قال الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، إن كثيرًا من المسلمين يجهلون طبيعة ومسئولية الزوج والزوجة فى الحياة الزوجية، حيث إن هذه المسئولية في الأسرة الإسلامية تختلف اختلافا كبيرًا عن المسئولية المدنية في الحضارات الحديثة التي يحكمها القانون، وذلك أن مسؤولية الزوج والزوجة في الإسلام يحكمها البعد الديني التكليفي الشرعي بمعنى أن تصرفات الزوج والزوجة كل منهم تجاه الآخر أو تجاه الأطفال لا تخرج عن إطار قانون الأحوال الشخصية الذي يتولى توجيه هذه المسئولية ويراقبها ويحاسب عليها وينتهي بها في النهاية إلى رضا الله أو غضبه، ومن ثَمَّ إلى الجنة أو النار.
وأكد في حديثه اليومي، الذي يذاع قبل المغرب على الفضائية المصرية طوال شهر رمضان المعظم، أن طبيعة المسؤولية في الأسرة المسلمة شكلها مدني بحيث من حقها أن تذهب إذا ظلمت مثلا أو وقع عليها ضرر إلى المحكمة وتقاضي الزوج، لكن في جوهرها مبنية على مراقبة الله في كل تصرف من الزوج أو الزوجة، وهي تخضع للحل والحرمة بحيث تكون حقوق الزوجة في المقام الأول في ذمة الزوج: "كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ" وهذا يعنى أن الزوجة لا ينتهي دورها عند ترتيب البيت وتحضير الطعام ونفس الشيء بالنسبة للزوج، فالحديث لم يقل: كلكم راع عن مسألة القوانين والعقوبات المفروضة ،وإنما قال: "وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ" فالقضية ليست قضية إنفاق وتبرأ ذمته، وإنما هي قضية ضمير، "وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ ومَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ" سوف يُسأل يوم القيامة كيف كان يعامل زوجته وكيف كان يعامل أولاده، والزوجة "رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا" سوف يحاسبها الله عن كل شيء وكيف كانت تعامل زوجها.
وأوضح فضيلة الإمام ألأكبر أن الله سائل كل راع عن ما استرعاه حفظه أم ضيعه حتى يسأل الرجل عن أهل بيته، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم: "كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَعُوْلُ" لأن الرجل عندما يكون زوجا وأبًا لا يكون حرا في أن يتصرف كما يشاء ولا على حسب حالته النفسية، فلو تعامل بالهوى والرغبة والشيطان وترك الجانب الشرعي فى الحقوق والواجبات يكفيه هذا الإثم في أن يذهب به إلى النار، فهناك حدود لله سبحانه وتعالى المعاملة فيها محاطة بتكليف شرعي يجعلها تخضع تماما لمسألة للحل والحرمة، مشيرًا إلى أنه لا يجب أن تكون العلاقة الزوجية مبنية على مبدأ الكيد المتبادل وعدم الاحترام وعدم الصفح، إذ المعاملة الشرعية بين الزوجين تتطلب أن يبدأ الزوج بالمعاملة الحسنة يصبر عليها وألا يسلم نفسه للضغوط ويتذكر دائما ان السعادة فى القلب، ليست في أثاث ولا في ذهب ولا عقارات؛ لأن الإنسان الذي يرهن سعادته بأشياء مادية إنسان ضعيف وفي مهب الريح.
وبين فضيلته أن معاملة الزوجة معاملة حسنة منصوص عليها في الشرع، كأن يضع الزوج لقمة في فمها ففي الحديث الشريف: " وَلَسْتَ بِنَافِقٍ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ، إِلَّا آجَرَكَ اللَّهُ بِهَا حَتَّى اللُّقْمَةَ تَجْعَلُهَا فِي فِيِّ امْرَأَتِكَ" ولو أن أثنى عليها أو حتى مدح طعامها ورعايتها ومحاسنها سيكون له وقع طيب عليها، لكن المشكلة أن الأزواج يمدحون زوجاتهم من ورائهم لكن أمامهم تثقل عليهم هذه الكلمات، بينما غيرنا ممن ليس عنده مثل هذه التوجيهات في الأسر الغربية تبنى الأسرة سعادتها على هذه الكلمات، ولذلك يجب على الزوج أن يبدي إعجابه ببعض محاسن الزوجة التي تسر بذلك وتستريح لهذا ولكن عليه ألا يبالغ لئلا تكون هناك تداعيات سلبية حين تكتشف أنه غير صادق في أحاسيسه، وهذه الكلمات يجب أن تكون زادًا يوميًّا، لأن لها مردودًا حسنًا، إذ الإنسان مجبول على حب الثناء، وفي ذلك يقول الشاعر: يَهْوَى الثَّنَاءَ مُبَرِّزٌ وَمُقَصِّرٌ... حُبُّ الثَّنَاءِ طَبِيعَةُ الْإِنْسَانِ.
فالمرأة تستحق الثناء لأنها تتعب، فلو قارنا بين خدمات الرجل وخدمات المرأة، لوجدنا أن خدمات المرأة أضعاف خدمات الرجل، فرعايتها للبيت تتطلب مجهودًا كبيرًا، وهذا المجهود الذي يُبذل من أجل إسعاد الزوج يجب أن يكون له مقابل من حسن العشرة والصحبة بالمعروف.