مات ومعه أسرار حياته الزوجية، أما زوجته فقالت في التحقيقات أن زوجها كان نكديًا وبخيلا، جريمة قتل بشعة خلت من كل معاني الأخلاق والإنسانية، تجرأ ابن عاق وسولت له نفسه قتل أبيه بحجة إنه كان بخيلًا.
بدأت القصة منذ 20 سنة كان عندما تقدم الموظف الشاب لخطبة جارته، ولكن لاحظت العروس أثناء فترة الخطوبة أن عريسها كان حريصًا بشده لدرجة تصل لحد البخل كذبت نفسها على أساس أنه في بداية حياته ويسعى لتجهيز شقة الزوجية، تم عقد القران والزفاف، منذ اليوم الأول للزواج وحياتهما لم تكن أبدا هادئة فاختلاف الطباع بين الزوجين جعل حياتهما غير مستقرة، مرت الخمس سنوات الأولى من الزواج بشكل متقلب، وأثمر الزواج عن طفل جميل، ولاحظت الزوجة أن زوجها أصبح أكثر حرصًا من ذي قبل وكل ما يشغله هو زيادة رصيده في البنوك وشيئا فشيئا استحوذت فكرة "الادخار"على عقله وتفكيره وأصبحت شغله الشاغل، أهمل بيته وأسرته نسى طفلته الجميلة التي تحتاج لرعايته، مرت سنوات والزوجة تحاول بكل ما أوتيت من قوة أن تقوم من سلوك زوجها خوفًا من خراب البيت، ولكن دون جدوى مما دفعها لطلب الطلاق وهو الأمر الذي وافق عليه الزوج بمنتهى البساطة وكأنه كان يعيش داخل كابوس طالما انتظر الفرصة المناسبة للتخلص منه.
انفصل الزوجين وانتقل كل منهما لحياته الجديدة وبعد مرور ما يقرب من عام ونصف تدخل الأهل والأقارب ونجحوا في تقريب وجهات النظر بين الطرفين حتى عادت المياه لمجاريها مرة أخرى وعادت الزوجة لمنزل الزوجية، ولكن مع تزايد الأعباء والمصاريف عاد الزوج لبخله وطباعه السيئة، مما دفع الزوجة لطلب الطلاق للمرة الثانية، وانفصل الزوجين ومضى كل منهم في طريقة، أربعة أعوام مضت على الانفصال الثاني وبعد تدخل الأهل للمرة الثانية عاد الزوجين على مضض من أجل الأطفال، خمس سنوات كاملة قضاها الزوجين مع بعضهما البعض بعد الزواج للمرة الثانية، ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، وصلت الخلافات بين الزوجين لطريق مسدود وارتفعت أمواج الخلافات بين الطرفين.
أصبح الطلاق هو الحل الأمثل للقضاء على هذا الجحيم الأسري، ولكن التحذيرات من الانفصال هذه المرة كانت شديدة فمعنى وقوع الطلاق للمرة الثالثة يعني أن شمل هذه الأسرة لن يجتمع مرة أخرى، وبالتالي على الأبناء الرضا بالأمر الواقع الذي فرضته عليه خلافات الأب والأم، محاولات حثيثة قام بها الجميع من الأهل والأقارب والأصدقاء للحيلولة دون وقوع الطلاق هذه المرة ولكن كل الطرق كانت تؤدي للاشئ، وأمام تمسك كل طرف بموقفه لم يكن هناك مفرًا من الانفصال الأخير، وقع الطلاق واتفق الطرفين أن يبقى الطفل في رعاية الأم على أن يتكفل الأب بالإنفاق عليه، ومرت السنوات والأب كل علاقته تتلخص في إرسال حفنة من الأموال لنجله الوحيد حتى كبر وهو يعاني من حنان الأب وافتقاده للجو الأسري المستقر، لكن متطلباته كانت في تزايد مستمر وهو الأمر الذي أدى لزيادة الفجوة بين الأب ونجله وأصبح الجحود بينهما متبادل إلى أن دفع الجميع ثمن هذا الجفاء.
في ليلة حالكة السواد ذهب الابن الوحيد لوالده يطالبه ببعض النفقات التي يحتاجها لاستكمال دراسته، ولكن الأب رفض الاستجابة لهذا الطلب واحتدم النقاش والخلاف بين الطرفين ووقعت مشادة عنيفة تطورت لمشاجرة بين الطرفين قام على أثرها الابن بدفع أبيه بقوة فخر صريعًا فما كان من الابن إلى أن ترك والده وفر هاربًا.
على الجانب الأخر ذهب الابن القاتل إلى قسم شرطة مدينة نصر وحرر محضرًا يفيد بأنه أثناء توجهه لزيارة والده المسن 60 سنة، قام بالطرق على الباب إلا أن والده لم يتجاوب معه، فارتاب في الأمر واستعان بنجار لفتح الباب حيث عثر على جثة والده في وضع السجود على سجادة الصلاة بغرفة النوم فقاموا بوضعه أعلى السرير واستدعاء مفتش الصحة لتوقيع الكشف الطبي عليه تمهيدا لاستخراج تصريح بالدفن.
أما المفاجأة فكانت عندما تشكك مفتش الصحة في أن تكون الوفاة طبيعية نظرا لوجود كدمة أسفل العين اليسرى ورفض التصريح بالدفن، بعد فحص علاقات المجني عليه تبين انه حسن السير والسلوك وكل خلافاته كانت مع أفراد أسرته، ولكن لا يوجد أي دليل يؤكد ضلوع أي شخص من أفراد الأسرة في عملية القتل، وفي البداية اعتقد رجال المباحث أن الجريمة تمت بدافع السرقة خصوصا بعد اختفاء مبلغ مالي من الشقة.
وباستكمال التحقيقات مع الابن مقدم البلاغ واستجوابه مرة أخرى، أكد أن المبلغ المسروق حوالي أقل من 1000 جنيه، كانت هذه هي الغلطة التي كشفت تفاصيل الجريمة حيث ثبت أن المجني عليه يعيش بمفرده منذ سنوات ومنفصل عن زوجته ونجله فكيف علم الابن الأكبر بقيمة المبلغ المسروق تحديدًا، رجال المباحث اكتشفوا أيضًا بعد عمل التحريات أن نجل المجني عليه كان يمر بضائقة مالية وهو الأمر الذي دفع رجال الشرطة إلى الشك فيه، أما الأمر الذي دفع رجال المباحث للتأكد من ضلوع الابن في الجريمة هو اختفائه عن الأنظار وهروبه وعدم ذهابه لكليته.
وبإعداد الأكمنة اللازمة تم القبض على الابن القاتل وبتضييق الخناق عليه اعترف بارتكاب الواقعة، بعدما رفض والده منحه مصاريف استكمال دراسته فحدثت بينهما مشادة كلامية تطورت لمشاجرة قام خلالها بالتعدي على والده وقام برطم رأسه بسرير غرفة النوم عدة مرات مما أفقده اتزانه فتركه في حالة إعياء وفر هاربا.
تم تحرير محضر بالواقعة تضمنت سطوره الاعترافات التفصيلة للمتهم، حيث تمت إحالة المتهم للنيابة العامة التي أمرت بحبسه 15 يومًا على ذمة التحقيقات.