منفذو حادث المنيا.. قتلوا الضحايا واتجهوا لصلاة الجمعة

حرمت جميع الأديان السماوية، القتل والخيانة، وما حدث في الهجوم الإرهابي الأخير على أتوبيس يضم عددًا من الأبرياء في المنيا، كانوا في طريقهم للصلاة، على يد إرهابيين لبثو عباءة الشيطان، لتنفيذ مخططهم الإجرامى ثم يذهبون لأداء صلاة الجمعة ووكأنهم يتخلصون من ذنوبهم بالوضوء.

مجموعة من الأسر أعمارهم مختلفة بينهم المسن والشاب والطفل جميعهم ساقتهم الأقدام لهذا المصير المحتوم، لزيارة دير الأنبا صموئيل بالمنيا، عددهم كان يقترب من الـ50 شخص ولكن لم يعودا كما ذهبوا جميعًا، فالارهاب والغدر اختطف ما يقرب من 30 منهم، ولكن قبل النهاية كيف كانت البداية.

قبل الحادث بلحظات، كانت الابتسامة ترتسم على وجوه الجميع، فالكل قطع رحلة طويلة من القاهرة أو بنى سويف وصولًا للمنيا للذهاب إلى دير الأنبا صموئيل بالظهير الصحراوي الغربي، التقت العائلات في مكان التجمع بالمنيا، واستقلوا جميعًا أتوبيس الرحلات حتى وصل بهم إلى منتصف الطريق الجو كان لطيفًا والجميع يستمتع بهذه الرحلة، ولم يتوقع أي منهم إنها رحلة إلى الأخرة، ولم يدرك أي منهم ماذا تخبئ لهم اللحظات المقبلة من خداع ومكر وخيانة.

التجهيز للعملية استغرق عدة أيام من الرصد ومتابعة المكان جيدًا، ومعرفة توقيتات الرحلات في هذا المكان الذي يخلو من أي خدمات على الطريق، اختيار المكان كان مخططًا له بعناية شديدة، أما التنفيذ فاستغرق عدة ساعات، عقب صلاة الفجر مباشرة وحتى موعد التنفيذ قبل صلاة الجمعة مباشرة حيث انشغال الجميع بالتوجه للصلاة، وانتشار وتركيز الخدمات الأمنية حول الطرق الحيوية والرئيسية.

على الجانب الأخر وتحديدًا فى تمام الساعة الحادية عشر والنصف، كان هناك مجموعة من الإرهابينن ممن يطلقون على أنفسهم المجاهدين منحوا لأنفسهم الحق فى القتل والذبح للأبرياء دون أي وازع دينى، ودار بينهم الحوار على النحو التالي، عاوزين نقتل الأقباط قبل صلاة الجمعة مفيش وقت عاوزين نلحق الصلاة، وكان رد أمير الجماعة قبل العملية سنقوم بالوضوء أولًا ونرتب أنفسنا للحصول على الغنيمة والجائزة الكبرى، إما النصر بقتلهم أو الشهادة في سبيل الله هكذا سول لهم خيالهم المريض.

بعد عدة ساعات من التجهيز ومراجعة العملية، قام الخونة بارتداء ملابسهم وحمل أسلحتهم والتوجه في ثلاث سيارات دفع رباعي تجاه صحراء المنيا حيث كان كل شئ مرتبًا ومرصودًا بعناية، انتظروا حتى دلفت سيارة الرحلات إلى الطريق الرملي من الطريق الصحراوى الغربى والمؤدى إلى الدير حيث قام الملثمين وهم يستقلون سيارات الدفع الرباعي، وعددهم 6 ملثمين يرتدون زى داعش أطلقوا النيران عليهم من السيارتين عقب استيقاف الأتوبيس وفي الوقت المحدد بالضبط، وتحدديًا مع النداء الأول لصلاة الجمعة، اقتحم الدواعش الأتوبيس، وأجبروا كل من فيه على النزول، والذى تجاوز عددهم الـ50 راكبَا، لحظات من الصمت والارتباك سادت المكان، حسب التخطيط فالعملية كانت تستهدف القتل وترويع الأمنين ولا شئ غير ذلك.

صرخات الأطفال وبكاء النساء ودموع الرجال والخوف الذي أحاط بالجميع لم يشفع في قلوب طواغيت هذا العصر وللقارئ أن يتخيل مجموعة من الملثمين يشهرون أحدث الأسلحة في وجوه النساء والاطفال والابرياء العزل من السلاح، دون أى وازع دينى، وفي غضون دقائق معدودة قاموا بإطلاق النيران من أسلحتهم بشكل عشوائى على الجميع وقتلوا الأطفال والرجال والنساء.

الاستغاثات كانت في كل مكان، ولكن لم يكن هذا كافيًا لترق قلوب الطغاة، حيث صعدوا إلى داخل الاتوبيس، وأطلقوا النيران على البقية الباقية، من الركاب، ثم أطلقوا النيران على كل الضحايا الذين سقطوا على الأرض من هول وروع المشهد.

أما الدواعش فكان شغلهم الشاغل أمرين أولهما هو سرعة مغادرة المكان قبل وصول رجال الشرطة، أما ثاني هذه الأمور فكان سرعة اللحاق بصلاة الجمعة، ولا نعلم أى جمعة هذه التي كانوا يقصدوها، الوضوء في هذه المرة اختلف كلية عن أي وضوء متعارف عليه، فلم يكن بالماء، وإنما كان الوضوء بدماء الضحايا، وكأن شيئا لم يكن، ونسوا تعليمات الرسول الكريم محمد صلى الله علية وسلم، في كل غزواته لجيش المسلمين بعدم الاقتراب من أي طفل أو سيدة أو رجل لا يحمل السلاح، كما أمرهم بعدم التعرض لدور العبادة، كل هذه الأمور لم تعد تشغل بال الدواعش الذين يدعون أنهم ينفذون شرع الله ولا نعلم من الذي أقنعهم بأن الله أمر بقتل الأبرياء دون وجه حق، ما يقرب من 30 قتيلًا في الحال، كان هو الناتج الأولي للحادث وما يقرب من 25 مصاب خلفهم الهجوم.

المصابون منهم من كان نائمًا ووجد نفسه داخل المستشفى يتلقى العلاج، ومنهم من أصيب بانهيار عصبي تام وهو يظن أن ما مر به هو مجرد كابوس مزعج يتمنى أن يستيقظ منه، والبعض الآخر لا يصدق أنه مازال على قيد الحياة من هول المشهد البشع وإطلاق النار الكثيف العشوائي في كل مكان.

الأشلاء والضحايا كانوا في كل مكان، مشاهد البكاء والفراق أمام مستشفى العدوة بالمنيا، كان أقسى من الوصف، البكاء بلون ورائحة الدم، الأمل يراود الجميع أن يكون أحد ذوية وسط المصابين وليس الضحايا، العيون دامعة، النظرات زائغة، الآمال معلقة ببصيص خبر يحمل البشري السارة للبعض منهم، ولكن الوقت يمر والساعات تسير بطيئة، وكأنها الدهر كله وأعداد القتلى في زيادة، الجميع كان لسان حالهم يقول بأي ذنب قتلوا البعض ذهب للاستمتاع برحلة وعاد جثة هامدة، لم يتبقى منهم سوى الذكريات والاشلاء وبعض الملابس والصور التي تجسد ماساة الحادث، ذهب جميع الأبريباء إلى مصيرهم وبقيت فقط أشلائهم وأشيائهم تخلد ذكرى أبشع حادث إرهابي عرفته مصر في العصر الحديث.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً