وآرائهم من خلال التطبيق
وطرحت الصفحة الرسمية للمؤتمر، رابطا للتطبيق المذكور سلفا، والذي يمكن المواطنين من التسجيل، وطرح أسئلتهم اعتبارا من السبت 22 أبريل.
المبادرة، جاءت في إطار حرص الرئيس السيسي على التواصل مع المواطنين وجميع أطياف المجتمع المصري، ممن لم تتوافر لهم فرصة حضور المؤتمر، والتعرف على أزماتهم وما يواجههم من مشكلات، وتعزيز الثقة، كي يشعر المواطن بمتانة جسور الحوار بينه وبين القيادة السياسية.