في 15 مارس من العام 2015، أعلنت وزارة الآثار، عن اكتشاف 4 قلاع عسكرية في محافظة الإسماعيلية، تعود للأسرة الـ19 وما قبلها وأنها ستحولها إلى متحف، وسيتم ترميمها لإعادة إحيائها كتاريخ ومزار عسكري عمل منذ القدم كبوابة مصر الشرقية، وحتى الآن لم يتم تنفذ الوعد بعد مرور 3 سنوات من تاريخ تلك زيارة وزير الآثار السابق ممدوح الدماطي.
كان الكشف الأثرى الهام عن "ثارو"، التي تعد أقدم القلاع العسكرية في العالم، دليل جديد يؤكد أن الجيش المصري أقدم مؤسسة عسكرية في التاريخ، ويوثق حكايات تاريخ محافظة الإسماعيلية، ودورها في الحروب المصرية كافة، التي اعتبرت بفعل موقعها الجغرافي خط الدفاع الأول عن الدولة المصرية.
وأدى اكتشاف قلاع حربية بمنطقة "تل حبوه" الواقعة في القنطرة شرق بمحافظة الإسماعيلية، إلى إعادة النظر فيما جاء ببردية “لانسج” الموجودة بالمتحف البريطاني والنقوش على معبد الكرنك، التي تعرف العالم على المنطقة العسكرية "ثارو"، وتقارن بين الحياة القاسية فيها وتصف محتوياتها وما بداخلها منذ عهد الملك "ستي الأول".
يقول محمد عبد المقصود، المشرف العام على مشروع ترميم وإحياء آثار منطقة شرق قناة السويس: تم الكشف عن 4 قلاع تعود إلى الأسرة 19 أصغرها بمساحة 600x300 متر، وتحوي عددًا من الأبراج والاستراحات الملكية.
وأضاف أن وزارة الآثار كانت تعمل في تلك المنطقة برؤية فردية، لكن بعد إنشاء قناة السويس الجديدة بدأ التفكير في ربط المحتوى الأثري للمنطقة مع المشروع، وتعمل البعثات المصرية في المكان منذ ما يقارب 20 عامًا حيث اكتشفت أول الآثار بمنطقة القنطرة شرق وسيناء في العام 1986، إلَّا أن الاستراحات الملكية اكتشفت منذ فترة قريبة.
ورأت وزارة الآثار المصرية أن يكون جميع العاملين بالمنطقة المهمة هم من المصريين؛ لأنه لا يليق بأن يكتشف غير المصريين مثل هذا التاريخ، ورفضت الوزارة، جميع الطلبات للمشاركة في الكشف عن آثار تلك المنطقة.
كما اتخذ قرار بإعادة ترميم وتحويل المنطقة إلى متحف لأثار مصر وتاريخها في المجال العسكري، الذي يدلل على صحة الدراسات التي ذهبت إلى أن مصر أول دولة مركزية وأقدم الحضارات وأقدم المؤسسات العسكرية خلال العام الماضي.
وتم الكشف عن استراحات ملكية تخص الملك رمسيس الثاني، وكذلك مجموعة من الأواني والمدافن، كما تم الكشف عن وجود عدد من الأبراج وأماكن الطهي والأفران والكوانين، إضافة إلى معبد ولوحات من الحجر الجيري، وتم العثور على بقايا أسماك وبقايا زراعات ودلائل على استخدام المكان في الفترة بين الأسرة الـ19 وحتى الأسرة الـ26 ومجموعة أختام للموك “رمسيس الثاني وتحتمس الثالث وسيتي الأول”.
وتعد الأربع قلاع المكتشفة جزءًا من 11 قلعة تكون ما يعرف باسم طريق حورس الحربي القديم الواقع بين منطقة القنطرة شرق ومدينة رفح المصرية، واستخدمت في الدفاع وطرد الهكسوس من مصر على يد أحمس، وتذكر مصادر التاريخ بأن مخازن المنطقة كانت مليئة بالسلاح والمؤن، وأنها كانت ضمن استراتيجية الجيش المصري للدفاع عن مصر، وتعتبر بوابة مصر الشرقية، حيث كانت تطل على البحر المتوسط، فيما كانت “ثارو” مليئة بالزراعات وبها فرع يحوي ماء النيل.
وعثر بداخلها على "رفاة" تعود للمصريين وكذلك للهكسوس، إضافة إلى العثور على رفات تماسيح وأسماك تم نقشها جميعًا بدقة متناهية على جدران معابد وبرديات، مما يؤكد أن المصريين القدماء لم يرسموا أشياءً من الخيال، وإنما رسموا على جدران معابدهم ما وجدوه في الطبيعة ويعبر عن أشياء ومعتقدات حقيقية.
وتؤكد الدلائل أن أول معركة لتحرير مصر من قبضة الهكسوس تمت بمحاصرة تلك القلعة، ودارت معركة شرسة تخبر البرديات عن أنه حوصر فيها النساء والأطفال داخل القلعة قبل إسقاطها ووقوعها في قبضة الجيش المصري.
وتصل مساحة المخازن للغلال والأسلحة لمساحة 3000 متر مربع، مما يؤكد أهمية المكان ومكانته الاستراتيجية، التي ساهمت في فرض سيطرة الدولة المصرية حين ذلك.
كما تتميز المنطقة المعروفة باسم "ثارو" بسماكة أسوار قلاعها المبنية من الطوب اللبن، وأعيد إنشاؤها لعدة مرات بحيث أصبحت بارتفاع يقارب الثلاث طوابق، وامتدت سطوة مصر في ذلك الوقت بين الشلال الرابع لمياه النيل وحتى نهر الفرات، وتشير المراجع كافة إلى أن تلك القلاع جزء من النظام السياسي والجغرافي للإمبراطورية المصرية من عهد تحتمس الثالث، وتؤكد جميع الدلائل أن القلاع المكتشفة خرجت منها جيوش مصر في عهد الملوك “أحمس وتحتمس الثالث ورمسيس الثاني وسيتي الأول ومرينبتاح”.
كان الدكتور ممدوح الدماطي، وزير الآثار السابق، زار المنطقة، للتعرف على آخر التطورات في عملية التنقيب، وناقش آخر مستجدات العمل، بصحبه كل من اللواء ياسين طاهر، محافظ الإسماعيلية، واللواء عبد الفتاح حرحور، محافظ شمال سيناء. وقال الدماطي، إن الهدف من المشروع إلقاء الضوء على جزء مهمل من التاريخ المصري، حيث إن الاكتشافات تدل على أن مصر صاحبة أقدم حضارة عسكرية في العالم، مشيرًا إلى أن تلك المواقع يجري حاليًا ترميمها لإعادة إحيائها كتاريخ ومزار عسكري عمل منذ القدم كبوابة مصر الشرقية.
إضافة إلى العمل لإعادة إحياء المسرح الروماني "البوليزيوم" الواقع بمنطقة "تل الفرما" على بعد 20 كيلو مترًا من منطقة "تل حبوه"، ويجري الآن ترميمه وإظهاره من جديد؛ تمهيدًا لجعل المنطقة مزارًا أثريًّا أيضًا، حيث سيتم عمل بانوراما تحوي تاريخ المؤسسة العسكرية المصرية منذ عهد الفراعنة أو حتى العهد الحديث، مما سيمثل نقلة وتطورًا بمجال السياحة، ويعتبر المزار هو الأول من نوعه للسياحة العسكرية.