اعلان

ثاني جامع بعد الأموي في الموصل.. ويعود إلي القرن السادس.. استعادة "النوري"يسقط "حلم" البغدادي بعد 4 سنوات

كتب : سها صلاح

بينما كانت القوات العراقية على بعد 50 مترًا من جامع النوري في الموصل القديمة ، قام مسلحو داعش بتفجير جامع النوري ومنارة الحدباء، وفق ما أعلنت خلية الإعلام الحربي.

وتكثفت المعارك منذ أشهر لإستعادة جامع النوري الكبير في الجانب الأيمن من مدينة الموصل، لتقوض "الخلافة" التي أعلنها أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم داعش من على منبر الجامع عام 2014.

تطهير "محلة الجامع الكبير" وهو الاسم الذي يطلق على المنطقة المحيطة بالجامع، من عناصر التنظيم ينطوي على أهمية كبيرة في الطريق نحو سقوط أحلام البغدادي الذي غادر إلى جهة مجهولة تاركًا خلفه بعض العناصر متحصنين في بيوت المدنيين.

عمق تاريخييعود تاريخ بناء الجامع النوري الكبير إلى القرن السادس الهجري، أي قبل نحو تسعة قرون، وهو ثاني جامع يُبنى في الموصل بعد الجامع الأموي.بنى المسجد نور الدين زنكي عام 1172 ميلادية، بعد سيطرته على الموصل، حيث شيده استجابة لحاجة المسلمين إلى مسجد آخر غير الجامع الأموي، فوجه الشيخ معين الدولة عمر بن محمد الملاء ببناء الجامع، ثم ألحقه بمدرسة بعد ذلك.في رحلته للموصل، كتب ابن بطوطة "بداخل المدينة جامعان أحدهما قديم والآخر حديث، وفي صحن الحديث منهما قبة في داخلها خصة رخام مثمنة مرتفعة على سارية رخام يخرج منها الماء بقوة، فيرتفع مقدار القامة ثم ينعكس فيكون له مرأى حسن".تعرض الجامع للإهمال على مر العصور، لكنه خضع لعمليات ترميم ضرورية للحفاظ عليه.

مئذنة الحدباءويشتهر الجامع بمنارته المحدبة، وهي الجزء الوحيد المتبقي في مكانه من البناء الأصلي.قال الرحالة الانجليزي غراتان غيري الذي زار الموصل في القرن الـ 19 عن المئذنة الحدباء "انها تميل عن الزاوية القائمة بعدة اقدام، رغم انها تنتصب من الارض بشكل سليم، كما تسترد استقامتها عند قمتها. إن شكلها يشبه رجلا وهو ينحني."كان ارتفاع المئذنة عند انشائها 45 مترا، وكانت مستقيمة تماما. ولكن في الوقت الذي شاهدها الرحالة ابن بطوطة في القرن الـ 14، كانت بدأت بالميلان وحصلت على لقبها "الحدباء."وتشبه المئذنة في هندستها مآذن ايران وآسيا الوسطى كما تشبه مآذن اخرى في ماردين وسنجار وأربيل.

كان نورالدين زنكي، المولود في الموصل في عام 1118، هو ابن عماد الدين زنكي وكان أمير دمشق وملك الدولة الزنكية.ونورالدين كان الابن الثاني لعماد الدين زنكي، وحكم حلب بعد وفاة والده، وقام بتوسيع إمارته بشكل تدريجي، كما ورث عن أبيه مشروع محاربة الصليبيين.وشملت إمارته معظم بلاد الشام، وتصدى للحملة الصليبية الثانية، ثم قام بضم مصر لإمارته وإسقاط الفاطميين وبذلك مهَّد الطريق أمام صلاح الدين الأيوبي لمحاربة الصليبيين وفتح القدس بعد أن توحّدت مصر والشام في دولة واحدة.خضع الجامع والمدرسة الملحقة به لعملية تجديد وترميم من قبل الحكومة العراقية في عام 1942، ولكن المئذنة لم ترمم. وفي عام 1981 استقدمت شركة ايطالية وكلفت بتثبيتها.إلا أن المئذنة تعرضت للمزيد من الضرر ابان الحرب العراقية الايرانية في الثمانينيات، اذ تسبب القصف الجوي الايراني في تكسر انابيب الماء الموجودة تحت اسسها مما اضر بهذه الأسس.

كما استهدف مسلحو تنظيم الدولة الاسلامية المئذنة الحدباء بعد استيلائهم على الموصل في يونيو 2014، ولكن سكان الموصل - الذين اغضبهم تدمير مسلحي التنظيم قبر النبي يونس - حموا المسجد ومئذنته ومنعوا مسلحي التنظيم من الإضرار به.شيدت المنارة بالطوب الأحمر بشكل أسطواني، وبلغ ارتفاعها عند البناء الأصلي 45 مترًا، لكنها تعرضت لمشكلة الانحناء.قيل إنها حصلت على لقب "الحدباء" عندما زارها الرحالة بن بطوطة في القرن الـ14 الميلادي عندما لاحظ انحناءها.في المعتقدات الشعبية يؤمن بعض مسلمي المدينة بأن المنارة انحنت للنبي محمد عند عروجه إلى السماء، فيما يؤمن بعض المسيحين هناك بأنها تنحني باتجاه قبر مريم العذراء، الذي يعتقد البعض بأنه يقع قرب أربيل.

وحذرت منظمة يونيسكو من أن المنارة معرضة للانهيار، بسبب ضعف في بنيتها الهيكلية، وفي 2012 أبرمت اتفاقا مع الحكومة العراقية لدراسة المنارة وأخذ عينات منها.وفي يونيو 2014 وقبيل سيطرة داعش على المدينة، قامت يونيسكو بأعمال ترميم للمنارة، وقالت حينها إن مقدار الانحناء بلغ 253 سنتيمترا، ونصبت المعدات وأخذت عينات لترميمها.لم تمر أيام حتى أعلن داعش أن المنارة ستدمر مثل العديد من الآثار التاريخية الأخرى، لكن حينها وقف العراقيون ضد هذه المحاولة.وكون عراقيون سلسلة بشرية لحماية هذا الموقع موجهين رسالة لداعش مفادها بأن "تدمير المئذنة يعني قتلهم أيضا"، وهو ما دفع داعش للتراجع عن الفكرة.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً