يحيي العالم غدا الأحد لأول مرة اليوم الدولي لفن الطهو المستدام، والذي يسلط الضوء علي أن فن الطهو هو تعبير ثقافي يتعلق بالتنوع الطبيعي والثقافي للعالم، ويؤكد أن جميع الثقافات والحضارات هي عوامل مساهمة وممكنة حاسمة للتنمية المستدامة،كما يشدد على ضرورة تركيز اهتمام العالم على الدور الذي يمكن أن يؤديه فن الطهو المستدام بسبب صلاته مع الأبعاد الثلاثة للتنمية المستدامة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة من خلال تعزيز التنمية الزراعية والأمن الغذائي والتغذية والإنتاج الغذائي المستدام؛ وحفظ التنوع البيولوجي.
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد اعتمدت في 21 ديسمبر 2016 قرارها 246 71 وحددت يوم 18 يونيو احتفالا دوليًا "بيوم الطهو المستدام"، وستعمل الجمعية العامة ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) على تيسير الاحتفال بيوم فن الطهو المستدام، بالتعاون مع الدول الأعضاء ومنظمات الأمم المتحدة والهيئات الدولية والإقليمية الأخرى، فضلا عن المجتمع المدني، للاحتفال باليوم في توعية الجمهور بمساهمته في التنمية المستدامة.
إن فن الطهو المستدام يمكن أن يلعب دورًا نظرًا لروابطه مع الأبعاد الثلاثة للتنمية المستدامة، بما في ذلك عن طريق تعزيز التنمية الزراعية والأمن الغذائي والتغذية والإنتاج الغذائي المستدام وحفظ التنوع البيولوجي. وعلاوة على ذلك، وفي ضوء موافقة الجمعية العامة للأمم المتحدة على اعتماد عام 2017، كسنة دولية للسياحة المستدامة من أجل التنمية، تهدف شبكة فن الطهو التابعة لمنظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة إلى مساعدة المدن في جميع أنحاء العالم في تطوير سياحة فن الطهو بطريقة مستدامة تتضمن الخطوات المبينة في خطة التنمية المستدامة الطموحة لعام 2030، إلى جانب أهداف التنمية المستدامة الـ 17 التي تسعى إلى القضاء على الفقر وحماية كوكب الأرض وضمان الرخاء للجميع.
وفي 8 - 9 مایو 2017، عقد المؤتمر الثالث لمنظمة السیاحة العالمیة بشأن سياحة فن الطھي في سان سباستيان بأسبانيا، وعرضت التزام سياحة الطهي نحو مبادئ الاستدامة، بما في ذلك مجالات مثل: الحد من الفقر؛ والاستخدام الفعال للموارد؛ وحماية البيئة وتغير المناخ؛ وحماية القيم الثقافية، والتراث، والتنوع.
وتعمل منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة دورًا في مجال التغذية، لأن التغذية الجيدة هي خط الدفاع الأول ضد المرض، كما أنها مصدر الطاقة التي يحتاج اليها البشر كي يعيشوا ويكونوا نشطاء فاعلين. والمشاكل التغذوية التي تنتج عن الوجبة غير الملائمة أو غير الكافية يمكن أن تكون كثيرة الأنواع، وعندما تصيب جيلًا من الصغار فإنها يمكن أن تخفض قدراتهم على التعلم، وبهذا تعرّض مستقبلهم للخطر، ما يخلق دورة متصلة الحلقات من الفقر وسوء التغذية لأجيال متلاحقة، فتسبب آثارًا خطيرة على الأفراد والأمم معًا.
وعلى الرغم من أن الأطفال الصغار هم الأكثر تعرضًا للإصابة بسوء التغذية، فإن الحق في الغذاء الكافي حق عالمي للجميع، كما أن التغذية الجيدة أساسية وضرورية للجميع أيضًا. لكن مشاكل سوء التغذية – مثل نقص التغذية ونقص المغذيات الصغرى والبدانة – موجودة في جميع البلدان ولدى الأفراد من جميع الطبقات الاجتماعية والاقتصادية.
كما أن التحديات المستجدة كتغير المناخ واستدامة البيئة والتحولات التكنولوجية السريعة أخذت في تحويل النظم الغذائية وإثارة أسئلة حول كيفية إطعام العدد المتزايد لسكان العالم بطرق مستدامة. كذلك، بدأ النمو الاقتصادي غير المتكافئ والتحولات الاجتماعية والاقتصادية وعوامل أخرى، في ذات الوقت، بإعادة تشكيل النظم الغذائية والوجبات على صعيد العالم كله، ونتيجة لذلك، أخذ فرط الوزن والبدانة والأمراض غير السارية المتصلة بها تزداد انتشارًا كما ازداد نقص التغذية وأنواع نقص المغذيات الصغرى استفحالًا في آنٍ معًا.
وتسعى استراتيجية التغذية لدى المنظمة إلى تحسين الوجبات والنهوض بمستويات التغذية من خلال نهجٍ يتمحور حول الناس أنفسهم وتطوير قدرات البلدان في مجالات تقييم الأوضاع التغذوية ورصدها، وتحليل الخيارات المختلفة، وتنفيذ البرامج والسياسات الزراعية التي تؤثر إيجابيًا على التغذية ؛ وتقديم الأدوات والتوجيه والدعم لزيادة التعليم التغذوي المناسب وزيادة توعية المستهلكين بهذا الشأن على الصعد القومية والمحلية.
وقال جوزيه غرازيانو دا سيلفا المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) إن اليابان نموذج عالمي للنظام الغذائي الصحي، كما تمتلك ثقافة طعام فريدة جدًا تسهم بشكل كبير في تحسين التغذية في العالم.
وأضاف دا سيفا إلى أن لدى اليابان ثقافة أغذية صحية وفريدة تتضمن الكثير من الخضروات والفواكه والأسماك، مشيرًا في هذا الصدد إلى نظام واشوكو الغذائي الياباني الذي يشتمل على مجموعة شاملة من المهارات والتقاليد والمعرفة التي تتعلق بتحضير واستهلاك الطعام والذي أدرجته منظمة اليونسكو على قائمة التراث الثقافي العالمي غير المادي.
ونظام واشوكو يقوم على "احترام الطبيعة" ويتألف من المكونات الطازجة المتوفرة في الموسم والمنخفضة الدسم والتي تمثل معًا نظامًا غذائيًا متوازنًا.
وأشار دا سيلفا إلى أن اليابان لديها ثروة من المعرفة والخبرة التي يمكن أن تفيد بها الدول الأخرى، وهو ما تحرص الفاو على تشجيعه في إطار عقد العمل من أجل التغذية من 2016 وحتي 2025 الذي أطلقته الأمم المتحدة.
ويهدف هذا العقد إلى معالجة مشكلة العادات الغذائية السيئة التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالأمراض غير المعدية ومن بينها السكتات القلبية والسكتات الدماغية والسرطان وداء السكري، وهي التي تعتبر من الأسباب الرئيسية للموت المبكر ليس فقط في الدول الغنية بل كذلك وبشكل متزايد في العديد من الدول النامية.وهذه الأنظمة الغذائية غير صحية ولا تراعي الاستدامة البيئية.
يذكر أن حوالي 800 مليون شخص يعانون اليوم من نقص مزمن في التغذية بينما يعاني أكثر من 2 مليار شخص من نقص المغذيات الدقيقة. وفي نفس الوقت فإن حوالي 159 مليون طفل تحت سن الخامسة يعانون من عدم اكتمال النمو، بمعنى أنهم قصار جدًا بالنسبة لأعمارهم. كما أن حوالي 50 مليون طفل من نفس الفئة العمرية يعانون من نقص الوزن مقارنة بطولهم. كما يعاني 1.9 مليار شخص من الوزن الزائد، منهم 600 مليون يعانون من السمنة أو البدانة. كما أن أعداد الأشخاص ذوي الوزن الزائد أو السمنة يتزايد في جميع الدول تقريبًا.
في هذا السياق، تبين اليابان كيف يمكن للسياسات والتشريعات العامة الفعالة أن تعزز التغذية الكافية، وخاصة من خلال القوانين الرامية إلى تثقيف الأطفال والتحكم في وزن البالغين، وفقا لما ذكره المدير العام لـ"الفاو"، وتنسجم هذه الخطوات مع الالتزامات التي قطعها قادة العالم في المؤتمر الدولي الثاني المعني بالتغذية في 2014 وأجندة أهداف التنمية المستدامة 2030 لوضع سياسات وطنية تهدف إلى القضاء على سوء التغذية وتغيير أنظمة الغذاء لجعل الأنظمة الغذائية الصحية والمغذية متوفرة للجميع.