بصوت يصدح في السماء في شجاء وخشوع، يرتل أيات من القرآن الكريم، عُرف القارئ والمنشد محمود الصديق المنشاوي، الذي يلهم الجميع السكينة والهدوء بصوته العذب، ونبراته الملائكية الحزينة.
وحلت أمس الثلاثاء،20 يونيو الذكرى الـ48 لوفاة محمود صديق المنشاوي، وترصد "أهل مصر" مواقف في حياة الشيخ محمود صديق المنشاوي.
نشأته:
محمد صديق المنشاوي مواليد عام 1919 أحد رواد التلاوة، وتميز بأسلوبه في التلاوة، وولد الشيخ محمد، بقرية "البواريك، بمدينة المنشاة التابعة لـمحافظة سوهاج، وحفظ القرآن الكريم وهو في الثامنة من عمره؛ حيث نشأ في أسرة قرآنية عريقة، فأبوه الشيخ صديق المنشاوي هو الذي علمه فن قراءة القرآن الكريم، وقد وضع أبوه الشيخ الجليل صديق المنشاوي هذه المدرسة العتيقة الجميلة والمنفردة بذاتها، وبإمكاننا أن نطلق عليها المدرسة المنشاوية، فأخذ منها الشيخ محمد أسلوبه وطوره بما يناسبه فصارعلمًا من أعلام خدام القرآن.
واستمد الشيخ محمد من تلك المدرسة الكثير الذي كان سببًا في نجاحه بعد صوته الخاشع، ولقب الشيخ محمد صديق المنشاوي بـــ "الصوت الباكي"
تزوج مرتين أنجب من زوجته الأولى أربعة أولاد وبنتين، ومن الثانية خمسة أولاد وأربع بنات، وقد توفيت زوجته الثانية وهي تؤدي مناسك الحج قبل وفاته بعام.
ذاع صيته ولقي قبولًا حسنًا لعذوبة صوته وجماله وانفراده بذلك، إضافة إلى إتقانه لمقامات القراءة، وانفعاله العميق بالمعاني والألفاظ القرآنية.
وللشيخ المنشاوي تسجيل كامل للقرآن الكريم مرتلًا، وله أيضا العديد من التسجيلات في المسجد الأقصى والكويت وسوريا وليبيا، كما سجل ختمة قرآنية مجودة بـالإذاعة المصرية، وله كذلك قراءة مشتركة برواية الدوري مع القارئين كامل البهتيمي وفؤاد العروسي.
ويعتبر المنشاوي من أشهر القراء في العالم الإسلامي.
الشعراوي وما قاله عن المنشاوي
كما قال عنه إمام الدعاة الشيخ الراحل محمد متولي الشعراوي: "إنه ورفاقه الأربعة مقرئون؛ الآخرون يركبون مركبًا ويبحرون في بحر القرآن الكريم، ولن يتوقف هذا المركب عن الإبحار حتي يرث الله -سبحانه وتعالى الأرض ومن عليها".
وفاته
وفي عام 1966 أصيب بمرض دوالي المريء ورغم مرضه ظل يقرأ القرآن حتى رحل عن الدنيا في يوم الجمعة 20 يونيو 1969.
رفضه القراءة أمام عبد الناصر
تلقى المنشاوي، دعوة حضور حفل بوجود الرئيس الراجل جمال عبدالناصر، وجهها إليه أحد الوزراء قائلًا له: "سيكون لك الشرف الكبير بحضورك حفل يحضره الرئيس عبد الناصر" ففاجأه الشيخ محمد صديق بقوله: "ولماذا لا يكون هذا الشرف لعبد الناصر نفسه أن يستمع إلى القرآن بصوت محمود صديق المنشاوي"، ورفض أن يلبي الدعوة قائلًا: "لقد أخطأ عبد الناصر حين أرسل إلي أسوأ رسله".
محاولة اغتياله
روى الشيخ لبعض المقربين منهـ أن بعض الحاقدين، حاول اغتياله عندما دعاه للعشاء، بعد إحدى سهراته وأوصى الطباخ بأن يضع له السم في الطعام ولكن الطباخ أخبر الشيخ وطلب منه ألا يفشي سره وأنجى الله الشيخ من المكيدة.
كما قص بنفسه أنه كان مدعوًا في إحدى السهرات عام 1963، وبعد الانتهاء من السهرة دعاه صاحبها لتناول الطعام مع أهل بيته على سبيل البركة ولكنه رفض فأرسل صاحب إليه بعضًا من أهله يلحون عليه فوافق وقبل أن يبدأ في تناول ما قدم إليه من طعام أقترب منه الطباخ وهو يرتجف من شدة الخوف وهمس في إذنه قائلًا: "يا شيخ محمد سأطلعك على أمر خطير وأرجوا ألا تفضح أمري فينقطع عيشي في هذا البيت"، فسأله المنشاوي عما به فقال: أوصاني أحد الأشخاص بأن أضع لك السم في طعامك فوضعته في طبق سيقدم إليك بعد قليل فلا تقترب من هذا الطبق أو تأكل منه، وقد استيقظ ضميري وجئت لأحذرك لأني لا أستطيع عدم تقديمه إليك فأصحاب السهرة أوصوني بتقديمه إليك خصيصًا تكريمًا لك، وهم لا يعلمون ما فيه ولكن فلان، ولم يذكر الشيخ اسمه أعطاني مبلغًا من المال لأدس لك السم في هذا الطبق دون علم أصحاب السهرة ففعلت فأرجو ألا تبوح بذلك فينفضح أمري، ولما تم وضع الطبق المنقوع في السم عرفه الشيخ، كما وصفه له الطباخ وادعى الشيخ بعض الإعياء امامهم ولكنهم أقسموا عليه فأخذ كسرة خبز كانت أمامه قائلًا: هذا يبر يمينكم ثم تركهم وانصرف.