لم تمر دقيقة واحدة علي أبناء التيار السلفي في مصر إلا ويحاولون إثارة القلاقل ضد أبناء الوطن الواحد، بعد انتشار التيارات التابعة لهم بعد نجاح ثورة 25 يناير، لتأتي سيول من الفتاوي الشاذة التي يصدرونها.
أصبح من السهل لأى متابع أو متصفح للإنترنت أن يعثر على عشرات بل مئات الفتاوى التى أصدرها مشايخ منتمون للتيار السلفى، ما بين دعوة إلى تكفير الأقباط واستهدفهم، وأخرى تُحل زواج الطفلة، وغيرها تدعو لهدم الآثار.
•تأييد سالم عبدالجليل
ملخص بيان الدعوة السلفية الذي أوضحت فيه تأييدها لتصريحات وكيل وزارة الأوقاف الأسبق التي زعم فيها أن "المسيحيين واليهود كفار"، لافتة إلى أن ما يطالب به البعض من أن يبين علماء كل دين عقيدتهم دون التطرق لعقائد الآخرين فغير ممكن عقلًا، وإلا فهل يُعقل ألّا يُدرس في عقائد المسيحيين موقفهم من نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، أو حتى موقفهم من الخلاف التاريخى بين الكنائس؟.
بيان الدعوة السلفية لم يعلق عليه أحد، بينما استطاعت الدولة وقف الداعية سالم عبد الجليل ومنعه من الخطابة وهو دليل على ما آلت إليه الدعوة، وما مدى قوتها إذ إنها تعد الأب الشرعي لحزب النور الذي له أكثر من نائب داخل البرلمان.
لم يكن هذا التأييد غريب على قادة المشايخ السلفية في مصر، فهم من وضع بذرة الإرهاب في المنطقة من خلال عدد من الفتاوي الذي أصدروها، عبر شاشات الاعلام والمواقع الالكترونية التابعة لهم، ومن بين هذه المواقع هو "أنا السلفى" الموقع الرسمي للدعوة السلفية في مصر، والذي يحمل طوال الوقت فتوى متطرفة وتكفيرية ضد الأقباط.
فمثلًا فى فيديو منشور عام 2012 وصف الشيخ ياسر برهامى، نائب رئيس مجلس إدارة الدعوة السلفية، الأقباط بالأقلية المجرمة الكافرة، قائلًا: "إخواننا النصارى الكفار إن بقوا على كفرهم فهم فى النار".
وفى أكتوبر 2010 أشاد ياسر برهامى عبر موقع "أنا السلفى" بحملة تدعو لمقاطعة المسيحيين، خاصة مصالحهم الاقتصادية، وأفتى بألا يشترى المسلمون دواءهم منها، ولا يدخلون تلك المشافى، ونشر الموقع سؤالًا حول حكم تهنئة النصارى بما يسمى بـ"عيد ميلاد المسيح" أو "الكريسماس"، وجاءت الإجابة بفتوى قديمة للشيخ "ابن عثيمين" بأن تهنئة الكفار بعيد الكريسماس أو غيره من أعيادهم الدينية حرام بالاتفاق.
وهنا تأتي الخطورة في أن هذه الفتاوى لم تجد من أغلب كبار المشايخ السلفيين من يراجعها أو يرد عليها، ويظهر مخالفتها للإسلام الصحيح، وبالتالى أضحت من المسلّم بها، والصحيح الراسخ لدى المنتمين للتيار السلفى، وبالأخص من الشباب، والأخطر أن التيارات التكفيرية والمسلحة اعتمدت فى جرائمها ضد المصريين على هذه الفتاوى.
فتوى هدم الأهرامات
حيث أفتى الشيخ مرجان سالم، القيادي بالحركة السلفية الجهادية بإباحة هدم الأهرامات وأبو الهول معتبرًا أنها أصنام كفرية تتعارض مع تطبيق الشريعة الإسلامية، مشيرًا إلى أن دعوى التوحيد لا تقبل وجود صنم يُعبد أو لا يُعبد.
كما أصدر الجوهري فتوى أخرى وصف خلالها العاملين بالسياحة بأنهم دعاة للفسق والدعارة، موجها دعوة إليهم بضرورة ترك العمل بالسياحة باعتبار أن دخلهم من السياحة حرام شرعا وأن أنشطة السياحة إغضاب لله.
حرمة كشف وجه المرأة
كذلك وردت فتاوى على لسان الداعية السلفي أبو إسحاق الحويني، منها تشبيه وجه المرأة بفرجها بقوله "وجه المرأة كفرجها" في سياق إقامة التدليل على وجوب حجاب المرأة، أي ستر الوجه مثل ستر الفرج، مستعينا في ذلك بحكاية عودة هند شعرواي رمز تحرير المرأة في مصر من فرنسا سافرة مما دفع بوالدها أن يشيح بوجهه عنها جراء سفورها بعد حجابها متسائلا إن كان ذلك من الدين، ومجيبا بأن هذا ما كان يقضي به العرف في ذلك الزمان، وهو التشبيه الذي أثار عليه ردود فعل منددة قوية.
فتاوى سياسية
كما أفتى ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية، فى فتوي أخرى تبيح للزوجة الكذب على زوجها لتخرج من أجل التصويت في الاستفتاء، كذلك جواز انصراف المسلمين من المعركة الحربية، إذا تيقنوا أن عدد جيشهم أقل من نصف العدو.
أفتى فوزي السعيد، قائد التيار السلفي بالقاهرة، أن من يشكك في عودة السابق لمنصبه يشكك في الله، لأن ''مرسي'' هو ''هدية من الله''، وأن من يشكك في عودة مرسي يشك في وجود الله لأنه هو من أتى بالمتظاهرين إلى رابعة، وأن من يشكك آثم لأن مرسي ''نعمة ''.
وأفتى الشيخ أبو إسحاق الحويني، بأن مقاطعة الدستور أمر واجب، مشيرا إلى أن الدستور مليء بالكثير من العوار، ويجب مقاطعة التصويت عليه، وعدم الذهاب إلى اللجان نهائيا، سواء بالرفض أو الموافقة.
أفتى الشيخ محمد عبد المقصود، القيادى السلفى، بجواز حرق سيارات الشرطة، ومداهمة منازل الضباط لردعهم وهو من السلمية.
فتوى زواج الطفلة
وكان الداعية الدكتور محمد عبد الرحمان المغراوي، أحد رموز السلفية بالمغرب، أفتى بأنه يجوز للصغيرة الزواج باعتبار أن "بنات التاسعة لهن من القدرة على النكاح ما للكبيرات من بنات العشرينيات فما فوق، فهذا لا إشكال فيه"؛ الأمر الذي عرّضه لمشاكل عديدة أقلها بعض الدعاوى القضائية ضده من طرف بعض الجمعيات الحقوقية.
وبرر المغراوي رئيس "جمعية الدعوة إلى القرآن والسنة بموتكش" قوله بصحة الزواج من طفلة في التاسعة من العمر، وذلك بعد أن تعرض للانتقاد وقرر محام رفع دعوى ضده، موضحا أن هذا الأمر الذي استقبحته بعض وسائل الإعلام وتناقلته بعض الصحف العلمانية وارد في حديث نبوي شريف في أوثق مصادر الإسلام وأصحها، وهو صحيح الإمام البخاري وصحيح الإمام مسلم.