اعلان

"القديس" في مصر.. بابا الفاتيكان يصلح ما أفسده "بنديكت السادس"

بابا الفاتيكان
بابا الفاتيكان
كتب : سها صلاح

منذ توليه رئاسة الكنيسة الكاثوليكية عام 2013، دفع البابا فرانسيس الكنيسة للتحاور مع الإسلام، في محاولة لإصلاح ما أفسده بنديكت السادس العشر، البابا الذي سبقه ودامت رئاسته فترة قصيرة.

فقد رفض البابا فرانسيس النظر إلى عنف الجهاديين بمنظار الحرب الدينية أو صراع الحضارات. كما أنه تبنى أيضا موقفاً مرحباً تجاه اللاجئين القادمين إلى أوروبا من الشرق الأوسط بما في ذلك المسلمين.

العام الماضي، رحب البابا فرانسيس بالشيخ أحمد الطيب، الإمام الأكبر للأزهر، في مقر الفاتيكان، وهو الأمر الذي مهد بدوره للمشاركة في مؤتمر عن السلام تعقده جامعة الأزهر الجمعة.

لكن تقارب فرانسيس مع شيخ الأزهر لم يخل من الجدل، حيث يعتقد بعض الكاثوليك أنه ينبغي على البابا أن يكون أكثر مباشرة مع قادة المسلمين. وكتب هذا الأسبوع الأب ريمون دي سوزا، وهو كاهن كندي، على موقع كروكس المختص بأخبار الكاثوليك أن البابا في موقعه الفريد ينبغي أن "يرسل رسالة تتجاوز الأماني الطيبة وعليه أن يتناول القضايا المهمة. فالأصدقاء الحقيقيون" بحسب قوله، "يتحدثون عن الحقائق العميقة ويقولون ما ينبغي قوله".

وفي القاهرة، تنتظر السلطات بدء الزيارة التي قد تعطي السيسي دفعة سياسية قوية، بفارغ الصبر.

فمجرد وجود البابا في مصر سيكون له أثر إيجابي، بحسب ما تأمله السلطات بإثبات أن الدولة يمكنها تأمين شخصية كبيرة بحجم البابا. هذا فضلاً عن الدفعة التي يتأملها السيسي بتجديد "الخطاب الديني"، وهو الأمر الذي يشهد شداً وجذباً بينه وبين شيخ الأزهر.

وعلى الرغم من أنه يُنظر إلى السيسي على أنه "حامي المسيحيين"، إلا أن البابا فرانسيس قد يضع مسافة بينه وبين الرئيس المصري بسبب ملفه في القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان، ولم يُعرف ما إذا كان البابا سيعيد فتح ملف جوليو ريجيني، الطالب الإيطالي الذي قتل في القاهرة العام الماضي.

وينظر الكثير المسيحيين الكاثوليك إلى الزيارة على أنها تشبه الزيارة التي قام بها فرنسيس الأسيزي إلى مصر في القرن الثالث العشر في أوج الحملات الصليبية في بلاد الشام، حيث عبر الحدود إلى "مناطق الأعداء"، بحسب ما تقول الرواية، "حاملاً روحه على كفه ولم يحصل له أي مكروه"، فقد كان -في نظرهم- رسول أمل يحاول فهم ديانة أخرى".

زيارة مشابهة

في عام 1219، ذهب الراهب فرانسيس الأسيزي إلى مصر إبان الحملة الصليبية الخامسة، حيث كان يطمح إلى إقناع سلطان مصر آنذاك، الكامل ناصر الدين، ابن شقيق صلاح الدين، باعتناق المسيحية.

أطلق المسيحيون في أغسطس ذاك العام هجوماً دموياً على مدينة دمياط، وخلال مرحلة وقف إطلاق النار التي استمرت 4 أسابيع، وصل فرانسيس ورفيق كان معه إلى دمياط في تلك الفترة، بحسب السير الذاتية والكتب التاريخية، فلا توجد تفاصيل كثيرة حول هذه الزيارة سوى أن فرانسيس تلقى معاملة حسنة وكريمة من السلطان.

ووفق ما يروي الكاتب جاك دو فيتري في كتاباته، فإن سؤالاً كان يدور في خلد فرانسيس الأسيزي وهو: "هل كان ليترك السلطان أحد أفراد العدو ليعود حياً لبلاده؟ فكان يرى هزيمة الصليبيين في معسكراتهم بدمياط".

وفي طريقه إلى دمياط وقع فرانسيس في قبضة الجنود المسلمين، فطلب مقابلة السلطان. وبالفعل اقتاده الجنود إلى السلطان الذي جلس يستمع إلى الراهب حتى انتهى من دعوته له لاعتناق المسيحية، قبل أن يعطِه الأمان للعودة إلى معسكرات الصليبيين.

وبقى فرانسيس ضيفاً عند السلطان لمدة ثلاثة أسابيع، قبل أن يتم إعادته بحراسة من الجنود المسلمين إلى معسكرات الصليبيين، لكن الأسابيع الثلاثة لم تمر عليه دون أن يتركوا فيه أثراً كبيراً، حيث دار خلالهما كثير من الأحاديث عن الأديان بينه وبين السلطان الكامل، لتكن كتاباته في سنواته اللاحقة دليلًا على عمق تأثره بلقاء السلطان الكامل ومدة مكوثه في معسكره.

وأبدى الراهب في رسالة كتبها عام 1220 إعجابه بأذان الصلاة لدى المسلمين، قائلًا: "يجب تكريم الرب بين الناس الذين يثقون بك بأن يحدث كل مساء أن يصيح منادي المدينة بكلمات التمجيد والشكر ويرددها كل الناس للرب القوي".

كما أبدى فرانسيس إعجابه بسجود المسلمين أثناء الصلاة، قائلًا إنه إشارة على الخشوع لله.

وفي رسالة أخرى بعثها لمجلس الأمناء اقترح "في كل ساعة وكلما رنت الأجراس، يتم تمجيد وتعظيم وتبجيل الرب القوي في كل أنحاء العالم، بهذا الشكل يتوحد المسلمون والمسيحيون في الصلاة، إشارة قوية في مجتمع به العديد من الكارهين للإسلام بشكل أعمى

تستغرق زيارة بابا الفاتيكان فرنسيس لمصر، التي تبدأ اليوم، نحو 27 ساعة، موزعة على يومين في 6 محطات بارزة بالعاصمة القاهرة ومحيطها، تحت حراسة مشددة وإجراءات أمنية غير مسبوقة بمشاركة 35 ألف عنصر أمن، وفقاً لما ذكرته وكالة الأناضول.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً