تحتفل وزارة الآثار يوم " الخميس" المقبل بمرور 30 عاما على الحفائر بسيناء - المدخل الشرقي لمصر - حيث تنظم بالتعاون مع متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية معرضًا بعنوان " ثلاثون عامًا حفائر بالمدخل الشرقي لمصر 1987-2017 " ويستمر حتى 30 يوليو الحالى بالقاعة الغربية بمركز المؤتمرات بالمكتبة.
ومن المقرر أن يفتتح فعاليات المعرض الدكتور خالد العنانى وزير الآثار والدكتور مصطفى الفقى مدير المكتبة وبحضور عدد من وزراء الاثار السابقين ونخبة من الأثريين والمتخصصين.
وأكد الدكتور محمد عبدالمقصود رئيس قطاع الاثار المصرية السابق أن المعرض ضخم يضم حوالى الف لوحة تحكى تاريخ الاكتشافات الأثرية فى سيناء على مدى 30 عاما والتى شارك فيها حوالى 600 أثري من جميع أنحاء مصر، واشرف عليها 11 من رؤساء هيئة الآثار ووزراء الآثار، موضحا انه من المقرر أن يجوب المعرض عددا من محافظات مصر نظرا لاهميته التاريخية والاثرية.
وأشار الى أن الاكتشافات الآثرية فى سيناء قامت بها 27 بعثة آثار مصرية وأجنبية ( 14 بعثة مصرية و13 أجنبية ) على مدى 30 عاما فى 23 موقعا اثريا، وكانت لقلاع حربية قديمة من العصور الفرعونية وحتى الإسلامية، لافتا الى أنه شارك فى أول حفائر بدأت فى سيناء بقرار من الدكتور احمد قدرى رئيس هيئة الاثار فى ذلك الوقت، والتى نجحت فى اكتشاف حمامات وقلعة بلوزيوم.
وأوضح أن المعرض يكشف عن التاريخ المصري العسكري، والعمارة العسكرية ؛ بهدف إبراز تاريخ تلك المنطقة بأكملها وأهميتها العسكرية منذ أقدم العصور حتى العصر الحالي، الى جانب أهمية إنشاء بانوراما لتاريخ مصر العسكرى فى المدخل الشرقى، والتى جارى العمل حاليا فى إعداد المادة العلمية لها، حيث أن حفائر المدخل الشرقى وسيناء على مدى 30 عاما قدمت من الاكتشافات الأثرية ما يدل على تطور العمارة والتحصينات العسكرية فى مصر عبر العصور، مؤكدا أن العمل الأثرى بسيناء مازال مستمرا وسوف تستمر معاول الآثاريين المصريين للكشف عن آثار سيناء ومدخل مصر الشرقى.
وعن تاريخ 30 عاما من الحفائر فى سيناء قال رئيس قطاع الاثار المصرية السابق إن الحروب والأحداث السياسية التى مرت بها سيناء كانت سببا فى تأخر الاكتشافات الأثرية للمدخل الشرقى لمصر لعشرات السنين، وبإنهاء الجيش المصرى الإحتلال الإسرائيلى لسيناء فى6 أكتوبر 1973 وعودة سيناء كاملة للسيادة المصرية، خاضت مصر معركة دبلوماسية لمدة 10 سنوات لاستعادة آثار سيناء التى استولت عليها إسرائيل بعد حرب يونيو 1967، والتى قامت بالتنقيب غير الشرعى فى العديد من المواقع الأثرية فى شمال وجنوب سيناء فى 35 موقعا أثريا.
وأضاف انه بالضغط الشعبى والإعلامى المصرى والدولى ضد إسرائيل نجحت الدبلوماسية المصرية فى استعادة آثار سيناء بدعم من وزارة الخارجية المصرية ووزير ثقافة مصر فى ذلك الوقت فاروق حسنى، ورئيس هيئة الآثار المصرية الدكتور أحمد قدرى، والوفد المصرى المفاوض، والدكتور عبد الحليم نور الدين رئيس الوفد المصرى، وتم استلام الآثار العائدة عبر منفذ رفح البري واستقبلت باحتفال رسمى وشعبى من أبناء سيناء.
وأوضح انه باستعادة آثار سيناء بدأت أعمال الحفائر للبعثات المصرية والأجنبية للكشف عن تاريخ وآثار المدخل الشرقى لمصر لتخرج من تحت الرمال آثارا لمدن وموانىء وقلاع مصرية قديمة، وأكد أن مشروع تنمية سيناء على مياه ترعة السلام هو المشروع الذى تواكب معه فى عام 1992 قيام هيئة الآثار المصرية بتنفيذ مشروع إنقاذ آثار شمال سيناء بإجراء حفائر فى مسارات ترعة السلام وبتكثيف أعمال التنقيب بالمواقع الأثرية فى المثلث المعروف ب (سهل الطينة القنطرة بالوظة بور فؤاد ) وهو المثلث الذهبى للآثار لكثرة عدد المواقع الأثرية من العصور مصر الفرعونية وحتى العصور الإسلامية.
وكشف عن نقطة البداية لأول حفائر لهيئة الآثار المصرية بسيناء والتى كانت عام 1983فى منطقة آثار بلوزيوم تل الفرما، التى كان لها النصيب الأكبر من أعمال التنقيب حيث تم الكشف عن أكبر المسارح الرومانية فى مصر من القرن الخامس الميلادى، وسبق أن تعرض المسرح للتدمير من قبل القوات الإسرائيلية أثناء حرب 1967 بسبب قيام القوات الإسرائيلية باستخدام منطقة بلوزيوم كقاعدة عسكرية، مما أدى إلى تدمير الطبقات الأثرية فى مساحة 250 ألف متر مربع منهم مسرح بلوزيوم ومحطة المياة الرئيسية للمدينة وأجزاء من أسوار قلعة بلوزيوم، مما استدعى القيام بعملية ترميم معماري للمسرح ومبانيه استغرقت نحو 10 سنوات بفريق من أخصائي الترميم المصريين.
وبالنسبة لاهم الاكتشافات الأثرية التى سجلتها البعثة المصرية بالمدخل الشرقى بمصر، أشار الى أنها كانت فى تل حبوة على بعد 3 كيلو مترات شرق قناة السويس المعروف قديما باسم "ثارو"، حيث تم الكشف عن أضخم تحصينات عسكرية ل 4 قلاع من عصر الدولة الحديثة، موضحا أن تل حبوة ثارو يعد هو نقطة البداية لطريق "حورس "القديم بين مصر وفلسطين الذى سجله النقش الشهير لرحلة الملك سيتى الأول عبر حدود مصر الشرقية.
وأضاف أنه من قلعة ثارو بالقنطرة شرق بتل حبوة خرجت منها كل جيوش مصر الفرعونية ناحية الشرق تحت قيادة الفرعون تحتمس الثالث لمعركة مجدو، والملك رمسيس الثانى لمعركة قادش أشهر معارك مصر الفرعونية لتأمين حدود مصر الشرقية والتى سجلت على واجهات المعابد المصرية.
وتابع قائلا إنه تم الكشف بالحفائر بتل حبوة عن نقوش هامة لملوك مصر العظام، ومنهم تحتمس الثانى، وتحتمس الثالث، ورمسيس الأول، وسيتى الأول، ورمسيس الثانى، بالإضافة إلى منشآت مهمة لمخازن وصوامع داخل قلاع وتحصينات عسكرية مهمة بتاريخ العسكرية المصرية وتحرير مصر من الغزاة الهكسوس وطرد الملك أحمس الأول لهم من قلعة ثارو بتل حبوة بالقنطرة شرق كما ورد فى بردية " ريند " بالمتحف البريطانى، والتى ذكرت سقوط قلعة ثارو قبل حصار عاصمتهم أفاريس بالشرقية.
