قال الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر: إن الحالات التي جعل فيها النبي –صلى الله عليه وسلم- الأمر بيد الزوجة في إبطال العقد وإمضائه هي حالات زواجٍ تَمَّ بالفعل، فما بالنا إذا كان إجبار الفتاة ابتداء قبل التزوج، فإن هذا الحق يتضاعف ويكون لها الحق أن تقبل أو ترفض دون إجبار، مؤكدًا أن مسألة الإجبار هذه مسألة لا أخلاقية؛ لأنها حكم بما يشبه الإعدام على حياة كاملة لفتاة، فما أقسى أن تضطر الفتاة إلى أن تعيش مع من لا ترغب، فهذا نوع من العذاب المحرم والمجرم شرعًا وخلقًا وحضارةً، وهنا يجب أن نلفت النظر إلى أن هذه الحرية التي قررها النبي –صلى الله عليه وسلم- للفتاة منذ أكثر من 1400 سنة، لا تزال الكثيرات محرومات منها في أيامنا هذه، ولك أن تتخيل عناية الإسلام بالمرأة وفي مجتمع أو في زمن كانت قيمة المرأة فيه لا تزيد على قيمة متاع يُباع ويُشترى.
وأضاف في حديثه اليومي الذي يذاع قبل المغرب على الفضائية المصرية طوال شهر رمضان المعظَّم: يجب على العلماء أن يقضوا على مثل هذه المشكلات من منطلق الشريعة، وأتمنى أن يكون في قانون الأحوال الشخصية ما يعطي البنت التي أجبرت على الزواج أن ترفع أمرها إلى القاضي، وعلى القاضي استنادًا لأحكام الشريعة أن يحمي هؤلاء البنات، وعلى الجميع التَّنبُّه لهذا الأمر الخطير، إذ لا تزال حتى الآن زيجات كثيرة في بعض المجتمعات تتم على جثة الفتاة، وفي نظري أن مثل هذه الزيجات ليست زواجا، وإنما هي عملية بيع وشراء للأثرياء الذين يعودون ببنات في عمر الورود - 14 و15 سنة-وكأنه سوق رقيق، ولذلك يجب أن يتدخل القانون بسرعة ليغلق هذا الباب؛ لأنه يسيء لسمعة البلاد والعباد، فكيف بفتاة لا تزال تعيش طفولتها ولم تبلغ حد الإدراك تجد نفسها فجأة في معاملة غريبة حتى تحصل الأسرة على أموال، فمثل هذه الأسرة خير لها أن تموت من أن تبيع ابنتها بهذه الصورة الفجة المزرية.
وتابع الإمام الأكبر قائلا: إن الفتاة لا تجبر شرعا ولا دينا على الزواج ممن لا تريده، وأضيف ولا قانونا، وهيئة كبار العلماء الآن مهتمة بإعداد وتكملة نواقص في قانون الأحوال الشخصية تراعي فيه بعض مستجدات العصر، وسيتعرض القانون لحالتين: هذه الحالة -وهي الأخطر- وهي الإجبار، والحالة الأخرى وهي الإعضال، وهو منع المرأة من التزويج بكفئها إذا طلبت ذلك، مع أن الحديث الشريف يقول: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه) وهنا لا بد من وسيلة قانونية لا أقول تجبر الأب على تزويج ابنته، ولكن تلجأ الفتاة إليها لتنال بعض حقوقها.
ونصح الفتيات اللاتي يقعن تحت ضغوط معينة من الأسرة لتتزوج من شخص معين كابن عمها أو رجل ثري، أن يعالجن الأمر بالحكمة والحوار والإقناع، إذ البنت ليس أمامها إلا إقناع الأسرة أو تلجأ إلى من يؤثر في هذه الأسرة، محذِّرًا الفتيات من التفكير في الهروب من الأسرة في هذه الحالة، فإن الفتاة التي تهرب لا تحل الإشكال وإنما تستبدل به مشكلات لا حل لها قد تصل إلى حد الكوارث التي تحيق بها وبأسرتها معًا.