أكد مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء المصرية أن العمليات الإرهابية المدعومة من تيارات متطرفة تلتحف بعباءة الدين، تستوجب تنفيذ استراتيجيةمواجهة تجمع بين الهجوم السريع العاجل الهادف لمحاصرة وتفكيك خطر الإرهاب والتطرف، وبين جانب دفاعي ممتد دائم يستبق العمليات الإرهابية للوقاية من مخاطرها.
قال المرصد،إن استقراء التجارب الدولية والإقليمية في مواجهة الإرهاب تنقسم إلى: استراتيجيات سريعة وعاجلة تستهدف العناصر المتطرفة، في طور تنفيذ العمل الإرهابي،واستراتيجات طويلة المدى تستهدف تجفيف منابع التطرف ومحاصرته ومنعه من الانتشار من خلال برامج تربوية وتنموية وإجراءات قانونية واجتماعية.
تناول التقرير عدة آليات في إطار مواجهة الإرهاب والفكر المتطرف وهي: استشعار الإرهاب، وتوفير الشريك المجتمعي، والحواضن المجتمعية، والمحتوى البديل على الإنترنت.
اقترح التقرير إنشاء كيان رسمي يتولى استشعار التطرف والتحذير منه، وذلك على مستويات متعددة (الأفراد – المنظمات والهيئات – المطبوعات والإصدارات – الإنترنتوصفحات التواصل الاجتماعي)، وتضم تلك الهيئة ممثلين عن المؤسسات الدينية ووزارات (الداخلية – التعليم – التعليم العالي – التضامن الاجتماعي) وتكون مهمته متابعة ورصدالسلوكيات والتصرفات والكتابات التي تميل للتطرف وتدعو إليه، سواء على مستوى الأفراد أو الهيئات أو على الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، إضافة إلى المطبوعاتوالكتيبات التي يتم توزيعها، هذا بجانب متابعة خطابات الدعاة والوعاظ بالأزهر والإفتاء والأوقاف لرصد ملامح الخطاب الديني المعتمَد لدى القيادات الدينية.
أكد التقرير ضرورة العمل علي وجود شريك مجتمعي فعليٍّ محدد في مواجهة الإرهاب والتطرف من خلال تأهيل وتدريب عدد من الأئمة والشباب والمفكرين وقادة الرأي ليشكلوافريقًا يمكن أن يطلق عليه "الشريك المجتمعي" يقوم بأدوار المناصحة والمراجعة للأفراد المحتمل تطرفهم، ولعب دور تنويري وتوعوي، وفي حالة فشله في إقناع الفرد بتركالتطرف والعنف، يمكن مراجعة الجهات الأمنية لاتخاذ التدابير اللازمة لمنعه من ممارسة العنف وحماية المجتمع من احتمالات تعرضه لأعمال تخريبية، وقد طبقت المغرب هذاالبرنامج وحققت معدلات نجاح كبيرة.
ولفت المرصد إلى أهمية توفير حواضن اجتماعية مضادة للإرهاب والتطرف في مواجهة تلك الحواضن الداعمة له؛ لأن عملية فك الارتباط بين الفرد المحتمل تطرفه والفكرالمتطرف تمثل خطوة في الاتجاه الصحيح، إلا أنه لا بد أن تتبع بخطوة خلق حاضنة بديلة لهذا الفرد حتى لا يصاب بالانتكاسة ويعود من حيث بدأ، ومن هنا تنبع أهمية الحاضنةالبديلة، وهي تلك البيئة الاجتماعية والدينية التي يتم دمج الفرد المحتمل فيها بديلًا عن البيئة المتطرفة التي جذبته في السابق، وتتطلب هذه الاستراتيجية:
١- تأهيل القيادات الدينية ودعمها لإقامة أنشطة وكسب عقول الشباب حول المساجد.
٢- تكوين تجمعات شبابية قريبة من إمام المسجد على أن يتم تأهيلها لتكون نواة للاعتدال والقيم السمحة، بحيث تمثل تلك التجمعات الحواضن البديلة للشباب العائد من التطرف.
٣-تشجيع ممارسة أنشطة دينية في مراكز الشباب والمدارس والجامعات؛ لتستوعب الطاقات الدينية للشباب من خلال ندوات ومسابقات دينية وثقافية تحت رعاية الجهات المختصة.
كذلك دعا المرصد في تقريره إلى التنسيق مع شركات محركات البحث على شبكات الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي لجعل المحتوى المعتدل أسهل وأيسر في الظهور بديلًاعن المحتويات المتطرفة التي تنتشر على شبكات الإنترنت، وقد نجحت في هذا المجال العديد من دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، وذلك بالتنسيق والتعاون معشركات التكنولوجيا العملاقة.