أجرى الرئيس عبد الفتاح السيسي، حوارًا مع رؤساء الصحف القومية، الأهرام والأخبار والجمهورية، حول مستجدات الأوضاع في مصر، وتضمن الحوار الكشف عن عدد من التحركات التي سوف تشهدها مصر في الفترة المقبلة في عدد من القضايا الحيوية التي تهم الشأن المصري.
وجاء الحوار عقب رجوع الرئيس السيسي من قنا، حيث افتتح هناك عدد من المشروعات التنموية التي من شأنها النهوض بصعيد مصر، وشهدت زيارة الرئيس لقنا على توجيهات فورية وصارمة من جانبه لقوات الجيش والشرطة لسحب أرضي الدولة المعتدي عليها، وإرجاعها إلى أحضان الوطن..
ودار الحوار بين الرئيس ورؤساء الصحف القومية، حول إجراءات الحماية الجديدة التي ستعود بالفائدة على الطبقة المتوسطة ومحدودي الدخل، بالإضافة إلى أن هذه الإجراءات تتضمن مزيدًا من الإعفاءات الضريبية، ومضاعفة القررات التموينية.
وأوضح الرئيس خلال الحوار، أن المواطن في الوقت الحالي، قد يكون في حالة من الغضب نتيجة موجة الغلاء، إلا أن المواطن يعلم أن التركة ثقيلة، وتحتاج إلى مزيد من الوقت والجهد والتضحيات، ووصف الرئيس تلك التضحيات بأنها الضريبة المستحقة من أجل الانتقال إلي وضع أفضل في المستقبل، وقال إن المواطن المصري لن يقبل أن تكون بلده دولة متواضعة أو هشة، موضحًا أن غالبية الشعب مستعدون أن يعانوا بشرط أن يكون المقابل مستقبلًا أفضل.
وأشار الرئيس إلى أن الحكومة تبذل جهد في سبيل مواجهة غلاء الأسعار، موضحًا أن الجهد يتمثل في إجراءات وقائية لطبقات المجتمع على مختلف درجاتها، ستكون على هيئة إجراءات حمائية جديدة مباشرة وواسعة، ونقدية وعينية، يستفيد منها كل من الطبقة الوسطي ومحدودي الدخل.
وكشف الرئيس في الحوار عن عقد مؤتمر، علني وموسع في نهاية مايو الجاري يحضره وزير الدفاع والداخلية والمحافظون ومديرو الأمن وقادة الجيوش والمناطق العسكرية، وذلك للإعلان عن نتائج جهود إعادة أراضي الدولة واستعادة حق شعبها، وتطرق في حواره عن ما تحدث به المواطن" الحاج حمام"، قائلًا: " إن ما تطرق إليه يطرح قضية غياب العدالة وغياب الدولة وربما غياب القانون، وهي مسألة يتجاوز عمرها 30عامًا، جاءت نتيجة الثقافة التي تشكلت بعد حرب 1967، حيث غابت الدولة وانشغلت بقضية استعادة الأرض، فطرأت ظروف ساعدت على تشكيل تقاقة وضع اليد على أراضي الدولة.
كما أوضح الرئيس أن الإجراء التي تم اتخاذها لصالح قرية "المراشدة"، ليست مجرد تعويض إلى أبناء القرية، وإنما هي استعادة أرض مصر من المعتدين، موضحًا أن الاستيلاء على أرض الشعب وحقوق الفقراء، يعد تهديدًا لأمن مصر، داعيًا الإعلام إلى المشاركة في هذه الحرب، لاستعادة حقوق الدولة والشعب، وأن تقف الدولة على أظافرها لاستعادة حق شعبها.
