مفتي الجمهورية: نرسل تقارير المرصد إلى مراكز البحث العلمي داخل مصر وخارجها

أكد الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، أن خطر الأفكار المتطرفة ليس وليد اليوم، ولكنه ممتد منذ قديم الزمان يظهر لفترة ثم يندثر، وقد بين ذلك الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم فقال تعالى: (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ)، فهذه سنة الله وحكمته.

وأشاد فضيلته بجهود القوات المسلحة وقوات الأمن في دحض ومحاربة الإرهاب، معزيًا الوطن في شهدائه الأبرار الذين ارتقواوهم يدافعون عن الوطن وسلامته وأمنه، مؤكدًا أن المصريينجميعًا ماضون في الحفاظ على مصر والدفاع عنها.

وأضاف خلال حلقة برنامج "من ماسبيرو"، الذي يذاع كل خميس على القناة الأولى المصرية، أن الفهم الصحيح الوسطي للدين هو حصن الأمان أمام أي أفكار متطرفة، فحفظ الله لكتابه يستلزمحفظ المنهج الصحيح الذي يضع أوامره ونواهيه في سياقهاالصحيح وتفعيله على أرض الواقع بمنهجية علمية منضبطة.

وأشار فضيلة المفتي إلى أنه في أواخر عام 2013 ظهرت علىالساحة بعض المجموعات الإرهابية التي هي الآن مغذية لجماعاتالتطرف والإرهاب، وهي مجموعات وراءها تنظيمات ودول وأجهزةتمولها وتدعمها، لذا قامت دار الإفتاء المصرية بدراسة المشهد فيمصر والعالم الذي أصبح كله مهددًا، فكان لا بد من وقفة.

وأشار مفتي الجمهورية إلى أن "سيد قطب" صدَّر فكرة "جاهلية المجتمع" واعتبر أن المجتمعات الآن قد عادت إلى الجاهلية ولا بد من عودتها مرة أخرى إلى الإسلام، وأنه لكي يحدث ذلك فلا بد من قوة فيما وصفهم بـ "فتية آمنوا بربهم" ليعيدوا الناس إلى المسار الصحيح على زعمه.

وأوضح فضيلته أن أفكار سيد قطب هذه تؤكد على حتمية الصراعمع المجتمع بكافة مكوناته سواء القوات الأمنية والعسكرية أوالمجتمع المدني لنشر تلك الأفكار، وبالتالي يصبح القتل والتدميروأخذ الأموال داخلًا في حيز الإباحة عنده من أجل إعادة الناسعن جاهليتهم.

وأوضح أن الدار بعد أن استشعرت خطر التطرف والإرهاب وضعتاستراتيجيتها لمواجهة الفكر المتطرف والجماعات الإرهابيةفسارت في خطين متوازيين الأول وهو محور البناء والمحورالثاني دفع السلبيات وتفكيك الفكر المتطرف.

وأضاف أن المحور الأول يتمثل في التأكيد على مواجهة الفتاوىالمتطرفة بتفكيكها وتحليلها، والتأكيد على ضرورة قيام الفتاوىعلى المنهج الصحيح والبناء الأخلاقي الإيماني المتكامل، لأن الدينما جاء إلا من أجل العمران وصالح البشرية جمعاء سواء للمسلمينأو غيرهم، وذلك يستلزم تفكيك الأفكار المتطرفة التي شوهت هذاالدين القويم، خاصة أن المتطرفين قد ركزوا على قضية المظهروأهملوا الجوهر.

وقال المفتي: "من أجل ذلك أنشأنا في دار الإفتاء أوائل عام2014 "مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة"، الذي يعملعلى مدار 24 ساعة، ويقوم برصد كل الفتاوى والآراء المتشددةوتصنيفها وتحليلها، ونخرج بتقارير تفكك هذه الأفكار المتطرفةبعدة صور ومخرجات متعددة.

وأشار إلى أن المرصد منذ إنشائه قام بإصدار أكثر من 150 تقريرًاتحليليًّا، وفي نهاية كل تقرير يقدم حلولًا ويقترح إجراءات يجبأن تتخذ.

وأوضح علام أن من التقارير المهمة التي أصدرها المرصد،تقريرًا رصد الوسائل والطرق التي تعتمد عليها الجماعات المتطرفةلجذب عناصر جديدة إليها واستغلالهم في القتل، حيث توصلالتقرير إلى أن من هذه الوسائل استخدام الأناشيد الحماسيةلتشجيع عناصرهم على جهادهم المزعوم وقتل الناس.

