"العلاقات بين مصر وأفغانستان تاريخية ومتجزرة وقديمة قدم حضارة البلدين"، ما سبق جملة عبر بها السفير فضل الرحمن فاضل، سفير أفغانستان بالقاهرة، على عمق العلاقات بين البلدين، واصفًا إياها بالعلاقات المتجذرة والعميقة.
كما كشف النقاب عن وجود تعاون أمنى كبير بين مصروأفغانستان، مشددًا على وقوف بلاده مع القاهرة قلبًا وقالبًا، كما تحدث السفير عن عمق العلاقات الثقافية والدينية بين البلدين، مشيرًا إلى أن الأزهر كان وما يزال قبلة طلاب العلم من الأفغان.. وإلى نص الحوار.
- فى البداية ما رؤيتكم لمستقبل العلاقات المصرية الأفغانية؟
مع بداية عام 2001 بدأت مرحلة جديدة فى أفغانستان، بالانتقال المتحضر للسلطة لأول مرة في تاريخ البلاد، إذ سلم الرئيس برهان الدين رباني السلطة إلى الرئيس حامد كرزاي بشكل سلمي، وفي هذه الفترة حظيت أيضًا العلاقات بين أفغانستان ومصر باهتمام خاص من قبل المسؤولين في البلدين، ثم بدأت العلاقات الثنائية تتمثل في ثوب جديد، فزار الرئيس حامد كرزاي ووفد من الوزراء الأفغان القاهرة وشرم الشيخ، بناءً على دعوة من نظرائهم المصريين، و زار أفغانستان أحمد أبوالغیط، وزیر الخارجیة المصری عام 2010، كما زار القاهرة عدد من وزراء الخارجية، منهم الدكتور عبدالله عبدالله، والدكتور رنكين دادفر سبنتا، والدكتور زلمي رسول، وكان آخرها زيارة الدكتور عبدالله عبدالله، الرئيس التنفيذى لجمهورية أفغانستان، ودعوته من الجانب المصري لحضور احتفالات افتتاح قناة السويس الجدیدة .
- هل توجد ضغوط دولية على حجم العلاقات بين البلدين؟
لا أظن أن تکون هناك ضغوط على أى دولة حرة مستقلة لتحجيم علاقاتها مع أي دولة أخرى، خاصة أفغانستان ومصر، نظرًا للعلاقات القديمة والتاريخية بين البلدين، والتى لا يمكن اختصارها أو التقليل منها، فهذه العلاقات متجذرة فی أعماق التاریخ.
- ماذا عن التعاون الاقتصادى بين مصر وأفغانستان؟
يوجد تعاون اقتصادي محدود حتى الآن فى مجال استيراد السجاد الأفغاني والمكسرات وبعض المنتجات الأفغانية اليدوية والجلدية، وفى مجال الأحجار الكريمة، التى تشتهر بها أفغانستان، مثل الزمرد والیاقوت واللازورد.
- هناك أنباء عن اتفاق بين مصر وأفغانستان حول إنشاء مشروعات كبرى فى قناة السويس الجديدة؟
حتى الآن لم يتم الاتفاق على أي استثمارات بين البلدين فى مشروع قناة السويس الجديدة، وربما قريبًا يتم ذلك فى إطار تقارب العلاقات بين البلدين.
- ما متطلبات المستثمرين الأفغان من الحكومة المصرية لزيادة حجم التعاون الاقتصادى؟
كأي مستثمر، وجود تسهيلات من الحكومات يزيد من حجم الاستثمار، مثل إعفاء بعض السلع من الرسوم الجمرکیة، مثلًا الهند تقوم بإعفاء بعض السلع التی تصدرها أفغانستان جوًا من الرسوم الجمرکیة، لتخفيض مصاريف التجار.
- ماذا عن التعاون الأمنى والعسكرى بين مصر وأفغانستان، خاصة فى مجال مكافحة الإرهاب؟
يوجد تعاون أمنى بين مصر وأفغانستان، والذى بدأ منذ زيارة الفریق عبدالکریم مستغنی، رئیس القوات المسلحة الأفغانیة، للقاهرة عام 1973، وتدريب الجنود الأفغان فی قوات الصاعقة المصریة فی سبعینیات القرن المنصرم، وفی السنوات الأخیرة هناك دورات تدريبية يتم منحها للضباط الأفغان فى أكاديمية الشرطة فى مجال مكافحة الإرهاب، كما يتم تنظيم دورات بصفة مستمرة لرفع كفاءة الضباط الأفغان فى كل المجالات الأمنية، ووصل عدد الأفراد المدربین حوالی ألفی ضابط.
- ماذا عن السياحة الأفغانية والتعاون فى مجال السياحة بين البلدين؟
السياحة الأفغانية قليلة جدًا فى مصر، وتنحصر فى السياحة التعليمية من الطلاب الدارسين فى الجامعات المصرية والأزهر الشريف، فيما عدا ذلك لا توجد سياحة حقيقية، نظرًا لصعوبة الحصول على الموافقات الأمنية، ولکن الأفغان الذین هاجروا خلال أربعة عقود ماضیة إلی الغرب وحصلوا علی جنسیات أجنبیة، یزورون مصر بین السیاح الأجانب بجوازات سفرهم الأجنبیة.
- ما متطلبات السائح الأفغانى والحكومة الأفغانية من السلطات المصرية لزيادة أعداد السياح؟
يتطلب الأمر من الحكومة المصریة تخفيف القيود الأمنية والإجراءات المطولة للحصول على تأشيرات السياحة لمصر، وهناك بعض الدول تشترط من الذین یطلبون تأشیرات سیاحیة وجود رصید بنکی كاف، والسفارات المصریة فی الخارج تستطيع أن تضع هذا الشرط لإصدار التأشیرة لمن يستطیع تحمل تكاليف السفر.