وشهد الحوار على التصميم الكبير للرئيس عن تصحيح الأوضاع، حيث قال ‘ن قانون الطوارئ سوف يتم تطبيقه بكل حزم دون تردد، لو لزم الأمر لمواجهة التعديات على قضية الأمن القومي، موضحًا أن عدم الأعتراف بوجود أوجه قصور، هو خداع حقيقي للناس، موكدًا على رفضه لكلمة "كله تمام"، التي يرى أنها خداعًا لنفسه، وأكمل حديثه قائلًا: "إن أسلوب إدارتي لا يسمح لأي مسئول بأن يعطي انطباعًا غير حقيقي"، موضحًا أنه سوف يقوم بعمل كشف حساب تفصيلي في يناير المقبل حول ما كانت عليه الأوضاع يوم أن تسلم السلطة وما تم إنجازه حتي تتضح الصورة تمامًا قبل انتخابات الرئاسة المقرر لها منتصف العام المقبل.
وتطرق الرئيس بوضوح إلى ما سوف تتحدث به الأجيال القادمة عما يجري اليوم، فقال إن الأبناء والأحفاد سيقولون لم يكن هناك أحد لديه مروءة يتصدي لمن يمنح نفسه وأولاده ظلما أرض الدولة ويتركنا بدون حقوق، موضحًا أنه إذا خشينا من الإصلاح وضريبته علي شعبية رئيس أو فرصة رئاسة أخري نكون قد أخطأنا في حق وطن ومستقبل أبنائه.
وعند سؤال الرئيس عن شعبيته ومدي اهتمامه بها في ظل الظروف الحالي!!؟.. كان الرئيس أكثر صراحة، حيث قال أن محبة الناس أمر يتمناه كل انسان، ولكن هل الشعبية هي الأهم أما مصر وأهلها، موضحًا أن "الشعبية أمر مؤقت...أما ما سيقوله الناس بعد سنوات طويلة، والأهم هو السؤال أمام الله، وهل حافظت على الأمانة! ؟".
وكان الرئيس السيسي متفائلًا ومستبشرًا بالمستقبل رغم صراحته المعهودة بشأن ما يعترض برنامج الإصلاح من عراقيل ومشكلات، وفي مواضع عدة من حواره أبدي ثقته الكاملة في فهم الناس لما يجري، مؤكدًا أنه سوف يواصل التواصل مع الشعب مباشرة حتي يصل بأفكاره وسياساته إلي الجميع وحتي يشعر المواطنون أن قنوات الاتصال مع رئيس الدولة لا تحدها حدود، وقال الرئيس بوضوح الحقيقة" كنت أري حجم المسئولية وأدرك قدر العبء، بكل الصعوبة التي وجدتها منذ البداية".
كمل تحدث الرئيس السيسي عن العمل علي علاج القصور في كل القطاعات معًا من الوهلة الأولي من أجل إعادة إصلاح وتأهيل البنية التحتية، سواء في مجالات الطرق أو الكهرباء أو الإسكان، موضحًا أن ما تم انجازه في ثلاث سنوات هو سد الفجوة بين الواقع وما يجب أن يكون لتأخذ الأمور فيما بعد مسارها الطبيعي، كما أثني الرئيس علي دور القوات المسلحة في عملية إعادة البناء الجارية، فقال إنه "لولا أن القوات المسلحة كانت طرفًا أصيلًا في مواجهة هذا التحدي الكبير، ربما ما كنا نستطيع مواجهته وتحقيق ما تم أنجزناه".
وأوضح الرئيس أن الأولويات تتمثل في الانتهاء من المشروعات التي وعد بها المصريين، والعمل على بدء مشروعات أخرى، مشيرًا إلى أنه تم الانتهاء من 10 أمور تهم المواطنين، ومازال هناك أمر واحد يعمل على الإنهاء منه، وهو ضبط الأسعار.
فيما يلي بعضًا من الأسئلة التي دارت بين الرئيس السيسي ورؤساء الصحف القومية:
- يوم الأحد الماضى وجدنا مواطنًا هو الحاج حمام ابن" المراشدة" يشكو إليك مظلمة عمرها 30 عامًا لأهل قريته، الذين لم يحصلوا إلا على النزر اليسير من أرض الاستصلاح بزمام بلدتهم، وشاهدناك تستمع إليه وتدعوه إلى الصعود لمنصة الاحتفال وتطلب منه أن يشرح شكواه على الخرائط كما طلب.
وسمعناك تكلف القوات المسلحة بوصفك قائدها الأعلى بشراء ألف فدان من مشروع "المراشدة"، وإهدائها إلى أبناء القرية من غير ملاك الأراضى، لكن لا تعي ذاكرتنا مشهدًا كهذا بين مواطن مصرى وحاكم.. كيف تنظر إلى علاقتك بالمواطنين؟
فكانت أجابة الرئيس، أنا لا ادير علاقة بين حاكم ومحكومين إنما مع أهلنا، مع الناس الذين وضعوا ثقتهم فى شخصى، فعندما أقول علاقة بين رئيس ومواطن فإننى بذلك أفصل بينى وبين أهلي، وعندما تتاح الفرصة للقاء كلقاء قنا الأحد الماضى فإننى، أعتبره فرصة للاستماع للناس، موضحًا أن البعض فيما مضي لم يسمع أو يتيح الفرصة لسماع الناس، لكى يعطى انطباعا بأن "كل شىء تمام."
ويصمت الرئيس ثم يقول":لا مش كل شىء تمام،" لابد أن نعترف بأن لدينا أوجه قصور كثيرة فى مرافق الدولة وخدماتها، لو لم نعترف بهذا فإننا لانخدع الناس فقط، وإنما أخدع نفسى أيضا، الحد الأدنى أن أرى نواحى القصور، وأن أكون مستعدًا لأن أسمع، أو نكون مستعدين لنسمع بعضنا البعض، ونرى معًا أكثر، ونعمل معا أكثر وأكثر.
القضية فيما طرحه "الحاج حمام "هى غياب العدالة، وغياب الدولة، وربما غياب القانون، والمسألة ليس عمرها ثلاثين عاما فقط، فهناك ثقافة تشكلت عقب حرب 1967 بأن الدولة قد غابت، لأنها انشغلت بقضية أكبر هى استعادة الأرض، لذا أهملت ما عداها من قضايا، فطرأت ظروف تشكلت معها ثقافة وضع اليد والاعتداء على أراضى الدولة التى لم تستطع إيجاد التوازن.
أما فيما يخص المواطن أو المواطنة، فلا أشعر بأى شكل من أشكال الحرج حينما أستمع إليه، ولو انتقد أحدهم شيئا يجب أن أسمعه، وهذه ثانى مرة بعد مؤتمر الشباب فى أسوان يناير الماضى أدعو مواطنًا من الحضور ليتكلم ويبوح بما يريد، لنتخذ بعد ذلك الإجراء المناسب، موضحًا أن الإجراء المتخذ الأحد الماضي، ليس مجرد تعويض الناس من أبناء المراشدة، وإنما استعادة أرض مصر من المعتدين.
بعد أسبوعين، سوف أعقد مؤتمرا علنيًا وموسعًا يجمع وزيرى الدفاع والداخلية والمحافظين وقادة الجيوش والمناطق العسكرية ومديرى الأمن وسيكون المؤتمر على مرأى ومسمع من أبناء الشعب، لكى يعلن كل منهم ماذا فعل لكى يعيد أراضى الدولة وحق الدولة، وكل محافظ وكل مدير أمن يعلم أماكن التعديات فى محافظته، وكل قائد فى نطاق الجيش أو المنطقة مسئول عن الدفاع عن نطاقه وحماية الشعب فى أمنه القومي، موضحًا أن الاستيلاء على أرض الشعب، وحقوق فقرائه هو تهديد لمصر، ومسئولية الدولة هي تنظيم الحصول على هذه الأراضي، عن طريق أحكام الدستور والقانون.
وأوضح أن التعديات لم تسلم منها أراضى الزراعة أو السياحة وأملاك الدولة، الجهة الوحيدة التى لم يتم التعدى على الأراضى الموجودة فى نطاق سلطتها هى القوات المسلحة، مشيرًا إلى أن أراضى العاصمة الجديدة على سبيل المثال مساحتها 175 ألف فدان، أى أن قيمتها لو افترضنا أن ثمن المتر ألف جنيه فى المتوسط، تصل إلى نحو 750 مليار جنيه، إذن لو كانت التعديات بحجم مساحة العاصمة الجديدة، فإن قيمتها هائلة، ومن هنا نجد أن سعر فدان الأرض فى المراشدة على سبيل المثال قيمته تفوق الـ 100 ألف جنيه، فكيف نسمح بهذه التعديات فى دولة تعانى وعلى حساب شعب يئن؟.
ودعا الرئيس وسائل الإعلام للاشتراك فى هذه الحرب لاستعادة حقوق الدولة والشعب، كما دعا إلي مشاركة شباب من المحافظات في اللجان ليروا بأنفسهم أولآ حجم التعدي ثم حجم التصدي للمشكلة، موضحًا أنه كيف يتم ترك 10 آلاف أو 20 آلف متعد أو حتي 50 ألفًا، وفي النهاية يقف هولاء المعتدين أمام الدولة، ويحصلوا على حقوق 90 مليون مصري.
وتسأل الرئيس عما سيقوله الأبناء والأحفاد بعد 20 سنة ليكتشفوا حجم الإساءة التى لحقت بهم لو تهاونّا فى حق الشعب وحقهم فى أراضى الدولة، موضحًا أنهم سيقولون: " لم يكن هناك أحد عنده مروءة يتصدى لمن يمنح نفسه وأولاده ظلما أرض الدولة ويتركنا دون حقوق"، مشيرًا إلى أن المصريين أمانة في رقبة الجميع ومستقبل الأطفال في رقبته.
- سيادة الرئيس، لعل من حسنات لقاء قنا أن كثيرين أدركوا أن لقاءاتك غير مرتبة وأن الأسئلة والمواقف عفوية؟!
أجاب الرئيس، بأن قال أنه أمر غريب ألا يدرك البعض حتى الآن حقيقة تعاملنا، وصدقنا مع أنفسنا ومع الشعب، وتسائل بهل لأن هناك بعض المسئولين يقولون للناس أن كل شئ تمام!؟.
- سيادة الرئيس هل ترى الحملة لاستعادة أراضى الدولة المعركة الكبرى فى الحرب على الفساد؟
الرئيس: شوفوا منذ البداية تعاملنا مع التحديات فى مصر بخطة منظمة بعيدا عن العشوائية، حيث كانت الإستراتيجية هى تثبيت الدولة وربما يقول البعض إن هذه الحملة ضد التعديات كان يجب أن تتم منذ اليوم الأول لرئاستى، لكنى وفقا لهذه الإستراتيجية كان لابد أولا أن تستقر الأمور وأن يهدأ البعض وأن تطمئن الناس وأن تثق.
-سيادة الرئيس.. بعد 3 أسابيع.. ندخل العام الرابع والأخير من مدة الرئاسة الأولى، هل شعرت بعد مضى 3 أعوام أن العبء أكبر مما كنت تتصور؟.. هل تشعر بأن المواطن يحملك فى أقل من 36 شهرا مسئولية إصلاح ما جرى فى 36 عاما، بل يحملك مسئولية تعويض ما فات على مدى 50 عاما مضت، خلال فترة رئاسية واحدة؟
الرئيس:الحقيقة أننى كنت أرى حجم المسئولية وأدرك قدر العبء، بكل الصعوبة التى وجدتها منذ البداية، ومنكم من جلس معى منذ عام 2011 وسمعنى أتحدث مثلما أتحدث الآن.. كنت أدرك القضية وأفهمها بكل عمقها.
أما عن الشعب فهو لا يطلب سوى أن نشعر بظروفه وأن نجعله يطمئن، ويأمن لمأكله ومشربه، والمعادلة الصعبة أن الشعب لا يريد أن يحملنى تبعات الماضى، فهو يدرك أن التحدى كبير، وأن الرئيس ليس سببا فيه، بل يحاول أن يغيره ونحن نحاول أن نساعد.. على كل حال الشعب يقدر وأظنه يرى الأمور تتحسن.
التحدي َضخم، فعندما يكون القصور فى قطاع ما أو مرفق واحد، فإنك تكثف جهودك لإزالته. لكن عندما يكون فى كل القطاعات كافة، لا تستطيع أن تعمل فى إصلاح قطاع وتترك الباقى، وتقديرى منذ البداية أن أعمل فى كل القطاعات كافة.. فلم يكن ممكنا أن أركز فى البنية الأساسية وأترك الكهرباء، أو أن أركز فى التعليم وأترك الصحة، أو أن أترك الطاقة وأكثف جهدى فى شىء آخر، فهناك ترابط بين كل القطاعات، ولابد من استعادتها كلها حتى لا يحدث خلل يؤدى إلى انهيار المنظومة، فعلى سبيل المثال لو ركزت فى سبعة قطاعات مثلا وتركت ثلاثة، فمن الممكن أن يؤدى إهمال القطاعات الثلاثة إلى انهيار القطاعات السبعة، لذا كان لابد أن نعمل فى كل المجالات كافة بالتوازى. وعلى كل حال نجحنا فى إنجاز العمل فى عدة قطاعات بهذا الأسلوب.
الطاقة على سبيل المثال، لم نعد نتكلم عن انقطاع تيار أو نقص غاز أو كهرباء للمصانع.. ففى مجال البنية الأساسية أنفقنا 100 مليار جنيه خلال 3 سنوات لإنشاء 7 آلاف كيلو متر من الطرق القومية التى تربط عواصم المحافظات والمدن الرئيسية بمدن أخرى وبمطارات، وهذا عمل ضخم تشارك فيه وزارات الدفاع والإسكان والنقل، ولن ينتهى العمل بإنشاء هذه الطرق، إنما هى أساس يمكن البناء عليه، فقد قمنا خلال 3 سنوات بسد الفجوة بين الواقع وما يجب أن يكون لتأخذ الأمور بعد ذلك مسارها الطبيعى، الشىء نفسه قمنا به فى مناطق البنية الأساسية الأخرى.
- سيادة الرئيس، غلاء الأسعار هو حديث كل بيت، هناك جهود تبذلها الحكومة، لكن المواطن يراها غير كافية ويتطلع إليك أنت للتخفيف عنه، وكيف تري سبل التغلب على هذا التحدي الكبير؟
الرئيس:نحن نتحرك بكل قوة لمجابهة الغلاء، وأنا لا أحب العجز أو الضعف فى المجابهة، بل أحولهما إلى إرادة وإصرار شديدين على التغلب والنجاح، وكلما كان التحدى كبيرا فإنى أشعر بأنه لابد من التغلب عليه.. وكل ما نتحدث عنه بسيط أمام إرادة القتال والتحدى لبناء دولة حقيقية والسؤال: أين نحن من مسألة غلاء الأسعار؟..أقول أن هناك جهد تبذله الحكومة لمجابهة ارتفاع الأسعار، منها إجراءات حمائية لطبقات المجتمع باختلاف درجاتها.
وخلال الأسابيع المقبلة سنعلن إجراءات حمائية جديدة مباشرة وواسعة، نقدية وعينية تستفيد منها الطبقة المتوسطة ومحدودو الدخل، سوف يلمسها المواطن لتمكينه من مواجهة خطوات الإصلاح الاقتصادى المخططة وفقا للبرنامج المحدد سلفا، والتخفيف عنه من آثارها، مثل تغيير شرائح الضرائب بزيادة حد الإعفاء الضريبى ومضاعفة المقررات التموينية.
يضيف الرئيس قائلا: لا أريد أن أكرر ما قلته لكم فى حوارنا السابق، لكن جزءا من مشكلة الغلاء هو زيادة حجم الطلب عن المعروض من السلع، فهناك ما بين 2 و 3 ملايين يعملون فى المشروعات الجديدة، ولولا عملهم بهذه المشروعات التى تحتاجها الدولة، ما عادوا إلى منازلهم بأموال للإنفاق على أسرهم، واذا كانت المشروعات تتكلف سنويا 200 مليار جنيه، فإن ثلث هذا المبلغ يذهب كأجور ويوميات للعاملين والعمال، مما يزيد من الطلب فى الأسواق، لذا كان لابد من زيادة المعروض من السلع لكى نتجنب المغالاة فى أسعارها.. لذلك فكرنا فى مشروع المليون ونصف المليون فدان، ومشروع الـ 100 ألف فدان صوب، ومشروع المليون رأس ماشية بجانب إجراءات أخرى متنوعة لزيادة المعروض من الخضر والفواكه والمنتجات الزراعية واللحوم.
سوف نسلم الشريحة الأولى من المرحلة الأولى لمشروع المليون ونصف المليون فدان، وقوام هذه المرحلة نصف مليون فدان، فى نهاية شهر يوليو، وهذه المساحة سوف تضخ فرص عمل ومنتجات وزيادة العرض وتراجع الأسعار.
وكنت أتمنى أن يتم تسليم نصف مليون فدان كلها فى هذا التاريخ، ولعلكم لاحظتم عدم رضائى فى أثناء الافتتاحات بقنا عن عدم التسليم، ولابد من إجراء شجاع وجرىء، مادام هو بعيدا عن الفساد والإهمال للإسراع بإنهاء المرحلة الأولى لنتمكن بعدها من تسليم المليون فدان لضخ فرص عمل جديدة ومنتجات زراعية تزيد العرض وتريح السوق.
أما عن الصوب فقد تم إنشاء 600 صوبة مساحة كل منها ثلث فدان، ونعمل على بناء صوب جديدة مساحتها ما بين فدان و2٫5 فدان، وانتهينا من بعضها، وجزء منه إنتاج محلى فِى حدود ألفى صوبة، وسنسلم قريبا عددا منها، والمائة ألف صوبة ستنتهى قبل منتصف العام المقبل على مساحة مائة ألف فدان، ويعادل إنتاج الصوبة على الفدان إنتاجية 10 أفدنة عادية، أى أن إنتاجها سيعادل مليون فدان ومنتجاتها كلها طبيعية" أورجانيك"، تروى بمياه لها نقاء مياه الشرب، والبعض كان يتصور أن المنتجات ستكون غالية السعر، وأدعو المواطنين للسؤال عن المنتجات من باكورة إنتاج هذه الصوب، ليعرفوا أن أسعارها أقل من السوق، البعض أيضا يتساءل عن التكلفة العالية للصوب، وأقول إننى اتعامل مع الموضوع من منظور حماية أمة والحفاظ على دولة، فنحن مثلا نشترى الطائرة المقاتلة بنحو 100 مليون دولار لنحمى مقدراتنا، فما المانع أن نحصل على معدات إنتاجية وزراعية وفق دراسات جدوى اقتصادية من أجل أن أحمى شعبى؟
أما بالنسبة لمشروع المليون رأس ماشية للتسمين والتكاثر، فقد أنجزنا أول مرحلة فى المزارع الحيوانية وهى تجهيز الحظائر، وتكلفت المنشآت 5 مليارات جنيه، وهذا المشروع فى مجمله يتكلف 100 مليار جنيه.
وقد وصلت أولى الشحنات وقوامها 24 ألف رأس من أمريكا اللاتينية من أوروجواى والبرازيل، وسيكتمل المشروع فى غضون سنتين لأن السوق العالمية لا تستطيع تلبية طلباتنا وفق المعايير الصحية العالمية فى مدة زمنية قليلة، وهناك لجنة تشترى المجازر.
- سيادة الرئيس.. هل تشعر بأن مسألة غلاء الأسعار أدت إلي انخفاض الشعبية أم أن وسائل التعبير الجماهيرية عنها قد خفتت بالقياس لما كان عند نزول الناس إلى الشارع للمطالبة بترشحك لانتخابات الرئاسة؟.
الرئيس: إذا خشينا من الإصلاح وضريبته على شعبية رئيس أو فرصة رئاسة أخرى نكون قد أخطأنا فى حق وطن ومستقبل أبنائه.. ثم من يعرف من سيأتى غدا، إن هذا أمر بيد الله.
حسابات السلطة عند البعض تقول": هل هناك أحد يتخذ إجراءات اقتصادية فى هذا التوقيت؟.. أليس من الأفضل تأجيلها؟... لكن المسألة ليست سلطة إنما اختيار... فالشعب يختار ببصيرته والحاكم هو الذى يحدد مصير الدولة بقراراته، وعلينا أن نسترجع مسار الدولة المصرية فى مائة عام سابقة، الآن الشعب يستطيع أن يختار ما يشاء، ولن أكون أحرص من الشعب على مصلحته وأنا واحد من أفراده.
ودون شك فإن محبة الناس أمر يتمناه كل إنسان، فمن منا يكره محبة الناس، أو لا يسعى إليها؟.. لكن يا ترى ما الأهم: الشعبية، أم مصر ومستقبلها؟... الشعبية المؤقتة، أم ما سيقوله الناس بعد سنوات طويلة، والأهم السؤال أمام الله وهل حافظت على الأمانة؟
الناس تفهم وتشعر ممكن أن يكون المواطن متضايقا من الغلاء وسوء الخدمات، لكنه يعلم بأن التركة ثقيلة وصعبة وأنها تتطلب وقتا وجهدا وتضحية، والمواطن نفسه فى قلب التضحية، ثم بعد حين حينما يخرج من أزمة الأسعار، سيتساءل كيف خرجنا من ارتفاع الأسعار وسوء الخدمات.
هل معقول أن يحدث هذا؟.. نعم بالأسلوب الذى نسير عليه، فهناك ضريبة مستحقة للانتقال إلى الأفضل.. وما أقوله ليس كلام خداع أو تخدير إنما هو مسار النجاح.
- سيادة الرئيس.. لك عبارة شهيرة قلتها فى خطاب مؤخرا... إننا على جسر العبور من التحديات إلى الإنجازات... هل انتهينا من مرحلة إنقاذ الدولة ثم تثبيتها إلى الإنجاز؟
الرئيس: مازلنا فى مرحلة تثبيت الدولة ومدتها 4 سنوات، أى خلال فترة الرئاسة الحالية، وبداخلها خطوات استعادة هيبة الدولة.. دولة المؤسسات والقانون.
ومع عملنا فى هذا المسار، هناك ملفات عديدة انتهينا منها، وسوف أقدم فى يناير أو فبراير المقبل كشف حساب للشعب، أقول هذه مصر عندما تسلمت الأمانة، وهذه مصر التى أقدمها لمن تختارونه للرئاسة.
سيكون كشف حساب تفصيليا يشمل قطاعا قطاعا، ومرفقا مرفقا، وأقول إن ما أنجز كاف بفضل الله.
- سيادة الرئيس.. تبدو فى أحيان ناقما على تأخر تنفيذ بعض المشروعات، رغم إن إطلالة واحدة على خريطة مصر، تكشف عن تغير هائل فى شبكة الطرق والموانى والمطارات وإنشاء المدن الجديدة وتصنيع سيناء وإنشاء محطات الكهرباء العملاقة، إلى جانب قناة السويس... هل السبب هو أداء الوزارات وحدوث تداخل بينها؟... وكيف يسير العمل فى المشروعات الكبرى، بالأخص العاصمة الجديدة والمدن الحديثة؟
الرئيس:نحن نتحسن كل يوم عما سبق، وكلما جاء مسئول جديد، يبنى ويكمل على ما تسلمه ممن سبقه.
أما عن العاصمة الجديدة، ففى نهاية 2018 سينتقل كل الحكم إليها من وزارات وأجهزة سيادية، وقد تم الانتهاء فعلا من أول حى سكنى، أما المركزالتجارى فسيكتمل خلال 5 سنوات، ومنشآته ترتفع ما بين 50 و100 طابق، هناك أيضا المدن الجديدة فى صعيد مصر غرب النيل، فى بنى سويف والمنيا وأسيوط وسوهاج، وهى مدن كبرى كالعاصمة الجديدة ستقام لها محاور عبر النيل، كما أوضح وزير النقل فى أثناء الافتتاحات الأخيرة فى قنا... فمثلا مدينة ناصر فى هضبة أسيوط سوف يربطها المحور بالمطار وبالمناطق الزراعية شرق النيل.
أما مدينة العلمين الجديدة، فهى مدينة مليونية سياحية، وسيكون بها مقر حكم مختصر صيفى مثلما الحال فى الإسكندرية فى الماضى.
بمناسبة العلمين الجديدة.. هذا العام يمر 75 عاما على معركة العلمين، هل هناك تفكير فى احتفالية عالمية بهذه المناسبة، تسهم فى ترويج المدينة الجديدة عالميا؟
الرئيس: هناك دراسة تقوم بها القوات المسلحة مع الجهات المعنية، مع الوضع فى الاعتبار أن دول الحلفاء تتناوب على تنظيم احتفالية سنوية، ونحن ندرس إقامة احتفالية تبرز الحدث وتلقى الضوء على الآثار السلبية للحروب ومخلفاتها من ألغام، كما هو الحال فى منطقة العلمين، والترويج للمدينة الجديدة.
لقد انتهى العمل من إنشاء 3حارات للسيارات فى كل اتجاه بالطريق الساحلى، ويجرى العمل فى المرحلة الثانية التى تتضمن إنشاء حارتين إضافيتين فى كل اتجاه لسيارات النقل الثقيل.. أى أن الطريق يشمل 5 حارات فى كل اتجاه... وفى منتصف العام المقبل ستكون العلمين الجديدة شيئا مختلفا.
- سيادة الرئيس.. هناك اكتشافات مبشرة سمعنا بها مؤخرا فى حقول الغاز بالبحر المتوسط... متى يبدأ حقل «ظهر «فى الإنتاج وماذا يوفر لمصر؟
الرئيس:حقل ظهر سيبدأ فى الإنتاج آخر العام، وسنتخلص بدخوله مرحلة الإنتاج من فاتورة كبيرة كنا نسددها، ولقد التقيت منذ أيام مع رئيس شركة «بريتش بتروليم «ورئيس شركة «إيدا «الألمانية بعد افتتاح حقول شمال الإسكندرية وكانا يتكلمان عن بدء إنتاجهما عام 2020 وطلبت منهما تبكير الإنتاج ليبدأ عام 2018 ولو وضعنا هذه الحقول غرب وشرق الدلتا وأتول مع حقل "ظهر"، ومرحلته الثانية، فسنجد ما يكفينا ونصدره أو نحوله إلى قيمة مضافة كمنتجات بتروكيماوية، وهناك دراسات وتعاقدات تتم لإنشاء مجمع جديد للبتروكيماويات، وأتصور أننا سنوفر من فاتورة استيراد الغاز 300 مليون دولار شهريا، أى نحو 3٫6 مليار دولار سنويا من فاتورة الاستيراد التى تبلغ 30 مليار دولار سنويا.
- سيادة الرئيس.. كيف ترى أداء الحكومة الجديدة بعد التغيير الوزارى الأخير؟
الرئيس: الأداء هايل والوزراء يقومون بدورهم على نحو جيد فى ظل التحديات، وهناك متابعة يومية، وأنا لست من أنصار مبدأ التغيير لمجرد التغيير الذى يؤدى إلى عدم استقرار، والحكم على الأداء ليس بمستوى الأسعار وانما بالمنجزات، وعلى كل حال فإننى أتابع الوزراء والأداء متابعة يومية.
- وماذا عن المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء؟
الرئيس: فى حوارنا السابق سألتم نفس السؤال.. لماذا تكراره؟
- لأن الرأى العام لاحظ أن سيادتك استخدمت فى مؤتمر الشباب بالإسماعيلية كلمة رئيس الوزراء القادم.
الرئيس: لم أقصد ما فهمتموه، كنت أتحدث عن أننا نسعى لبناء كوادر شبابية يتم تأهيلها فى المستقبل لتولى مناصب قيادية، ويكون منها محافظون ووزراء ورئيس مجلس وزراء، وكنت أقصد الحديث عن المستقبل.
أما عن المهندس شريف إسماعيل فهو فى رأيى من أفضل الشخصيات التى عرفتها، وهو قادر على إدارة الحكومة بكفاءة فى ظل التحديات وصعوبة العمل التنفيذى.