بينما يتساءل المستثمرون حول كيفية التعامل الأمثل مع القيم المرتفعة للعديد من الأصول، فإنهم يتحولون تلقائياً إلى الاستثمارات الموضوعية التي يمكنها الاستفادة من الاتجاهات المجتمعية على المدى الطويل.
وتشير توقعات المستثمرين إلى أن هذه الاستثمارات لن تخضع بشكل كبير للصعود والهبوط اليومي الذي يطرأ على أسواق المال، ولكنها ستحقق عوائد عبر الاتجاهات المستدامة الممكن توقعها، بحسب تقرير ساوث تشاينا مورنينج بوست.
وتشكل العوامل الديمغرافية والتطورات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية بجانب التقدم التكنولوجي والعلمي جوهر هذه الاتجاهات التي تصيغ مستقبل الاستثمار.
-المجتمعات الغاضبة
تزايد عدم المساواة داخل البلدان الغربية والإحباط بسبب الفشل المتصور أو الواقع بالفعل للمؤسسات السياسية في التعامل مع التحديات الراهنة، سينتهي بالناخبين من الطبقة الوسطى إلى حالة من السخط الواسع والمطالبة بالتغيير.
سيدفع ذلك الحكومات إلى سياسات موجهة أكثر لدعم الاقتصاد المحلي وخلق المزيد من فرص العمل ومعالجة بعض مواضع الضعف التي تعاني منها الطبقة الوسطى في الغرب.
ساعدت العولمة على مدار سنوات في الحد من أوجه عدم المساواة بين البلدان، ولكنها أثارت أوجها لعدم المساواة داخل دول أخرى، مما أدى إلى خيبة أمل اجتماعية، وهو ما يدفع الآن إلى إحداث تغيير سياسي في كثير من البلدان الغربية.
وبالنظر إلى المستقبل، فمن المتوقع أن يتسم بسياسة اقتصادية تسعى إلى دعم المستهلك المحلي وتنمية القطاعات الكثيفة العمالة، وهو ما يؤدي إلى تحويل الأنظار إلى العلامات التجارية الوطنية والدفاع والأمن والأسواق الناشئة.
-البنية التحتية
استحوذت موجة عالمية من برامج البنية التحتية الجديدة على اهتمام المستثمرين، حيث تحول اهتمام الحكومات بدءاً من الهند إلى الولايات المتحدة إلى الإنفاق على البنية التحتية كوسيلة لتحفيز النمو المحلي.
تحول تركيز المستثمرين تدريجياً من البنية التحتية للنقل التي شكّلت أولوية لدى كثير من الحكومات إلى توفير خدمات المياه والطاقة والسكن بأسعار معقولة.
الحاجة إلى الإنفاق على البنية التحتية واضحة، وكذلك الإرادة السياسية للاستثمار بهذا القطاع، كما يبدو أن المستثمرين على استعداد لتخصيص رأس المال لدعم هذا التوجه.
يمكن للمستثمرين النظر في المشاركة المباشرة في مشاريع البنية التحتية أو عبر الاستثمار في صناديق البنية التحتية.
-التكنولوجيا
خلال السنوات الماضية، اعتبرت التكنولوجيا تهديداً، فمع انخفاض أسعار الروبوتات وتطور البرمجيات والخوارزميات، أصبح يخشى من أنها ستقضي على فرص العمل.
ولكن المناقشات تدور الآن حول التنظيم المحتمل لها وطرق فرض الضرائب عليها، وينصب التركيز على استخدامها في جعل أماكن العمل أكثر أماناً، وزيادة الإنتاجية وتقديم منتجات وخدمات أفضل للناس.
تمهد التكنولوجيا الرقمية الطريق أمام الابتكار، وستكون شركات المنصات الإلكترونية والواقع الافتراضي والواقع المعزز أكبر المستفيدين.
سيؤدي الكم الهائل من البيانات التي لا تزال تنمو إلى إتاحة فرص لتعزيز الأمن السيبراني وإدارة البيانات المهدرة، وستحقق هذه الثورة التكنولوجية مكاسب كبيرة للعاملين في مجال أشباه الموصلات والروبوتات.
-الاقتصاد الفضي
من المتوقع أن يرتفع عدد كبار السن حول العالم بحلول عام 2050 بمقدار مليار نسمة، إلى جانب انخفاض نسبة من هم في سن العمل، وهو ما يخلق ضغوطاً هائلة، ولكنه يولد فرصاً جديدة أيضاً.
سيشكّل ذلك فرصة للمستثمرين الذين يركزون على الأعمال الخاصة بتوفير ودعم احتياجات كبار السن، وما يرتبط بهم من سلع استهلاكية، وخدمات صحية، ومساكن، وإدارة الثروات والمعاشات التقاعدية، وسيحقق هؤلاء المستثمرون عوائد جذابة.
ستكون أكثر القطاعات تأثراً بارتفاع أعمار السكان هي السلع الاستهلاكية، والرعاية الصحية، والعقارات، والخدمات المالية.
من المتوقع أن يصل تعداد كبار السن عالمياً إلى نحو ملياري نسمة بحلول 2050.
-قيم الشباب
نحو 50 %من سكان العالم الذين يشار إليهم بجيل الألفية، دون سن الثلاثين، ومن المقرر أن تصبح قيم هذا الجيل معياراً للاستثمار.
كجيل متصل وعالمي حقاً، فإنه يشعر بالمسؤولية الجماعية، ونظراً لخلفيته الرقمية يتحلى بعقلية وأولويات مختلفة عن الأجيال السابقة.
جيل الألفية هو الأكبر في التاريخ، وسرعان ما يصل مستثمروه إلى النضج الكامل، ولطبيعته الرقمية تخلى هذا الجيل عن النماذج التقليدية، وأعاد تعريف الاستهلاك مع ظهور علامات تجارية خاصة به.
الاستدامة والطاقة النظيفة والاستثمار في اهتمامات هذا الجيل ستكتسب اهتماماً متزايداً خلال السنوات المقبلة.