ثلاثة أعوام تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي قيادة الأمور في مصر، سعى خلاله لتوطيد علاقات مصر الخارجية بمختلف دول العالم على جميع المستويات الإقليمي منها والدولي، خاصة العربي والآسيوي والأوربي والأمريكي.
وزار السيسي أكثر من 21 دولة عربية وأوربية وأفريقية، واعتمد في جولاته الخارجية على التنوع ما بين دول أفريقيا وإعادة مصر إلى بعدها وتواجدها الأفريقي وكذلك تأكيد علاقاتها التاريخية مع أشقائنا العرب، كما تم التركيز على التعاون وتوطيد العلاقات مع الدول الكبرى خاصة روسيا وفرنسا وعقد الصفقات معهما.
وترصد "أهل مصر" أبرز مظاهر تطور السياسة الخارجية لمصر في عهد الرئيس السيسي، ومنها..
_الزيارات الخارجية
في 25 يونيو 2014 قام الرئيس عبد الفتاح السيسي بأول زيارة رسمية إلى دولة الجزائر الشقيقة، والتقى خلالها الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة.
وفى 26 يوليو 2014 شارك الرئيس السيسي في قمة الاتحاد الأفريقى بجمهورية غينيا الاستوائية، قال في كلمته: "إن الشعب المصري يعتز بانتمائه إلى أفريقيا وإن مصر وإن غابت لفترة من الوقت عن أفريقيا لن تبخل يوما بعقول أبنائها لبناء الكوادر ولا يخفى على أن الشعب تألم حينما وجد الاتحاد يتخذ موقفًا مغايرًا لإرادة الشعب.
وعقد الرئيس العديد من اللقاءات مع رؤساء ووفود الدول الأفريقية أكد خلالها أن مصر لم تتوقف يوما عن الانشغال بقضايا قارتها الأفريقية، وإن الشعب المصري حزن عندما قرر الاتحاد الأفريقي إقصاء بلاده من العضوية، مشيرا إلى أن 30 يونيو كانت ثورة شعبية مكتملة الأركان انحازت فيها القوات المسلحة المصرية إلى صف الشعب وتضافرت فيها جهود المصريين لتجنيب البلاد الحرب الأهلية.
وفي 27 يونيو 2014 زار الرئيس السيسي العاصمة السودانية الخرطوم، وكانت الزيارة للاطمئنان على صحة الرئيس عمر البشير وتهنئته بنجاح العملية الجراحية التي أجراها مؤخرا، ومناقشة الموضوعات ذات الاهتمام المشترك على الصعيدين الإقليمي والدولي خاصة الأوضاع في ليبيا وسوريا والعراق وجنوب السودان وتبادل وجهات النظر بين الجانبين بشأن تلك الموضوعات
وفى 10 أغسطس 2014 قام السيسي بزيارة للمملكة العربية السعودية، والتقى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود وعقدت بينهما جلسة مباحثات تناولت مجمل الأحداث التي تشهدها الساحات الإسلامية والعربية والدولية وفي مقدمتها تطورات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة والجهود المبذولة لإيقاف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
وكذلك تطورات الأوضاع في العراق في ضوء اتساع دائرة الإرهاب في المنطقة وانعكاسات ذلك على الأوضاع العراقية بصفة خاصة والإقليمية بصفة عامة والأوضاع في كل من سوريا وليبيا وانعكاساتها على كل من مصر والمملكة العربية السعودية والأمن القومي العربي.
وفى 12 أغسطس 2014 زار السيسي روسيا، وعقد مباحثات ثنائية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استهدفت تدعيم العلاقات الثنائية بين البلدين.
وعقد الرئيسان جلسة مباحثات ثنائية تلتها مباحثات موسعة على مأدبة غداء أقامها الرئيس الروسي؛ تكريمًا للرئيس والوفد المرافق له.
وفي 24 نوفمبر 2014 قام الرئيس السيسي بزيارة إلى إيطاليا أجرى خلالها سلسلة من الاجتماعات المهمة مع الرئيس الإيطالي "جورجيو نابوليتانو" و"بييترو جراسو" رئيس مجلس الشيوخ ورئيس الوزراء الإيطالي " ماتيو رينزي " تم خلالها التأكيد على الدعم الكامل لمصر من خلال دفع عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية ومواصلة جهود مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف.
وفى 26 نوفمبر 2014 زار السيسي فرنسا على رأس رفيع المستوى لمدة ثلاثة أيام، استقبله الرئيس فرانسوا أولاند على سلم قصر الإليزيه وأجريت له مراسم الاستقبال الرئاسية.
وتناول اللقاء مجمل العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين وسبل الارتقاء بها وتعزيزها في مختلف المجالات فضلًا عن بحث عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك وفي مقدمتها الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط والجهود الدولية المبذولة لمكافحة الإرهاب والتنظيمات المتطرف.
وفى 11 ديسمبر 2014 زار السيسي المملكة الأردنية الهاشمية واستقبله الملك عبد الله الثانى بن الحسين، وبحثا الجانبان العلاقات بين البلدين الشقيقين وسبل تعزيزها في مختلف المجالات بالإضافة إلى تطورات الأوضاع في المنطقة وعدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام فضلا عن التباحث بشأن مختلف جوانب العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها وتنميتها في شتى المجالات السياسية والاقتصادية.
وأنهى الرئيس السيسي الخميس الماضى زيارته الرسمية الأولى إلى الصين التي بدأت الإثنين الماضي 22 ديسمبر وذلك في إطار علاقات الصداقة الوثيقة التي تجمع بين البلدين.
وجاءت زيارة السيسي إلى الصين لتدشن مرحلة جديدة في العلاقات بين البلدين وأعربت الصين عن رغبتها بترفيع مستوى العلاقات بين البلدين إلى مستوى "الشراكة الإستراتيجية" وهو المستوى الذي تحتفظ به الصين مع عدد محدود من دول العالم ويستهدف توثيق العلاقات على كل الأصعدة السياسية والاقتصادية والعسكرية والتكنولوجية.
والتقى السيسي كلا من مجموعة من رؤساء الجامعات الصينية وعددًا من ممثلي مجتمع الأعمال الصيني ورؤساء كبريات الشركات وممثلي كبرى شركات السياحة الصينية و"ولين جينزاو" وزير السياحة الصينين كما التقى وانج جياروي وزير دائرة العلاقات الخارجية بالحزب الشيوعي الصيني والتقى أيضا كلا من "لي كه تشيانج" رئيس وزراء الصين و"جانج دي جيانج" رئيس البرلمان، في لقاءين منفصلين بقاعة الشعب الكبرى.
وفي أبريل 2017، زرار الرئيس السيسي العاصمة الامريكية واشنطن، وهي تعد مرحلة جديدة في العلاقات المصرية الأمريكية لأهميتها البالغة في عمر العلاقات بين البلدين.
أهمية الزيارة تكمن في كونها "زيارة رسمية بكل ما تحمله هذه الكلمة من معني من حيث مراسم الاستقبال في البيت الأبيض والمباحثات التي أجراها الزعيمان وتناول العلاقات المصرية الأمريكية علي جميع المستويات والوضع في الشرق الأوسط.
_نقلة نوعية
شهدت السياسة المصرية نقلة نوعية خلال الفترة الأخيرة من حيث توجهاتها وفلسفتها، وهو ما بدا في تحركات الرئيس السيسي على المستويين الدولي والاقليمي بعد فترة طويلة من الركود اتسمت بها عهود سابقة حتى تقلص الدور المصري.
ملامح التجديد في سياسة الرئيس السيسي الخارجية ظهرت بشكل كبير، كالانفتاح على روسيا باعتبارها خطوة مهمة لتعدد مصادر القوة والخيارات المتاحة، كما أن إعادة بناء التحالفات الاقليمية مع الدول الخليجية بصورة أكثر فاعلية هي ملمح ثان، والقدرة على اقتحام المشاكل والجرأة في التصدي لها خاصة فيما يتعلق بمواجهة الإرهاب العابر للحدود وهو ملمح ثالث.
_الجانب العسكري
تحرك مصر عسكريا ضد قواعد التنظيم المتطرف في ليبيا "داعش"، وكذلك التصدي للمليشيات المسلحة في سيناء التي باتت تشكل خطرًا متزايدًا على الأمن القومي من الجهة الشرقية، يعتبر إعادة صياغة لدورها الاقليمي من خلال سياسة خارجية نشطة، وكأي سياسة من هذا النمط لابد من أن تواجه تحديات ليس لخطأ في توجهاتها الرئيسية ولكن لأنها لا تدور في فراغ أو تمتلك منفردة الساحة الاقليمية.
كما أن التصدي لدور كل من تركيا وإيران وتمدد نفوذهما وسعيهما لضرب استقرار المنطقة جاء من خلال تحالف مصر الوثيق بدول الخليج وفي مقدمتها السعودية.
_علاقات استراتيجية
العلاقات بين مصر وغيرها من البلدان العربية والأوروبية تعد علاقات استراتيجية بكثير من المعايير، إلا أن موقف كل دولة على حدة من الدول الإقليمية الأخرى أو من أي أزمة من الأزمات التي يشهدها الاقليم، قد تختلف أو تتغير وفقًا لإدراك كل منهما لمصلحته القومية وتقديره حجم المخاطر التي تهددهما، فالسعودية ترى في تمدد إيران في المنطقة خطرا مباشرا على أمنها القومي، خاصة أنها تسعي إلى تطويقها جنوبا وشرقا ومنافسة دورها في كل الملفات، وقد لا يكون الأمر بنفس الحدة بالنسبة لمصر، ونفس الشيء ينسحب على علاقة السعودية بتركيا، فمحاصرة التمدد الشيعي قد تدفع الرياض لمزيد من التنسيق مع أنقره رغم خصومة الأخيرة مع القاهرة.
_الدول الأفريقية
بزيارات الرئيس عبدالفتاح السيسي، للدول الأفريقية وخاصة السودان، كانت تهدئته للتوتر الذي حدث في العلاقات معها، وكذلك إثيوبيا وهي عمق إفريقي وأحد الروافد المهمة للأمن القومي المصري فيما يتعلق بمياه النيل، وهي زيارات لم تكن متوقعة حيث كانت العلاقات مقطوعة منذ حادث محاولة الاغتيال الشهيرة للرئيس الأسبق حسني مبارك، ولكن الرئيس السيسي أعادنا لأفريقيا من جديد وأعاد ترسيم العلاقات مع دولها، وكان تحركه فيها بعناية وحرص شديدين للإعلان أن مصر تدرك أهمية الامتداد الأفريقي الذي هو مستقبلها.
_أوروبا وروسيا
جولات الرئيس في أوربا وروسيا والتي لم تكن بروتوكولية فقط وإنما كانت لتوقيع اتفاقيات وصفقات مثل صفقة السلاح الجوي "طائرات رافال" الفرنسية، وكذلك زيارته لروسيا والاتفاق معها، كان لها أثر إيجابي في الإفراج عن طائرات الأباتشي المحتجزة لدى أمريكا وكانت تتمنع عن إعادتهم لمصر.