وقال مفتي الجمهورية: "استمعنا إلى 100 شريط من أشرطة داعشالحماسية التي تلهب حماسهم فوجدنا أن أكثر كلمة متكررة فيهاهي كلمة "ذبح" وكلمة "سيف" وكلمة "قتل" وغيرها، مما يعد دعوةصريحة للقتل وبدم بارد، فتجعل الإرهابي المتطرف مقبلًا علىالقتل كأنه حدث له "غسيل مخ".

وأضاف أنه من التقارير المهمة أيضًا التي أصدرها المرصد،تقرير حول الاستغلال السيئ من قِبل "داعش" للمرأة واستخدامهافيما يسمى بـ "جهاد النكاح" وكذلك في العمليات العسكرية بهمجية، وبيعهم للنساء المختطفات كسبايا، مما شوه الإسلامتشويهًا كبيرًا.

هذا فضلا عن استغلالهم للأطفال في مخالفة صريحة لمبادئالإسلام والقوانين الدولية، فيستخدمونهم في عملياتهم الإرهابيةالتي يسمونها "جهادًا" مع أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لميكن يسمح للأطفال بالجهاد الذي هو مشروع.

وأضاف أن دار الإفتاء تقوم بإرسال هذه التقاريرإلى مراكز البحث العلمي داخل مصر وخارجها، وكذلك الأجهزةالمعنية في مصر، وذلك في صورة عدة مخرجات منها الفتاوى أوالمقالات أو الكتب أو الأبحاث أو الفيديوهات والبوستات علىمواقع التواصل الاجتماعي والإنترنت.

وأشار إلى أن الكثير من مراكز الأبحاث المتخصصة في مصروخارجها أشادت بتقارير دار الإفتاء المصرية وبعضها اتخذ هذهالتقارير مرجعًا له، مما يدل على مدى تأثير هذه التقارير، ومن هذهالمراكز مركز بحث بريطاني وآخر أمريكي، اهتما اهتمامًا كبيرًابالتقرير الأخير للمرصد، والذي تعرض لمسح كامل للفتاوىالمتطرفة فيما يخص التعامل مع المسيحيين، وأظهر أن 70% منفتاوى المتطرفين تحرم التعامل مع المسيحيين و20% منهامكروهًا و10% فقط تبيح التعاملات، وهو ما يؤدي إلى هدم مبدأالتعايش والسلم المجتمعي.

وأوضح أن المرصد كذلك قام بمسح كامل لكل مؤلفات تنظيم"داعش" الإرهابي والرد عليها وتفنيدها وتم نشر تلك الردود بصورعديدة، هذا فضلًا عن إنشاء الدار لمجلة "Insight" باللغةالإنجليزية والتي أطلقتها للرد على مجلة "دابق" التي يصدرهاتنيظم "داعش" الإرهابي، لافتًا إلى أن الدار بصدد جمع أعدادالمجلة كلها في مجلد كبير.

وأشار فضيلة المفتي إلى أن مجهودات الدار في مكافحة التطرفوالإرهاب لم تقف على حدود الداخل فقط، ولكن كان لها جهودكبيرة في الخارج، وذلك عبر الجولات الخارجية في جميع قاراتالعالم من قبل فضيلته وكذلك علماء دار الإفتاء وذلك إلى قاراتأمريكا وأستراليا وأوروبا وآسيا وكذلك أفريقيا، للتعريف بصحيحالدين وعرض استراتيجيتنا في مواجهة الإرهاب.

وقال فضيلته: "لمسنا من خلال لقاءاتنا بالمسؤولين وقادة الرأيفي تلك الدول أن هناك حاجة ملحة لمثل هذه الجهود المبذولة منقبل الدار، وأطلعناهم على الكثير من إصدارات دار الإفتاء والتيمنها موسوعة دار الإفتاء التي تضم 1000 فتوى وردت إليها منالغرب وتم ترجمتها والرد عليها باللغات الإنجليزية والفرنسيةوالألمانية والإسبانية".

وأوضح فضيلته أن الدار تقوم كذلك بالتعاون مع وزارة الخارجيةالمصرية بتوصيل إصدارات الدار وفتاواها إلى سفارات مصر فيالخارج، مشيرًا إلى أن الدار بصدد نشر موسوعة لتفكيك الفكرالمتطرف خلال الأيام القليلة القادمة باللغتين العربية والإنجليزية.

ولفت مفتي الجمهورية إلى أن الدار استقبلت خلال شهر رمضان مايقرب من 3 آلاف فتوى في اليوم الواحد، وبعد رمضان ما يقربمن 2400 فتوى يوميًّا، من داخل مصر وخارجها، مما يؤكد أنالناس أصبحت تدرك أهمية الحصول على الدين والفتاوى منمصادرها الموثوقة والمعتمدة.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً