في الذكري الـ 107 لميلاد الشيخ عبد الحليم محمود.. أرجع للأزهر والمشيخة هيبتهم واهتم ببناء المساجد والمعاهد الأزهرية

صورة ارشيفية

تطل علينا اليوم الذكري السابعة بعد المائة لمولد الشيخ الجليل عبد الحليم محمود، حيث ولد في 12 مايو 1910، بعزبة أبو أحمد قرية السلام مركز بلبيس بمحافظة الشرقية، ونشأ في أسرة مشهورة بالكرم والصلاح والتقوي، وكان والده ممن سنحت لهم فرصة التعليم بالأزهر، ولكن القدر لم يشأ أن يكمل دراسته فيه.

حفظ محمود القرآن الكريم، ومن ثم التحق بالأزهر الشريف عام 1923، واستطاع الحصول على العالمية عام 1932، وعقب ذلك سافر إلى فرنسا على نفقته الخاصة، ليكمل تعليمه العالي، واستطاع هناك أن يحصل على الدكتوراه في الفلسفة الإسلامية عن الحارث المحاسبي عام 1940، وبعد عودته مرة أخرى إلى مصر عمل مدرسًا لعلم النفس بكلية اللغة العربية بكليات الأزهر الشريف، وفي عام 1964 أصبح عميدًا لكلية أصول الدين، كما استطاع أن يصبح أمينًا عامًا لمجمع البحوث الإسلامية، وكان له دور بالنهوض بالمجمع وأعادة تنظيمه، وفي 1970 عين وكيلًا للأزهر ومن ثم وزيرًا للأوقاف وشئون الأزهر.

توليه مشيخة الأزهر

تولى الشيخ عبد الحليم محمود مشيخة الأزهر في ظروف بالغة الصعوبة، وذلك بعد مرور أكثر من 10 سنوات على صدور قانون الأزهر عام 1961، الذي منح توسع في التعليم المدني ومعاهده العليا، وألغى جماعة كبار العلماء، وقلص من سلطات شيخ الأزهر، ومنحها لوزير الأوقاف وشئون الأزهر، وهو الأمر الذي عجل بصدام عنيف بين محمود شلتوت شيخ الأزهر الذي صدر القانون في عهده وبين تلميذه الدكتور محمد البهي الذي كان يتولى منصب وزارة الأوقاف حينها، وفشلت محاولات الشيخ في استرداد سلطاته، وإصلاح الأوضاع المقلوبة.

ولم يكن أحد يتوقع أن يستطيع عبد الحليم محمود أن يحقق هذا النجاح الذي حققه في إدارة الأزهر، ويرجع للمشيخة مكانتها ومهابتها مرة أخرى، ويتوسع في إنشاء المعاهد الأزهرية على نحو غير مسبوق، ويجعل للأزهر رأيًا وبيانًا في كل موقف وقضية، وكان لصفاء نفسه دور في ذلك، بالإضافة إلى تحمله للمسئولية الملقاة على عاتقه، دور كبير في ذلك النجاح.

نشاطه الاصلاحي

بدأت بوادر الإصلاح واضحة في سلوك الشيخ عبد الحليم محمود بعد توليه أمانة مجمع البحوث الإسلامية الذي حل محل جماعة كبار العلماء، فبدأ بتكوين الجهاز الفني والإداري للمجمع من أفضل رجال الأزهر، وتجهيزه بمكتبة علمية ضخمة استغل في تكوينها صداقاته وصلاته بكبار المؤلفين والباحثين، بالإضافة إلى توفير الكفاءة العلمية التي تتلاءم مع رسالة المجمع العالمية.

وشهد عهده على عقد مؤتمر مجمع البحوث الإسلامية، وتوالى انعقاده بانتظام، كما أقنع المسئولين بتخصيص قطعة أرض كبيرة بمدينة نصر لتضم المجمع وأجهزته العلمية والإدارية، ثم اهتم بإنشاء مكتبة للأزهر، ونجح في تخصيص قطعة أرض مجاورة للأزهر لتقام عليها المكتبة.

