بينما يحل على المسلمين الليالي الأواخر من شهر رمضان، يبدأ المسلمين عامة في الاستعداد لليلة هي "خير من ألف شهر"، كما ورد في القران الكريم، والتي تأتي، "وترية"، وفي ليلة اوالتي يتوقع البعض أن تكون ليلة القدر.
- التعرف على الليلة:
ولكونها مهمة لدى كل مسلم ومسلمة، فلن يعلمها الله لعباده، حيث النبي صلى الله عليه وسلم لم علم ليلة القدر على وجه التعيين، ثم أنسيها لحكمة يعلمها الله سبحانه وتعالى وهي: أن يتحفز الناس للعبادة والدعاء في كل العشر، وأن لا يخصوا ليلة منها بعينها، والدليل على ذلك ما رواه البخاري في صحيحه عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم ليخبرنا بليلة القدر فتلاحى (تخاصم) رجلان من المسلمين فقال: خرجت لأخبركم بليلة القدر فتلاحى فلان وفلان فرفعت، وعسى أن يكون خيرًا لكم فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة ".
وروى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أريت ليلة القدر ثم أيقظني بعض أهلي فنُسيتها، فالتمسوها في العشر الغوابر". فهذان الحديثان يبينان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمها، ويبينان نسيانه لها تحديدًا، هذا وروى البخاري في صحيحه من حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان". وإذا علم هذا فعليه أن يعلم أيضًا أن المراد بالإنزال في الآية إنزال القرآن إلى السماء الدنيا جملة واحدة، ثم أنزل بعد ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم منجمًا، فإنزاله إلى السماء الدنيا يكون في ليلة، ولا يلزم من هذا أن يعلمها النبي صلى الله عليه وسلم تحديدًا، لأنه أنزل إليه القرآن مجزءًا ولم ينزل إليه جملة، هذا مذهب جمهور أهل العلم في المراد بالإنزال في ليلة القدر، وقد حكى عليه بعضهم الإجماع، وإن لم يسلم له. والله أعلم.
- علامات ليلة القدر
لليلة القدر علامات تظهر قبل طلوع الفجر وكذلك في صبيحتها ذكرها النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين قال: "ليلة القدر طـَـلقــَة بَـلجَـة لا حارة ولا باردة تـَـتـَضح كواكبُها ولا يَخرج شيطانها حتى يُضيىء فجرها".
ليلة القدر "طـَـلقــَة بَـلجَـة": فرغـم كـَون لـيلة القـدر في لـيالي الأسبـوع الأخـير من رمضان والتي يكون فـيها القـمر إما مختـفـيًا كما في ليلة 29 أو إنارة القمر قـليلة كما في ليالي 24، 25، 27، إلا إنـنا نجـد كمـية الإ نارة في ليـلة القـدر أكـبر من المُعـتاد، مصداقـًا لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "كأن فـيها قـمرًا ساطعًا".
ليلة القدر لا حارة ولا باردة: فيكون الطقس في ليلة القدر معتدلًا ربيعيًا تنتشر فيها النسائم العليلة يستشعرها المؤمنون كأنها نسائم الجنة فيجتهدوا في العبادة والدعاء والطاعة، وتنشرح نفوسهم للذكر والقربات.
ليلة القدر تتضح كواكبها: فتكون السماء فيها صافية نقية، فلا يوجد عواصف ترابية أو رملية تحجب العين عن رؤية آيات الله في كونه من كواكب ونجوم وعلامات يتفكر فيها العباد ويشاهدون قدرة الخالق سبحانه وتعالى وعظمته.
الشمس في صبيحتها لا شعاع لها: ومن علامات ليلة القدر أن الشمس تطلع في صبيحتها ليس لها شعاع، صافية ليست كعادتها في بقية الأيام، فيصبح لون ضوئها أبيضًا يمكن النَظر إليها مباشرةً دون أن تتأذى العـين، ويدل لذلك حديث أبي بن كعب رضي الله عنه أنه قال: أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "أنها تطلع يومئذٍ لا شعاع لها" رواه مسلم. فجدوا واجتهدوا في العشر الأواخر من رمضان وخاصة الليالي الفردية، واحرصوا على دعاء ليلة القدر الذي علمه النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها حينما سألته: يا رسول الله أرأيت إن وافقت ليلة القدر ما أقول؟ قال: قولي: "اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني".