رسمت مجلة "ناشونال إنترست" الأمريكية، صورة قاتمة للغاية للأوضاع المتوقعة في العراق بعد طرد تنظيم الدولة من مدينة الموصل، ثاني كبرى المدن في بلاد الرافدين.
وقالت المجلة إن التحالف المناهض لتنظيم داعش الذي يضم الجيش العراقي والميليشيات الشيعية والوحدات القبلية السنية وقوات البشمركة سيتفكك سريعًا، كما أن التنافس العراقي الكردي على عائدات النفط والغاز والميزانيات والنزاعات على الأراضي آخذ في الازدياد.
وتابعت " هناك أيضا تفشي الفساد وانخفاض أسعار النفط وتراجع الاقتصاد وارتفاع مستويات الدمار جراء الحروب المتلاحقة والمدمرة ضد تنظيم الدولة".
واستطردت المجلة "تركيز التحالف الدولي على إلحاق الهزيمة بتنظيم الدولة يخفي أيضا حقيقة أن العراق يعاني من تفاقم التوترات الطائفية والحروب بالوكالة والاختلالات السياسية والأزمات الإنسانية المتنامية".
وحذرت "ناشونال إنترست" من أنه إذا لم تتم معالجة المخاطر السابقة على وجه السرعة، فإن العراق سينزلق إلى حالة جديدة من عدم الاستقرار والنزاعات والحروب بعد هزيمة تنظيم الدولة.
وكان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي قال إن إعلان تحرير الموصل سيتم خلال أيام قليلة، بينما صرح قائد الشرطة الاتحادية العراقية الفريق رائد جودت بأن قواته تحاصر من بقي من مسلحي تنظيم الدولة في منطقتي رأس الجادة وباب البيض بالموصل القديمة.
وتقول القوات العراقية إنها تحقق مزيدا من التقدم في المواجهات التي وصفها قادة عسكريون بأنها عنيفة جدًا، وتدور من منزل لآخر وسط الجثث والركام.
ودخلت المعارك في المدينة القديمة بالموصل يومها الرابع، وذكرت القوات العراقية أنها تقاتل المتحصنين من مقاتلي تنظيم الدولة في محاور ثلاثة، وأنه لا فرصة للهرب والنجاة لمقاتلي التنظيم.
ووفقاً للمجلة فإن تحرير الموصل من مسلحي تنظيم داعش سيكون مهماً للغاية، لأنها من أكبر معاقل التنظيم في العراق, إلا أن هناك خسائر بشرية فادحة لهذه المعركة, حيث يعاني نحو 150 ألف مدني ما زالوا محاصرين في المدينة القديمة بالموصل، وتوجد شهادات متعددة عن وجود مئات الجثث من المدنيين تحت الأنقاض وهي بازدياد، ويصف حقوقيون ما يجري بالموصل بإحدى أبشع المعارك في التاريخ الحديث.
وكانت صحيفة "الجارديان" البريطانية، قالت أيضاً إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يتحمل المسئولية كاملة عن الازدياد غير المسبوق في عدد القتلى من المدنيين في الموصل العراقية والرقة السورية.
وأضافت الصحيفة في تقرير لها أن الارتفاع المخيف في عدد القتلى المدنيين بالموصل والرقة تزامن مع وصول ترامب لسدة الحكم في الولايات المتحدة، وإطلاقه يد الجيش الأمريكي ليفعل ما يشاء بزعم محاربة الإرهاب.
وتابعت " الأمر المثير للسخرية, أن الغرب ينتقد القتل الوحشي للمدنيين من قبل القوات الروسية والسورية، ويقوم في الوقت ذاته بارتكاب جرائم مماثلة ضد المدنيين في الموصل والرقة".
ونقلت الصحيفة عن كبير المحققين في جرائم الحرب ببعثة تقصي الحقائق الأممية المستقلة بشأن سوريا باولو سيرغيو بنهيرو، قوله إن تكثيف غارات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في الرقة تسببت في خسائر تفوق الوصف، ليس بالأعداد الكبيرة للقتلى فقط, بل بهروب 160 ألفا من منازلهم".
وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية نقلت أيضا في مطلع يونيو عن تحقيق أجرته منظمة "إيروارز" غير الحكومية التي تتخذ من لندن مركزا، أن عدد القتلى المدنيين هو ثمانية أضعاف ما تؤكده الولايات المتحدة.
وقالت المنظمة، التي تجمع المعلومات المنشورة حول عدد الضحايا المدنيين, إن 3100 مدني على الأقل لقوا مصرعهم إثر الغارات الجوية الأمريكية على العراق وسوريا منذ بدء الحرب على تنظيم الدولة.
وأوضحت الصحيفة أن العمليات العسكرية للسيطرة على معاقل تنظيم الدولة كالموصل والرقة لعبت دورا مهما في ارتفاع عدد القتلى.
ولفتت الصحيفة إلى أن القادة العسكريين حصلوا على حرية أكبر في اتخاذ قرارات بشأن الغارات الجوية على سوريا والعراق في الأيام الأخيرة من إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، وهو اتجاه تعزز هذا العام تحت إدارة الرئيس دونالد ترامب.
وكشفت منظمة "إيروارز" في تقريرها أيضا أن الولايات المتحدة ساعدت حلفاءها في التستر على أعداد القتلى المدنيين جراء هذه الغارات، وأن الحلفاء ضغطوا على واشنطن والتحالف الدولي لمنع نشر تفاصيل الضربات.
وتعليقا على التقرير، قال وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس إنه لا مفر من سقوط ضحايا مدنيين في الحرب على تنظيم الدولة في سوريا والعراق، مضيفا أن بلاده "تبذل كل ما في وسعها إنسانيا" لتفادي ذلك، على حد قوله.
كما أعلن الجيش الأمريكي في 3 يونيو أن الخسائر بين المدنيين في سوريا والعراق بلغت 484 قتيلا منذ بدء الحملة العسكرية ضد تنظيم الدولة عام 2014، نافياً اتهامات بتخفيف المعايير الخاصة بحماية المدنيين.