وعرض عبد المقصود أهم اكتشافات البعثة المصرية فى مدينة بلوزيوم وهو الكشف عن قلعة بلوزيوم الرومانية التى بنى على أنقاضها قلعة أخرى من العصر العباسى وتحديدا عصر الخليفة المتوكل على الله، على يد والى مصر عنبسة بن إسحاق الضّبى عام 239 هجرية الموافق 853 ميلادية، وشهدت أسوار القلعة وأبراجها ومداخلها عملية ترميم معمارى كبيرة على يد فريق ترميم مصرى، كما كشفت بعثة الحفائر عن حمامات رومانية من ناحية الشمال والجنوب من القلعة.
وأوضح أن أعمال الحفائر فى المواقع الأثرية بسهل الطينة استمرت من خلال مشروع ترعة السلام بموقع تل الفضة 3 كيلو مترات شرق قناة السويس، حيث تم الكشف عن قرية بيزنطية كشف بها عن منازل وخزانات مياه والعديد من القطع الأثرية معظمها من الفخار المستخدم فى الحياة اليومية.
واستعرض الاكتشافات الأثرية بموقع آثار تل الحير على بعد عشرين كيلو مترا شرق قناة السويس، مشيرا الى أن البعثة المصرية الفرنسية المشتركة كشفت عن مبانٍ لمنازل وأسوار قلعة مبنية بالطوب اللبن الإسطوانى الشكل، والذى يكتشف للمرة الأولى فى مصر، كما أسفرت الاكتشافات عن 3 قلاع بنيت أقدمها فى العصر الفارسى وأحدثها فى العصر الرومانى بالإضافة إلى حمام بطلمى يقع إلى الشرق من المدينة.
وأشار الى أن الحفائر بموقع مدينة القنطرة شرق الحالية اسفرت عن الكشف عن جبانة رومانية لنوعيات مختلفة من طرق الدفن سواء مقابر مكونة من قطعتين من الفخار، أو مبنية من البلوكات الحجرية أو الدفن فى توابيت حجرية بالإضافة إلى الدفن المباشر فى الرمال فى صفوف.
وبالنسبة للاكتشافات بالمدخل الشرقى لمصر للبعثة المصرية بتل أبو صيفى بالقنطرة شرق على بعد 3 كيلو مترات من قناة السويس، أوضح أن معاول الأثريين المصريين كشفت عن قلعة "سيلة" الرومانية التى بُنيت بالطوب اللبن والتى بنيت على أنقاض قلعة أقدم منها من العصر البطلمى، لافتا الى أن الحفائر داخل القلعة كشفت عن معبد ومنطقة مخازن ومعسكر وشوارع متعامدة ومتقاطعة بالإضافة للكشف عن ميناء غرب الموقع، وعدد كبير من القطع الأثرية من الفخار والعملات من العصر الرومانى والبطلمى.
ولفت الى أن البعثة المصرية فى غرب قناة السويس وعلى مسار الفرع البلوزى القديم للنيل فى منطقة آثار تل دفنة كشفت خلال عامى 2007 2008 عن قلعة ضخمة للملك "بسماتيك الأول" ذات أسوار ضخمة، كما تم الكشف عن معبد ذو 3 صالات كبيرة، وصفين من المخازن على جانبى المعبد، وإلى الشمال من المعبد تم الكشف عن منطقة تصنيع الأسلحة ومجموعة من الأفران والمخازن الضخمة.
وعن آخر الاكتشافات الآثرية بسيناء، كشف الدكتور محمد عبدالمقصود عن اكتشاف قرية محصنة مقامة على ضفة الفرع البيلوزى القديم للنيل فى محور 30 يونيو بتل دفنة، وكذلك عدد كبير من المنازل ذات الأبراج العالية وذلك من خلال العمل المتواصل لعام 2016 بفريق عمل متميز من عدة مناطق فى مصر.