عميد "أصول الدين" الأسبق: الإسلام لا يفرق بين الدين والسياسة

بكر زكي عوض، عميد كلية أصول الدين الأسبق

أكد بكر زكي عوض، عميد كلية أصول الدين الأسبق، أن الإسلام لا يعرف الفرق بين الدين والسياسة فهما متعانقان، فقد جاءت الرسل لتسوس بالدين أمور المجتمع، مشيرًا إلى أننا إذا أردنا النهوض من كبوتنا الاقتصادية فعلينا أن نحي التجربة النبوية في المدينة المنورة، ففي عشر سنين تحولت من أرض كانت القوة فيها لليهود إلى أرض أصحاب النفوذ فيها هم المسلمون.

ونبه عوض إلى أن الإسلام منذ ظهوره ركز على ثلاثة أشياء، العلم والعمل والأمن، مشيرًا إلى أن نصوص العلم في القرآن الكريم جاءت عامة تشمل العلم الديني والعلم الدنيوي، وأن الخطأ الذي وقع فيه الكثير قصر العلم على العلوم الشرعية دون العلو الدنيوية النافعة أدى إلى تأخر المسلمين في العلوم التجريبية، فأصحاب العلوم الدنيوية إذا ابتغوا بعملهم وجه الله (تعالى) فعملهم وعلمهم أخروي يؤجرون عليه من الله (عز وجل).

وأضاف فضيلته أن كلمة العمل أصابها هي الأخرى خطأ في الفهم، فقد قصرها بعض الناس على التنسك والعبادة، والصحيح أن العمل الصالح في الدين أو في الدنيا يؤجر عليه صاحبه، ففي الحديث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (من أمسى كالاَّ من عمل يديه أمسى مغفورًا له)، ويقول (صلى الله عليه وسلم) حين نظر ليد سلمان الفارسي، وكان يعمل خواصا: (هذه يد يحبها الله ورسوله).ولما رأى أثر المسحاة في يد سعد قبَّلها وقال: (هذه يد حرمها الله على النار ).

كما أشار فضيلته إلى أن أول من وجه للمشروعات الصغيرة وحث عليها هو رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، ففي الحديث: أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ، جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يَسْأَلُهُ، فَقَالَ: أَمَا فِي بَيْتِكَ شَيْءٌ؟ قَالَ: بَلَى، حِلْسٌ نَلْبَسُ بَعْضَهُ، وَنَبْسُطُ بَعْضَهُ، وَقَدَحٌ نَشْرَبُ فِيهِ الْمَاءَ، قَالَ: «ائْتِنِي بِهِمَا»، قَالَ: فَأَتَاهُ بِهِمَا، فَأَخَذَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ: «مَنْ يَشْتَرِي هَذَيْنِ؟» فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمٍ، قَالَ: «مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ؟» مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، قَالَ رَجُلٌ: أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمَيْنِ، فَأَعْطَاهُمَا إِيَّاهُ وَأَخَذَ الدِّرْهَمَيْنِ، فَأَعْطَاهُمَا الْأَنْصَارِيَّ، وَقَالَ: «اشْتَرِ بِأَحَدِهِمَا طَعَامًا فَانْبِذْهُ إِلَى أَهْلِكَ، وَاشْتَرِ بِالْآخَرِ قَدُومًا، فَأْتِنِي بِهِ»، فَفَعَلَ، فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَشَدَّ فِيهِ عُودًا بِيَدِهِ، وَقَالَ: «اذْهَبْ فَاحْتَطِبْ وَلَا أَرَاكَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا»، فَجَعَلَ يَحْتَطِبُ وَيَبِيعُ، فَجَاءَ وَقَدْ أَصَابَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، فَقَالَ: «اشْتَرِ بِبَعْضِهَا طَعَامًا وَبِبَعْضِهَا ثَوْبًا»، ثُمَّ قَالَ: «هَذَا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَجِيءَ وَالْمَسْأَلَةُ نُكْتَةٌ فِي وَجْهِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَصْلُحُ إِلَّا لِذِي فَقْرٍ مُدْقِعٍ، أَوْ لِذِي غُرْمٍ مُفْظِعٍ، أَوْ دَمٍ مُوجِعٍ».

وأضاف أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) نبه على أنه لا يجوز أن يأخذ الصدقة غني ولا قوى قادر على العمل، فقال: (لا تَحل الصدقة لِغَنيّ، ولا لذي مِرَّة سَوىّ)، مشيرًا إلى أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وجهنا إلى الزراعة والتوسع فيها، فقال: (مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَوَاتًا فَهِيَ لَهُ)، وأخبرنا أن العمل والسعي ينفع صاحبه في الدنيا والآخرة، فقال (صلى الله عليه وسلم): (ما مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غرسًا، أو يَزْرَعُ زَرْعًا، فيأكُلُ منهُ طيْرٌ، أو إنسانٌ، أو بَهيمةٌ، إلا كانَ لهُ به صَدَقَةٌ).

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً