ساعات وتدق لحظة الحسم بإنتهاء المهلة الإضافية التي منحتها الدول المقاطعة لقطر من أجل مراجعة الدوحة لسياستها وعودتها إلى الحضن الخليجي والعربي، غير أن الأخيرة حتى اللحظة لا تزال من خلال تمديد المهلة للرد على المطالب غير أن الدوحة لا تزال تعمل على تسويق صورة مغلوطة على أنها "ضحية" من خلال إعلامها الذي اتضح بالدلائل أنه يفبرك أخباراً وتقارير ويلفق تصريحات، خاصة من "الجزيرة"، وهو ما يعرضها لخطوات أكثر تصعيداً يكون فيها النظام القطري خاسر.
مصر
رفض متوقع لمطالب الدول الأربع رغم تمديد المهلة وما يدل على ذلك هي تلك التصريحات التي استبقها وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني والتي أطلقها قبل أيام قليلة، فيما تدل مهلة 48 ساعة الإضافية بمثابة الفرصة الأخيرة للدوحة قبل اتخاذ خطوات تصعيدية جديدة متوقعة لا حدود لها من قبل الدول المقاطعة، تعمق أزمة الدوحة التي دفعها نهج العناد السياسي والمكابرة إلى انتهاج استراتيجية معاكسة التيار بالخروج من الصف العربي، والاعتماد كلية على محاور خارجية تسهم في كتابة سياستها الداخلية والخارجية في دعم وتمويل ومساندة الإرهاب مادياً وإعلامياً.
ظنت قطر أنها سوف تنجح في إضاعة المزيد من الوقت، وهي الاستراتيجية التي تعتمد عليها الدوحة منذ بداية الأزمة في محاولة استدرار العطف واللعب على استهلاك الوقت وإضاعته لتفريغ الموقف من محتواه، فخرج وزير خارجيتها زاعماً حرص بلاده على الحوار والتفاوض في محاولة لتكرار الخديعة القطرية في عام 2014 عندما تعهدت الدوحة بعد حوارٍ وأخذ ورد بالاستجابة للمطالب العربية ثم سارعت بنقض تعهداتها، ووصف الوزير القطري المطالب الخليجية المصرية بأنها "قدمت لترفض".
وقد تلجأ دول المقاطعة في حال رفض قطر للمطالب بعد الفرصة الأخيرة وبينها توسيع نطاق المواجهة، ليشمل المحور التركي القطري، والنظر في عضوية الدوحة بمجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية، وأيضاً توجيه إنذارات للشركات التي تتعامل مع الحكومة القطرية، إضافة إلى فضح الممارسات القطرية أمام الأمم المتحدة ومختلف المنظمات الدولية والإقليمية ومحاولة استصدار قرارات ضد الدوحة.
التهديد القطري
تقول صحيفة البيان الإمارتية إن هناك سلسلة من الخطوات التي بوسع الدول المقاطعة اتخاذها في إطار التصعيد ضد قطر، من بينها أن تتقدم أي من تلك الدول بطلب إلى جامعة الدول العربية لمناقشة بند يُسمى صراحة "التهديد القطري للأمن القومي العربي" خاصة أن الدوحة صارت مهددة بصورة مباشرة للأمن القومي العربي، الأمر الذي يستلزم تدخلاً حاسماً يوقف تلك الممارسات القطرية.
وقالت الصحيفة أن تعليق أو تجميد عضوية قطر في مجلس التعاون الخليجي يأتي ضمن الخطوات التي يجب العمل على اتخاذها عقب أن أظهرت الدوحة من جانبها إصراراً غريباً على مواقفها وخرج وزير خارجيتها محمد بن عبد الرحمن آل ثاني يعلن رفض بلاده المطالب التي تقدمت بها الدول المقاطعة.
مجلس الأمن
أما السفير المصري السابق لدى الدوحة محمد المنيسي فقال أن أبرز التحركات والخطوات العملية التي يمكن اتخاذها من قبل الدول المقاطعة لقطر، وشدد في البداية على أن الرفض القطري للمطالب متوقع، فلا يمكن للدوحة الاستجابة للمطالب في ضوء حرصها على استمرار مواقفها وسياساتها المختلفة.
ويوضح أن قطر ترتكز على بعض الأمور مثل ثرائها المالي الذي يعطيها فرصة للمقاومة، غير أنه يلفت في السياق ذاته إلى سلسلة من القرارات التي تتخذها دول المقاطعة، لا سيما المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، والتي يكون لها تأثيرات سلبية وخيمة على الاقتصاد القطري. كما يلفت إلى التطورات السلبية التي يعانيها الاقتصاد القطري، من بينها اتجاه بعض البنوك إلى وقف التعامل بالريال القطري.
المحاكمة
واشارت الصحيفة إلي احتمالية لجوء الدول الأربع إلى مقاضاة قطر أمام المحكمة الجنائية الدولية أمر وارد خاصة إذا ضيعت الدوحة فرصتها الأخيرة، مشدداً على أن المحكمة الجنائية الدولية تقبل الدعاوى من ثلاث جهات مُحددة، هي (المدعي العام للمحكمة، ومجلس الأمن، والدول المتضررة التي يمكن أن تطلب من المجلس إحالة الملف للجنائية الدولية)، وباستخدام الأدلة القاطعة يمكن إحالة الملف، غير أنه يتوقع أن يكون ذلك الكارت الأخير، وأن تواصل الكويت دور الوساطة وتنبيه الدوحة إلى أن الموضوع سوف يتم تصعيده وإحالته للمحكمة الجنائية.
السعودية
مع انقضاء مهلة العشرة أيام الأولى وهي الفترة الزمنية التي حددتها دول المقاطعة لقطر،على أن تستجيب للمطالب الـ13، ورغم إمهال الدوحة 48 ساعة إضافية جديدة، يبدو من خلال المؤشرات السياسية، خصوصاً تصريحات وزير دفاع قطر خالد العطية من أنقرة، التي قال فيها إن "هذه المقاطعة أشبه بحرب من دون دماء"، أن موقف قطر الجديد سيكون أكثر سلبية في استهداف أمن دول الخليج، ذلك أن المسؤولين القطريين وخصوصاً وسائل الإعلام، أصبحت تستخدم لغة الحرب في أكثر من موقع إعلامي وخطاب سياسي، ما يشير إلى أن قطر قررت المواجهة مع دول المقاطعة.
ويرى الكاتب السعودي د. محمد الحربي أن قطر كل المؤشرات تدل على قطر مصرة على أن تستمر في هذه الأزمة وتعمل على استعطاف الدول من خلال التباكي على المقاطعة، لا سيما أنها تسعى لتسميتها بـ"الحصار".
وأضاف أن الشعب القطري اليوم معني أكثر من أي وقت مضى بتحديد سياسة بلاده حيال ما يجري في المحيط الخليجي، مشيراً إلى أنه ليس من الطبيعي أن تتحكم نخبة من آل خليفة بالحكم وتجلب الأذى للشعب القطري، بسبب سياسات باتت سلبية على كل الدول المحيطة.
أما المحلل السياسي السعودي د. إبراهيم ناظر فيرى أن الممارسات القطرية ما هي إلا مكابرة على الجرح الاقتصادي والسياسي، مشيراً إلى أن حجم الخسائر القطرية في المقاطعة قادرة على إعانة قطر سنوات، وكان بإمكان قطر أن تتجنب هذه العقوبات إلا أنها أصرت أن تمضي بسياستها ضد دول المقاطعة في إشارة إلى التحدي لهذه المقاطعة.
الأردن
انقسم المحللون والسياسيون في الأردن بشأن السيناريوهات المحتملة فيما بعد انتهاء مهلة الـ48 ساعة الإضافية الممنوحة لقطر للرد على المطالب الخليجية والعربية، فهناك من رأى أن الدول المقاطعة يمكن أن تمنح الدوحة مهلة جديدة، بينما رأى البعض الآخر أن قطر استنفدت كل السبل ولم يبق سوى خيار التصعيد.
ويعتقد عضو مجلس النواب السابق محمد أرسلان أن الدول المقاطعة ستتجه إلى خيار التصعيد، وخاصة أن الموقف القطري قد أبدى رفضه للمطالب بشكل أو بآخر، وقال أرسلان: "حاولت قطر من خلال تحركات سياسية ودبلوماسية أن تستقطب دول العالم إلى صالحها، ولكنها حصدت الفشل".
فلسطين
يبدو أن قطر اختارت طريق اللاعودة إلى الحضن الخليجي والعربي وفضلت القفز في المجهول، فخطواتها على مدار الأيام الأخيرة تدلل على عنادها بعد اصطفاف تركيا وإيران بجانبها، وسط ترقب لما سوف يجري عقب انقضاء المهلة الإضافية التي منحتها الدول الأربع لقطر.
ويرى محللون فلسطينيون أن الخيارات المقبلة على قطر ستكون صعبة جداً، وقد تنقل قطر إلى مربع خطير بعد انتهاء المهلة، تكون له عواقب وخيمة عليها في حال رفضها الاصطفاف مع دول الخليج في اجتثاث الإرهاب، سواء من حركات أو أحزاب أو دول أو أفراد أو جماعات.
ووتقول الصحيفة إنه يجب على الدول المقاطعة أن ترسل رسائل إلى الشعب القطري بأنكم لستم مقصودين بهذه الإجراءات، وتقديم الخدمات اللوجستية لهم ومعاقبة القيادة القطرية فقط، من خلال الكثير من الإجراءات السياسية التي يمكن أن تنفذ ضدهم.
ومن هذه الخيارات رفع دعاوى ضد قطر في المحاكم الدولية لاحتوائها الإرهاب، وشن حملات مقاطعة وعدم استقبال في الدول العربية باتخاذ قرارات من خلال جامعة الدول العربية. أما المحلل السياسي أكرم عطالله فيرى أن الخيارات الصعبة ستكون مقبلة على قطر، من خلال قرارات جديدة سياسية واقتصادية ودبلوماسية تذهب إليها دول المقاطعة تجاه قطر.