- حدثنا عن التعاون الثقافى بين مصر وأفغانستان فى المرحلة المقبلة؟
أفغانستان ومصر وقعتا اتفاقية للتعاون الثقافی أول مرة فی 6 فبرایر عام 1964 فی کابل، بین الدکتور عبدالحکیم ضیائی، وکیل وزارة التعلیم الأفغانی، وصلاح الدین قنصوة، سفیر مصر لدی أفغانستان، وجددت هذه الاتفاقیة فی القاهرة بین شمس الدین مجروح، سفیر أفغانستان لدی مصر، وأحمد حسن الفقی، وکیل وزارة الخارجیة المصری فی 21 سبتمبر عام 1966 فی القاهرة، وقد شملت هذه الاتفاقیة الساحات التعلیمیة والثقافیة، وتربیة الشباب، وکذلك النشاطات الإذاعیة، وفی الآونة الأخیرة قامت السفارة فى القاهرة بالعمل على تدعيم الأواصر الثقافية بين مصر وأفغانستان، عن طريق طباعة الكثير من الكتب، وترجمة العديد منها للأدباء الأفغان من اللغتین الفارسیة والبشتو إلى اللغة العربية، والعمل على نشرها فى مصر لتعريف المجتمع المصرى بالأدب والتراث الأفغانی.
- نود أن نتحدث عن جمال الدين الأفغاني، ما إسهامات العالم الجليل في نهضة الشرق وعلاقاته بمصر والعالم العربى؟
يعلم الجميع أن إلامام الجليل جمال الدين الأفغاني هو همزة وصل أخري بين أفغانستان ومصر، وهو الذي نهض ليدافع عن حرية شعوب الشرق، وجاهد جهادًا عظيمًا، وتلقي الكثير من أبناء مصر الأوفياء العلم علي يديه، مثل الإمام العظيم الشيخ محمد عبده، وأيضًا استفاد الكثيرون من أفكاره التحررية، مثل الزعيم الخالد سعد زغلول، ولا يتسع المكان للكتابة عن هذا العالم الجليل، وقد قدمت السفارة كتبًا مهمة عن السيد جمال الدين الأفغانى يمكن الرجوع لها لمزيد من الفائدة، ومنها کتاب " الرد علی الدهریین"، الذی ألفه السید جمال الدین عام 1880 فی الهند باللغة الفارسیة، وترجمه الإمام الشیخ محمد عبده أیام نفیه فی بیروت إلی العربیة، و طبعه ونشره هناك عام 1886 أی قبل 130 سنة.
- إلى أى مدى يلعب الأزهر الشريف دورًا مؤثرًا فى المجتمع الأفغاني؟
يعتبر الأزهر الشريف هو منبر العلم فى المجتمع الأفغانى، وعندما نتحدث عن الأزهر يجب أن نعرف أن الدراسة في الأزهر الشريف كانت أمنية لشباب أفغانستان، وكان كثيرون منهم يرحلون إلى مصر لطلب العلم في الأزهر الشريف، ويعودون إلى بلادهم بعد أن ينالوا حظًا عظيمًا منه، حاملين أجمل الذكريات الطيبة التي جمعتهم بإخوانهم، ومازال تأثير الأزهر يزداد قوة لدي الشعب الأفغانى، لتقديره لدور الأزهر ولإمامه العالم الجليل أحمد الطيب، وقد تولى اثنان من خریجی الأزهر الشریف منصب رئاسة الجمهوریة فی أفغانستان، هما البروفیسور صبغة الله المجددی، والبروفیسور برهان الدین ربانی، أما الذین تولوا مناصب الوزارة وسائر المناصب القیادیة فی أفغانستان فکانوا من خریجی الأزهر الشریف كذلك والجامعات المصریة، وإحصاؤهم عمل صعب، ولكن أذکر علی سبیل المثال، الشهید محمد موسی شفیق، آخر رئیس وزراء أفغانستان فی العهد الملکی .
- بمَ تفسر قلة أعداد الطلاب الوافدين للأزهر الشريف من أفغاستان فى المرحلة الحالية؟
لم تقل أبدًا أعداد الطلاب الدارسين فى الأزهر، بل على العكس الطلاب فى ازدياد ملحوظ، فقد تعهد الأزهر الشريف بأن يخصص 75 منحة دراسية سنويًا للطلاب الأفغان، كما يقدم منحًا كثيرة خارج تلك المنح لكل الراغبين فى الدراسة فى الأزهر من الجالية الأفغانية بمصر، ویجب هنا أن أشکر الإمام الأکبر الدکتور أحمد الطیب، شیخ الأزهر الشریف، بأنه لا یرد أی طلب من طرفنا لقبول الطلبة الأفغان خارج المنح المخصصة لأفغانستان، وتجاوز عدد الطلاب الأفغان 500 طالب فی هذا العام.
- ما أهم نتائج اللقاء بينك وبين الدكتور محيي الدين عفيفي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية؟
اللقاء مع الأمين العام الدکتور محيی الدین عفیفی كان لقاء وديًا وأخويًا، لمناقشة بعض المشاكل التى تواجه الطلاب الأفغان الدارسين فى مصر، وتنظيم المواقف بين السفارة ومجمع البحوث فيما يخص الطلاب، ومعادلة الشهادات للطلاب الوافدين، وکذلك بحثنا بعض بنود الاتفاقیة التی وقعت بین الأزهر الشریف ووزارة التعلیم عام 2007، وقدمنا الشکر للأزهر الشریف لتأسیسه المعهد الأزهری فی كابل.
نقلا عن العدد الورقي.