قدرة الله سبحانه وتعالى غير متناهية ولا محدودة منذ الأزل إلى ما لا نهاية، وقد ذكر القرآن الكريم قصصًا ومعجزات حدثت في أزمان مختلفة، من بين تلك القصص والأخبار ما حدث مع عزير، ذلك العبد الصالح الحكيم من بني إسرائيل الذي كان له ضيعة يذهب إليها كل يوم راكبًا حماره ليراعيها، وذات يوم تعب في الطريق من شدة الحر فنزل عن حماره وجلس في مكان خرب وأخرج ما معه من طعام ليأكله. وذكر إسحق بن بشر أن عزير نظر حوله فوجد بيوتًا مهدمة وعظامًا باليه، فتسائل متعجبًا {أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا}، فبعث الله مالك الموت فقبض روحه، فأماته الله مائة عام، ثم بعث الله ملكًا فخلق قلبه ليعقل قلبه وعينيه لينظر بهما فيعقل كيف يحيي الله الموتى.
ثم ركب خلفه وهو ينظر، ثم كسى عظامه اللحم والشعر والجلد ثم نفخ فيه الروح كل ذلك وعزير يرى ويعقل، فاستوى جالسًا فقال له الملك له كم لبثت؟ قال لبثت يومًا أو بعض يوم، فقال له الملك: بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك، يعني الطعام الخبز اليابس، وشرابه العصير الذي كان اعتصره في القصعة فإذا هما على حالهما لم يتغير العصير والخبز يابس، فذلك قوله {لَمْ يَتَسَنَّهْ} يعني لم يتغير، وكذلك التين والعنب غض لم يتغير شيء من حالهما. وأنكر عزير ما يحدث في قلبه فقال له الملك: أنكرت ما قلت لك؟ فانظر إلى حمارك. فنظر إلى حماره قد بليت عظامه وصارت نخرة. فنادى الملك عظام الحمار فأجابت وأقبلت من كل ناحية حتى ركبه الملك وعزير ينظر إليه ثم ألبسها العروق والعصب ثم كساها اللحم ثم أنبت عليها الجلد والشعر، ثم نفخ فيه الملك فقام الحمار رافعًا رأسه وأذنيه إلى السماء ناهقًا يظن القيامة قد قامت. وقد عبر عن ذلك قول الله تعالى: {وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا}، يعني وانظر إلى عظام حمارك كيف يركب بعضها بعضًا في أوصالها حتى إذا صارت عظامًا مصورًا حمارًا بلا لحم، ثم انظر كيف نكسوها لحمًا {فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} من إحياء الموتى وغيره.
موضوعات متعلقة: - قصة المؤمن الذي نصح قومه حيًا وميتًا في القرآن - كيف تم إحضار عرش بلقيس؟