حواديت "أهل مصر".. عروسة مع إيقاف التنفيذ

صورة تعبيرية

كنت أنا وشقيقتى توأمان فى كل شئ، شكلا وطبعا، وكان اقاربنا وجيراننا يفشلون في التفرقة بيننا إلا إذا تكلمنا، فقد كنت أنا شخصية مرحة، مقبلة على الحياة، أحب كثيرا أن أحيط نفسي بدائرة واسعة من الأصدقاء وأحب الخروج كثير والرحلات والسهر وكانت أختى على النقيض مني تماما فهى رومانسية حالمة، تعشق الهدوء والوحدة وتقدس الجلوس فى المنزل ولا تحب الخروج والتنزه إلا لضرورة.

شاهد «أحمد» اختى ريهام فى فرح إحدى الصديقات، التى كانت اختى نادرا ما تذهب مثل تلك المناسبات وحاول التودد لها فى الحفل ولكن هى اختى أعلم جيدا ردة فعلها المتحفظة تجاه الأشخاص فلم تعره أى انتباه يذكر، وقد كان من الواضح أن "احمد" تعلق بها ونالت إعجابه مما دعاه أن يسأل عنها صديقه الذى كان حفل زفافه، لم يمر سوى اسبوعين إلا ووجدنا أحمد يطرق باب منزلنا مع ابيه وأخيه طالبا يد اختى ريهام للزواج.

سارت الأمور على الوتيرة التقليدية، تزوجت أختى ولأول مرة فى حياتى أشعر بالوحدة فهى لم تغادر بيتنا وغرفتنا التى جمعتنا معا ثلاث وعشرون عاما بل شعرت وقتها انها اقتطعت جزءا من قلبى معها، ولكن ما عوض ذلك أن اختى تزوجت قريبة من منزلنا فاتاح لى ذلك زيارات كثيرة يوميا فى البداية، حتى بدأت اعتاد انفصالها فى منزل آخر، وساعد على ذلك أخلاق احمد كثيرا فقد كان يدرك جيدا ارتباطنا الكبير ببعضنا فكان دائم الترحيب بى فى زيارتهم وكثيرا ما كنت أخرج معهما واعتدت على ذلك كثيرا وعلى وجودى معهما كما اعتادا هما أيضا على ذلك دون أن أسبب لهم ضيقا وحرجا.

بعد خمسة أشهر تعبت ريهام كثيرا وذهبنا بها إلى الطبيب وكان يبدو عليها التعب الشديد ولكن طمأننا الطبيب أن اختي حاملا في أول شهر لها، فرح أحمد كثيرا وفرحت أمى وأبى وفرحت ريهام ولكن أول مره أشعر أنا أن قلبى يؤلمني.

مرت الأيام الأولى بريهام فى حملها صعبة جدا وكنت أتناوب أنا ووالدتي عليها للاطمئنان عليها يوميا وقضاء بعد الأعباء المنزلية عنها فقد كانت دائمة الشكوى من وجع فى صدرها، وكانت امى تخفف عنها قلقها بأن تلك هى أعراض الحمل فى بدايته

تكرر ذهابى مع ريهام لطبيب النساء مرات عديدة لمتابعة مراحل حملها التى كانت طول الوقت مقلقة وفى تلك الأثناء تمت علاقه طيبة بينى وبين الطبيب سريعا ما تحولت لاعجاب وحب متبادلين.

بارك والداى تلك العلاقة، التى تطورت سريعا للارتباط ولكن كان كل مايؤرق بالهم وضع اختى الطبى الغير مستقر، انشغلت بحياتى الجديدة كثيرا وانشغلت بتجهيز منزلى الذى ساتزوج به وكان عريسى وقتها متعجل لإتمام إجراءات الزفاف فقد كان يتيم الأبوين وفى أمس الحاجة للاستقرار.

وبالفعل حاولت معى اخته كثيرا حتى أعجل بالزفاف ولكن أبى وقتها رفض الزواج، إلا عندما تنجب اختى وتطمئن عليها لأن أمى لم تستطيع وحدها متابعة اختى أثناء حملها المضطرب، وتفهم خطيبى جيدا تلك الظروف واكتفى بعقد القران.

وجاء يوم ولادة توأمي الذى كان يوما صعبا وعسيرا جدا وشعرت وقتها أنا الأخرى أن ألما رهيبا يشق قلبى ولا أقوى على احتماله لحظات وخرج لنا الطبيب ناظرا للأرض فقد اختار الله اختى إلى جواره وكان وقع الخبر على وعلى أبواي كالصاعقه وانهارت أمى وقتها تماما وفقدت النطق وانهار أحمد.

خرجنا من المستشفى ونحن نحمل طفلين ولد وبنت تركتهما لنا "ريهام" دون ان نفيق من الصدمة، بعد ساعتين بدء الطفلان فى البكاء والصراخ، يا اللهى ماذا أفعل؟، أمى منهارة واحتجزت فى العناية المركزة وأبى مذهولا وأحمد غارقا فى دموعه

ماذا أفعل وانا مع طفلين يبكيان ولا أعرف كيف اسكتهما.

تولت جارتنا متابعه الطفلين الذين كتب لهما الطبيب لبن بديل، انتهت مراسم دفن اختى وانتهت مراسم العزاء ونحن فى ذهول وغير مصدقين لما حدث، لقد ماتت اختى وتركت لى طفلين، ومعها فقدت أمى الحركة والنطق ولا أعلم كيف اتعامل مع الطفلين الذين لا يكفان عن البكاء.

مرت الأيام ثقيلة وحزينة، حتى بدأت أنا وابى نتماسك لأجل الطفلين ومع الوقت اعتدت على تحمل مسئوليتهما، وكانت امى لا تقوى وقتها على الحركة، فقد أثر موت اختى عليها وأصيبت بالشلل الرعاش، كان أحمد يوميا معنا ويقضى مع أبنائه الوقت الطويل متأملا لهما ومتحدثا أحيانا معهم بصوت عالى تخنقه الدموع.

بعد أربعه أشهر فاتح خطيبى أبى فى أمر زواجنا وقال له إنه متنازل عن عمل زفاف، نظرا للظرف الذى نحن فيه وأنه سيكون يوما عاديا وانتقل بعدها لبيته، ثار أبى وقتها وانفعل عليه ورفض إتمام الزواج وأنا كذالك شعرت أن الوقت غير مناسب بالمرة وانى لن استطيع ترك أبناء اختى وحدهما وامى لا تقوى على الحركة.

انتظر خطيبى شهر آخر وعاود مفاتحة أبى فى الأمر الذى عاود الرفض بل واعتذر له نهائي على الارتباط وسط ذهول منى كبير

تكلمت مع أبى ولكنه أصر على أن اتمام الزواج مستحيلا وان أبناء اختى الآن هما الأهم وأن زواجى الآن معناه ترك أبناء اختى وأنه لن يستطيع أحد تربيتهما غيري.

وأنا الآن لا أعلم ماذا أفعل؟، هل أترك خطيبى وهو انسان بكل ما تعنيه الكلمة؟ وقد قاسمنى وأسرتى محنتنا ووقف إلى جوارنا ولم يتركنا لحظة واحدة، ومازال مستعدا لتحمل المسئولية بل انه عرض أخذ الطفلين معي ووطلب تربيتهما في بيته، أم أن ما يقوله أبى هو الحل المناسب وأنه مع مرور الأيام لن يتحمل زوجى أبناء اختى وتدب المشاكل بينن؟.

الرد

فى كثير من المواقف التى تمر علينا فى حياتنا تضعنا أقدارنا بين خيارين، كلاهما مر ونقع فى حيرة بين ايهما يحمل المنطق والصواب، والدك على حق فالمشوار طويل وأنت كما قلت لقد تركت لك اختك أمانة حملها صعب ولن تستطيعين التقصير فهما مازالا رضع لا يستطيعان من أمرهما شئ، كذلك والدتك أعانها الله على ما تعانيه فقد فقدت اختك واثر ذلك على صحتها وأصبحت لا تقوى على خدمة نفسها فكيف بخدمة رضيعين؟.

إن الله وهبك خطيبا محبا وإنسانا حكيما، تحمل معكم أحزانكم وكان عونا لكم، اعتقد أنه لن يمانع أبدا فى الانتظار عدة أشهر قليلة أخرى حتى يشب الطفلين قليلا ويصبح التعامل معهما طبيعيا، اثق أنه سيكون داعما لك فى هذه المرحله أيضا.

حاولى معه أن تقنعيه أن المسأله هى وقت فقط وأن الطفلان أصبحا مسئوليتك وأنه ليس من الانسانية، أن تتركى أبناء اختك بدون رعاية وهما فى أمس الحاجة اليك، أما والدك فهو الاخر المسألة بالنسبة له وقت وكلما كبر الطفلان امامه واطمئن عليهما كلما كانت الأمور أيسر إن شاء الله.

والدك على حق فرفقا به فقد كانت ابنته وتركت له طفلين لن يستطيع أبدا يقصر معهما فهو يرى فيهما ابنته التى فقدها

أعانك الله على تلك المسئولية وجزاك الله عنهما وعن صبرك وعن بر والديك خيرا إن شاء الله.

نقلا عن العدد الورقي

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
البنك المركزي يقرر تثبيت أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض.. للمرة الخامسة على التوالي