وأثناء توليه لوزارة الأوقاف أهتم بالمساجد بشكل كبير، فأنشأ عددًا، وضم عددًا أخر من المساجد الأهلية، وجدد المساجد التاريخية الكبرى مثل جامع عمرو بن العاص، ثانى أقدم المساجد في إفريقيا بعد مسجد سادات قريش بمدينة بلبيس محافظة الشرقية، وأسند أمر الخطبة فيه إلى الشيخ محمد الغزالي، وعادت إليه الحياة بعد أن اغتالته يد الإهمال، وأنشأ إيضًا بمساجد الوزارة فصولًا للتقوية ينتفع بها طلاب الشهادتين الإعدادية والثانوية، جذبت الآف الطلاب إلى المساجد وربطتهم بشعائر الدين الإسلامي.

مسؤولياته بعد أن أصبح شيخًا للأزهر

كان الشيخ عبد الحليم يدرك خطورة منصبه، وأنه مسؤول عن القضايا التي تتعلق بالمسلمين، وأنه لا ينتظر من أحد توجيهًا إلى النظر في بعض القضايا وغض النظر عن بعضها، فكان للأزهر في عهده رأي ومقال في كل قضية وموضوع يتعلق بأمر المسلمين، وتصدي محمود إلى قانون الأحوال الشخصية، الذي حاولت الدكتورة عائشة راتب إصداره دون الرجوع إلى الأزهر، وحرصت على إقراره من مجلس الشعب على وجه السرعة، وكان هذا القانون قد تضمن قيودًا على حقوق الزوج على عكس ما قررته الشريعة الإسلامية.

التوسع في إنشاء المعاهد الأزهرية

تولى الشيخ عبد الحليم محمود مشيخة الأزهر في وقت اشتدت فيه الحاجة لإقامة قاعدة عريضة من المعاهد الدينية التي تقلص عددها وعجزت عن إمداد جامعة الأزهر بكلياتها العشرين بأعداد كافية من الطلاب، وهو الأمر الذي جعل جامعة الأزهر تستقبل أعدادا كبيرة من حملة الثانوية العامة بالمدارس، في الوقت ذاته لم يكن هولاء الملتحقين بالجامعة يحملون ثقافة دينية وعربية تؤهلهم لأن يكونوا حماة الإسلام.

ومن هنا أدرك الشيخ خطورة هذا الموقف، فتوجه إلى القري والمدن يدعو الناس للتبرع لإنشاء المعاهد الدينية، فلبى الناس دعوته وأقبلوا عليه متبرعين، ولم تكن ميزانية الأزهر تسمح بتحقيق آمال الشيخ في التوسع في التعليم الأزهري، وكان لعلاقاته القوية بالحكام، بالإضافة إلى قدرته القوية في التأثير على الناس، دور كبير في تحقيق ما كان يرجوه، واستطاع بذلك أن يزيد من عدد المعاهد في عهده.

الاهتمام بأمور المسلمين

كان الشيخ عبد الحليم يستشعر أنه إمام المسلمين في كل أنحاء العالم، وأنه مسئول عن قضاياهم، وكان هؤلاء ينظرون إليه نظرة تقدير وإعجاب، فهم يعتبرونه رمز الإسلام وزعيم المسلمين الروحي، ولهذا كان يخفق قلب الإمام لكل مشكلة تحدث في العالم الإسلامي، ويتجاوب مع كل أزمة تلم ببلد إسلامي.

وظهر ذلك من خلال إصداره بيانًا بشأن الأحداث الدامية والحرب الأهلية في لبنان، ودعا الأطراف المتنازعة من المسلمين والمسيحيين إلى التوقف عن إراقة الدماء وتخريب معالم الحياة، وأهاب بزعماء العرب والمسلمين إلى المسارعة في معاونة لبنان على الخروج من أزمته.

وفاة الشيخ عبد الحليم محمود

توفي الشيخ الجليل في الـ 17 من أكتوبر عام 1978، بعد يوم واحد من اجراء عملية جراحية له، نتيجة شعوره بالآلام شديدة فور عودته من الأراضي المقدسة.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً